الولايات المتحدة إحدى أغنى البلدان في العالم بكل المقاييس. ولكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن حياة الفقراء في بلد غني مثلها تزداد سوءا.
هناك آليات لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للصدمات الاقتصادية في جميع الدول المتقدمة. في الولايات المتحدة هناك ما يسمى بالبرامج النقالة للحكومة، التأمين ضد البطالة والكوبونات الغذائية والتخفيضات الضريبية. وهي مصممة لتخفيف أثر الركود على السكان، وخاصة الجزء الفقير منهم. تعيد الدولة توزيع الأموال لصالح من هم في أمس الحاجة إليها، والذين من المرجح أن ينفقوا المال المستلم على الفور. وينبغي لتلك «عوامل الاستقرار التلقائية» ليس فقط خفض التوتر الاجتماعي، ولكن أيضا المساهمة أن في استعادة الاقتصاد.
قدمت هيلاري هوينس (جامعة كاليفورنيا في بيركلي) وماريان بيتلر (جامعة كاليفورنيا في ايرفين) في الاجتماع السنوي لجمعية الاقتصاد الأمريكية نتائج الدراسة، التي تهدف لمعرفة مدى فعالية «عوامل الاستقرار التلقائية» في الولايات المتحدة. تم تحليل البيانات على البطالة ومستوى الدخل، مع الأخذ بعين الاعتبار الضرائب والتحويلات في الولايات المختلفة. تم مقارنة فترات الركود العميق في ثمانينات القرن الماضي مع أحدث فترات الركود في السنوات الأخيرة.
إستنتج الاقتصاديون من كاليفورنيا أن الدولة تحمي الآن المواطنين الأكثر ضعفا بشكل أسوأ بكثير مما كان في ثمانينات القرن الماضي . حسب تقييم وهوينز و بيتلر أدت الزيادة في معدل البطالة بنقطة مئوية واحدة خلال فترة الركود في عام 2008 إلى زيادة في نسبة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 64 سنة، الذين يعيشون في أسر يبلغ دخلهم أقل من نصف مستوى الكفاف بنسبة قريبة من عشرة في المئة. من 1980 كان تأثير معدل نمو البطالة خلال فترة الركود في ثمانينات القرن الماضي أقل بحوالي نصف الحجم.
ويبين الرسم البياني كيف أن الزيادة في معدل البطالة بنقطة مئوية واحدة تحدد ديناميات عدد الأسر من ذوي الدخل دون مستوى الكفاف. المعايير هي الدخل مع مراعاة تخفيض الضريبة والتحويلات (ATTI).
فمن الصعب أن نتصور كيف يمكن للمرء أن يعيش على دخل يعادل نصف خط الفقر الرسمي. وانطلق هوينز و بيتلر من حقيقة أن في عام 2013 كانت تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد أكثر بقليل من 9 آلاف دولار سنويا. ويقدر أنه في حال أكثر من 7 ملايين أسرة كان الدخل أدنى من هذا المستوى.
ويعتبر الاقتصاديون أحد أسباب تدهور الحالة الاقتصادية للأسر الأكثر فقرا هي إصلاحات الرعاية الاجتماعية في تسعينات القرن الماضي. اختصرت هذه الإصلاحات الفوائد النقدية إلى حد كبير. وهكذا، في عام 1996 غير الكونغرس الأميركي «المساعدة المالية للأشخاص ذوي الأطفال المعالين» إلى برنامج «المساعدة المؤقتة للأسر المحتاجة». الغرض إعطاء الناس حافزا للعودة إلى العمل بسرعة أكثر.
لدى أمريكا العديد من الطرق لتحسين الحماية الاجتماعية من دون سحب الأسباب المحفزة للعمل دون سبب وجيه. على سبيل المثال، قانون «الحصول على الرعاية الصحية» يوفر الدعم الرعاية الصحية للأسر الأكثر فقرا. يمكنهم توسيع برنامج التخفيضات الضريبية، التي من شأنها أن تزيد من دخل العمال ذوي الأجور المنخفضة. و يمكن أن تضعف القواعد التي تقيد تقديم المساعدة المالية المباشرة من الدولة في حالة الطوارئ في فترات الركود الشديد .
وفقا لخبراء الاقتصاد، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية لأكثر من 60٪ في عام 2014 وبلغ نحو 54 ألف دولار. إن دولة غنية كهذه تستطيع أن توفر رعاية أفضل للمواطنين الفقراء.