الأحداث التي سبقت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 تتكرر مرة أخرى أمام أعيننا. ويبدو أن القصة تتكرر حرفيا، ولكن معظم الناس لا يلاحظون هذا.
تدعي وسائل الإعلام الرئيسية والعديد من السياسيين أن الأمور بطريقة ما سوف تسير على ما يرام، ويبدو أن هذا كاف لمعظم الناس. ومع ذلك تظهر بوادر الأزمة المالية المقبلة بين الحين والآخر في الأفق. نحن بحاجة فقط لفتح أعيننا والنظر إليها.
أصدر بيل غروس الذي يعتبره الكثيرون السلطة الرئيسية في العالم على السندات الحكومية مؤخرا توقعات استثماراته في يناير. من الصعب أن نتذكر وقتا كان فيه غروس متشائما حول العام الجديد، كما هو عليه الآن. على سبيل المثال، يمكننا أن ننظر إلى تصريحه هذا:
«تظهر نتائج العام أن علامة الناقص قد ظهرت قبل رقم الدخل في العديد من فئات الأصول. لقد ولت الأيام الجيدة».
وينهي رسالته بالتالي:
«وهكذا في وقت ما في المستقبل في أيام ما من مارس أومايو أو نوفمبر 2015 قد يصبح العائد على فئات الكثير من الأصول سالبا.
ما ينبغي النظر إليه في هذا العالم الغريب؟ الأصول ذات الجودة العالية مع التدفق النقدي المستقر. ويمكن أن تشمل هذه السندات الخزانة وسندات الشركات عالية الجودة، وكذلك أوراق الشركات غير المثقلة بديون كبيرة مع أرباح جذابة ومختلفة سواء في الصناعة والموقع الجغرافي لمصادر الدخل. ونظرا لعدة حلقات من زيادة السيولة، والتي لوحظت في الأشهر الأخيرة ، يمكن لعام 2015 أن يصبح جولة كبيرة من اللعبة "من يأتي أولاً، يأكل أولاً" لأن فئات الأصول ذات المخاطر العالية أصبحت غير مرغوبة بها.
دورات الديون الكبيرة التي تخضع لعملية الانعكاس لا تخلق بيئة مواتية لعوائد الاستثمار في المستقبل. كن حذرا وتمتع بالعائدات الإيجابية المنخفضة في عام 2015. إن الوقت للسلوك المحفوف بالمخاطر قد انتهى ».
فلماذا يتشائم غروس والعديد من الخبراء الماليون الآخرون الآن؟
لأنهم يرون ما يحدث.
وهم يرون نفس الأنماط التي تكشفت أمام أعيننا في أوائل عام 2008.
وهنا 10 أحداث رئيسية التي سبقت الأزمة المالية الأخيرة وتحدث الآن.
1. بداية سيئة جدا لهذا العام في سوق الأسهم
فقد معدل S&P 500 خلال الأيام الثلاثة الأولى من التداول في عام 2015 2.73٪. لا يوجد سوى اثنين من الأمثلة في التاريخ عندما انخفض المعدل لأكثر من 3٪ في السنة في ثلاثة أيام الأولى للسنة من التداول. وكانت هذه سنوات 2000 و 2008، قد شهدنا انخفاضا عميقا في سوق الأسهم في كلتا الحالتين.
2. السلوك العصبي للسوق المالية
عندما تفقد الأسواق رباطة الجأش تتحرك إلى الأسفل. وفيما يلي رسم بياني يوضح قيم مؤشر Dow Jones الصناعي منذ بداية عام 2006 وحتى نهاية عام 2008. كما ترون ارتفع مؤشر Dow Jones على نحو سلس جدا خلال عام 2006 ومعظم فترة عام 2007، ومع ذلك، عند بداية عام 2008 غير الاتجاه بشكل كبير.
من المهم للحفاظ على سلامة التفكير إذا ارتفعت الأسهم بشكل كبير في يوم واحد. وقعت ثلاث حالات أشد ليوم واحد من نمو سوق الأسهم في منتصف الأزمة المالية لعام 2008. إذا رأينا في السوق الصعود والهبوط الحاد، هذه علامة المتاعب الكبرى التي تنتظرنا في المستقبل. ولذلك يصدر هذا السلوك العصبي للأسواق المالية القلق في الأسابيع الأخيرة .
3. انخفاض كبير في العائد على سندات ال10 سنوات
عندما يشعر المستثمرون بالخوف يميلون للذهاب إلى منطقة آمنة وتحويل أموالهم إلى أوراق مالية أكثر أمانا. رأينا ذلك في عام 2008، و يحدث مرة أخرى الآن.
إذا أخذنا متوسط العائد على السندات الأمريكية واليابانية والألمانية لمدة 10 سنوات سيتضح أنها هبطت لأول مرة إلى أقل من 1٪، وفقا لستيفن إنغلادر، رئيس إستراتيجيات الصرف العالمية في Citigroup Inc.
هذه ليست أنباء طيبة. تشير معدلات الحد الأدنى التي تندرج تحت الصفر عندما أخذ التضخم في الاعتبار أن "المستثمرين يعتقدون أننا نسير على غير هدى لفترة طويلة"، كما كتب إنغلادر في تقريره.
4. انخفاض أسعار النفط
في وقت كتابة هذا التقرير انخفض سعر خام WTI إلى أقل من 49$ للبرميل. ومع ذلك في يونيو كان السعر يبلغ 106$ كما يتضح من الرسم البياني أدناه، كان في التاريخ حالة واحدة فقط حيث انخفض سعر النفط بأكثر من 50$ خلال فترة أقل من سنة:
ولوحظ هذا الوضع مع انهيار أسعار النفط قبل فترة وجيزة من دخولنا في أعمق أزمة مالية منذ الكساد العظيم.
5. انخفاض حاد في عدد منصات حفر حقول النفط و الغاز
الآن تخرج منصات حفر حقول النفط و الغاز من الخدمة بمعدل ينذر بالخطر. للربع الرابع عام 2014 تم وقف 93 منصة، ويتوقع أنه في المستقبل القريب سيتم إيقاف عمل 200 وحدة إضافية. حدث الشيء نفسه أثناء الأزمة المالية في عام 2008 واستمر لجزء كبير من عام 2009.
6. هبوط في أسعار البنزين في الولايات المتحدة
يفرح الملايين من الأميركيين بسبب انخفاض سعر البنزين في الأسابيع الأخيرة بشكل حاد. و كانوا يفرحون لنفس السبب في عام 2008. ثم اتضح أنه في الواقع لا يوجد أي سبب للفرح. باختصار لقد خسر الملايين من الأميركيين وظائفهم ومنازلهم. لذلك الرسم البياني أدناه لا يعني أبدا أن هناك سببا للفرح:
انخفاض أسعار المواد الخام الصناعية
عندما تفقد المواد الخام الصناعية قيمتها هذه علامة على أن النشاط الاقتصادي يضعف. وهذا هو ما نراه الآن في الأسواق العالمية تماما مثل ماكان في عام 2008. كما ورد على موقع CNBC:
«من النيكل لزيت فول الصويا، من الخشب الرقائقي إلى السكرتتراجع الأسعار العالمية للمواد الخام بشكل مطرد كما يفقد الاقتصاد العالمي وتيرة النمو.»
8. انهيار السندات إلى مستوى غير مرغوب فيه
اليوم نشهد بداية سقوط موثوقية السندات إلى مستوى غير مرغوب فيه كما حصل في عام 2008. تتواجد الالتزامات عالية الغلة المتعلقة بقطاع الطاقة على حافة الهاوية هذه، ولكن في الأسابيع الأخيرة، بدأ المستثمرون بالخروج من السندات المختلفة غير المرغوب فيها. ويمكن ملاحظة ذلك في الرسم البياني أدناه:
9. انخفاض التضخم حول العالم
عندما يتباطأ النمو الاقتصادي ينخفض التضخم. رأينا هذا في عام 2008، وتحدث هذه العملية مرة أخرى.
يتباطأ ارتفاع أسعار السلع والخدمات في العالم المتقدم بشكل كبير. ويتوقع المحللون أن التضخم سينخفض في جميع دول مجموعة السبع هذا العام إلى ما دون 2٪، وسوف يحدث ذك للمرة الأولى منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية.
في الواقع الدولة الوحيدة من بين مجموعة السبعة حيث بلغ التضخم الأخير للعام الماضي نسبة تفوق 2٪ هي اليابان. ويعتقد الاقتصاديون أن سبب ذلك الزيادة في ضريبة المبيعات، والتي تسببت في ارتفاع مصطنع في الأسعار.
10. أزمة ثقة المستثمرين
فقط قبل الأزمة المالية الأخيرة انخفضت ثقة المستثمرين بشكل حاد في أن أمريكا سوف تكون قادرة على تجنب انهيار أسواق الأسهم في الأشهر الستة المقبلة. والآن يحدث ذلك مرة أخرى.
انخفضت ثقة المستثمرين في أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على تفادي انهيار أسواق الأسهم في الأشهر الستة المقبلة، بشكل ملحوظ مقارنة بالربيع الماضي.
تنشر مدرسة ييل للإدارة المؤشر الشهري لثقة المستثمرين. ويظهر هذا المؤشر النسبة التي تعتقد أننا سنتمكن من تجنب انهيار أسواق الأسهم في الأشهر الستة المقبلة.
ويشير الباحثون إلى أن «مستوى الثقة بلغ أدنى مستوياته التاريخية من بين المستثمرين الأفراد وبين الشركات التي تستثمر في السوق في أوائل عام 2009، بعد بضعة أشهر فقط بعد انهيار بنك Lehman، والذي توافق مع الارتباك في أسواق الائتمان والخوف الشديد من الاكتئاب الناجم عن الأحداث المذكورة أعلاه، وربما أثرعلى التراجع القوي في أسواق الأسهم».
هل بدأت الصورة بالتشكل في ذهنك؟
ويحذر العديد من الخبراء المحترمين الآن من الخطر المالي الوشيك. وهنا بعض التنبؤات لعام 2015 التي يعطيها الكاتب جيمس هوارد كونتسلر:
- «في بداية عام 2015 يقدم البنك المركزي الأوروبي برنامج التسهيل الكمي الذي يسخر منه الناس. الأسواق الأوروبية تهبط.
- بعد انتخابات يناير في اليونان تتشكل حكومة تبدأ بالخلاف مع الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وتسبب فقدان إيمان لا رجعة فيه في جدوى هذا المشروع.
- • في النصف الثاني من عام 2015 يجمع العالم كله قوته ويجري هجوما مضادا على الدولار الأمريكي.
- تنهار أسواق السندات في أوروبا في النصف الأول من العام، وتنتشر هذه العدوى إلى الولايات المتحدة، وتزداد المخاوف وعدم الثقة في الولايات المتحدة باعتبارها الملجأ الآمن.
- تؤدي المشتقات المتعلقة بالعملات و سعر الخصم والسندات غير المرغوب فيها إلى كارثة مقايضة العجز عن سداد الائتمان (CDS) وظهور عدد لا يحصى من الثقوب السوداء التي ستمتص الديون و"الثروة".
- تستمر أسواق الأسهم الأمريكية في النمو في النصف الأول من عام 2015، ولكنها تنهار في الربع الثالث مع فقدان الثقة في الأوراق المالية و البكسلات. تنخفض معدلات داو جونز و S&P لأول مرة بنسبة 30٪ -40٪، وتستمر في الانخفاض في عام 2016.
- تنخفض قيمة الذهب والفضة في النصف الأول من العام، ثم ترتفع بشكل حاد بسبب انهيار أسواق الدين والأسهم وتختفي المصداقية في الأدوات المجردة، و يذوب الإيمان في القدرة الكليه للبنوك المركزية، ويحاول الناس بيأس في جميع أنحاء العالم وتحاول إيجاد ملجأ أثناء حرب العملات.
- تفلس بنوك Goldman Sachs و Citicorp وMorgan Stanley وBank of America وDeutscheBank وSocGen. لا يتجرأ المسؤولون في الحكومة الأمريكية والنظام الاحتياطي الفيدرالي إنقاذهم مرة أخرى.
- بحلول نهاية عام 2015 ستختفي مصداقية البنوك المركزية حول العالم. يناقش الجمهور في الولايات المتحدة اتساع صلاحيات النظام الاحتياطي الفيدرالي، ويتم إعادة تضيقها في نهاية المطاف إلى الوضع الأصلي للنظام الاحتياطي الفيدرالي كمقرض يلجؤون إليه في أصعب الحالات. يتم منع القيام بمزيد من التدخل، و تقدم آلية جديدة لتنظيم أسعار الفائدة الأساسية أقل سرية.
- يعود سعر النفط بحلول شهر مايو عام 2015 ببطء إلى معدل 65- 70$. و لكن هذا لا يكفي لوقف الانهيار في تطوير الصخر الزيتي والمياه العميقة والرمال النفطية. يبدأ ضغط الاقتصاد العالمي بالتسارع، ويعود سعر النفط إلى 40$ للبرميل في أكتوبر...
- ... إذا لم تؤدي المشكلة الوحيدة في الشرق الأوسط (ولا سيما الحرب بين داعش والمملكة العربية السعودية) إلى اضطراب خطير وربما قاتل على المدى الطويل من إمدادات النفط إلى الأسواق العالمية و في هذه الحالة، ستظهر شكوك جدية حول جدوى اقتصاد الدول المتقدمة والحفاظ على السلام بين البلدين».
إننا ندخل الآن زمناً يمثل خطراً كبيراً على الاقتصاد العالمي. كنا محظوظين جداً في السنوات القليلة الماضية لأننا كنا نتمتع بفقاعة الاستقرار النسبي. ومع ذلك أدت هذه الفترة من الاستقرار إلى أن العديد من الناس توهموا أنه تم حل المشاكل الاقتصادية، في حين أنها أصبحت أكثر جدية على العكس.
لا مفر من الختام المأساوي لهذه القصة. إنها فقط مسألة وقت.