سويسرا تقفد دورها
الصفحة الرئيسية اقتصاد

شهدت الأسواق العالمية تحركات بسيطة بعد ما نشر البنك الوطني السويسري خبرا حول قراره لإلغاء كل جهوده المبذولة خلال السنوات الثلاث الأخيرة لمنع تعزيز الفرنك السويسري مقابل اليورو.

وقد عززت العملة السويسرية موقفها إلى مستوى 0.96 مقابل اليورو ما قد ألحق أضرارا كبيرة للصناعات الموجهة نحو التصدير والسياحة في البلاد بالإضافة إلى عدد من التجار الذين كانوا يقومون بتداولات مقابل الفرنك والأجانب الذين لديهم قروضا بالعملة السويسرية.

يمكن اعتبار الخطوات التي اتخذتها سويسرا خطوة إلى الوراء. عندما أعلن البنك المركزي الأوروبي التدابير الحافزة الاستثنائية التي قد تؤدي إلى انخفاض قيمة اليورو أدرك المسؤولون في البنك الوطني السويسري أن الفرنك لا يزال يبقى عملة مناسبة للاستثمار من قبل المستثمرين الهاربين من اليورو وفي مثل هذه الظروف سوف يشهد الفرنك ضغوطا متزايدة بشأنه.

وطبقا لموقف البنك، تعزيز العملة غير الإجباري لن يؤثر بصورة كبيرة في الظروف الحالية بالمقارنة مع تعزيز الفرنك الإجباري في الوقت اللاحق.

إن الأوضاع الصعبة التي شهدتها سويسرا الصغيرة تعتبر جزءا من مشكلة أكبر من هذه بكثير وهي عدم قدرة دول المنطقة الأوروبية على العودة إلى النمو الاقتصادي. بعد الأزمة المالية في عام 2008 والديون السيادية المدمرة التي اجتاحت المنطقة الأوروبية كرر الرؤساء الأوروبيون ومنهم الاستراتيجيون الألمانيون نفس الخطأ حيث أجبروا الدول الضعيفة في الاتحاد الأوروبي على توفيرأموالها بالإضافة إلى اتخاذ تدابير وضعت حدا للاستثمارات الضرورية لتسارع النمو الاقتصادي. جعلوا البنوك تعترف بخسائرها وزيادة رأسمالها لانعاش الأوضاع الاقتصادية بصورة بطيئة للغاية. كان هذا خطأ حيث لم يدعم الزعماء الأوروبيون تدابير التحفيز النقدي. ونتيجة لذلك اجتاحت المنطقة الأوروبية موجة من الركود الاقتصادي التي أدت إلى أن الدول الأوروبية لا تزال حتى الآن تتأرجح على حافة الانكماش الاقتصادي.

ويعتقد الكثيرون أن البنك المركزي الأوروبي سوف يبدأ بتحقيق برنامج التخفيف الكمي عن طريق شراء السندات الحكومية بمبلغ لا يقل عن 1 تريليون يورو حيث أن العقبات القانونية الأخيرة تم القضاء عليها الأسبوع الماضي.

لا يعرف أحد إذا سيؤدي البرنامج إلى نتائج مرجوة ولكنه في أي حال من الأحوال سوف يؤدي إلى المزيد من الضغوط على الأسواق المالية لأن معدلات الفائدة في منطقة الدول الأوروبية تختلف كثيرا عن الأسواق الأخرى.

سويسرا ليست الوحيدة التي تضررت من آثار التغيرات الاقتصادية الأخيرة. منذ النصف الثاني من عام 2014 عززت العملة الأمريكية موقفها مقابل العملات الرئيسية بنسبة 14% وهذا من وجهة نظر بعض الاقتصاديين قد يخلق مشاكلا اقتصادية للشركات غير الأمريكية التي تقف اليوم أمام تريليونات من الديون السيادية.

إن الزعماء في الدول الأوروبية وخاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل بإمكانهم إنقاذ الوضع عن طريق تحفيز الاستثمارات وتقديم المساعدات الضرورية للدول مثل اليونان بالإضافة إلى إفساح الطريق لاتخاذ البنك المركزي الأوروبي كل ما يرى مناسبا وضروريا في هذا السياق. وهذه الأعمال والتدابير يمكن أن تلعب دورا فعالا لتعزيز وانعاش الاقتصاد في الدول الأوروربية. وإذا لم تكن هذه الإجراءات ناجحة سوف تتوسع منطقة الأضرار المالية نتيجة التغيرات الجذرية وتتجاوز الأزمة حدود المنطقة الأوروبية لتجتاح الدول الأخرى.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق