إن سوق العمل في أمريكا على أحسن وجه وهذا ما يجعل الدولار جديراً بالثقة.
إن سوق العمل في أمريكا يبتعد عن الأزمة لكن الرواتب ما زالت قليلة بعض الشيء. كما أن انتعاش السوق يدعم الدولار المتعزز. ارتفع مؤشر PowerShares DB US Dollar Index Bullish (NYSEARCA: UUP) منذ شهر يوليو عام 2014 بنسبة 18% تقريباً.
يوم الخميس الماضي تم نشر البيانات حول الطلبات الأولية على إعانة البطالة وقد وصلت إلى أخفض مستوى خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة وذلك لأن سوق العمل في الولايات المتحدة يرتفع. حسب تقرير الأسبوع الماضي بلغ عدد الطلبات الأولية 265 ألفا، وفي الأسبوع الذي سبقه 308 آلاف ولو أن التنبؤ كان على 300 ألف.
يبين الرسم البياني الآتي آدناه تغير عدد الطلبات الأولية لنيل إعانة البطالة في الولايات المتحدة من المستوى الذي كان قبل عام والمؤشر الأوسط المنزلق السنوي. ينخفض عدد الطلبات الأولية إلى المستوى الذي لم يكن منذ سنوات وسرعة التغير تزيد.
إن الانخفاض الشديد لعدد الطلبات الأولية لنيل إعانة البطالة حسب المعطيات الإحصائية قد يكون مشترطا بالعوامل الموسمية، ومع ذلك فهذه علامة جيدة لأنه إذا أزلنا التقلبات الموسمية من الدراسة يجوز أن نرى أن الشركات حالياً لا تقلق أبداً من آفاق تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على عكس مما كان في السابق.
تشهد المؤشرات الأمريكية لثقة المستهلك على أن الولايات المتحدة قادرة على استرجاع الخسائر وذلك لأن أسعار البنزين قد انخفضت كثيراً أما مستوى البطالة فلم ينخفض منذ أواسط عام 2008، كل هذا يشجع المصاريف الاستهلاكية.
كما ويرتفع مستوى التوظيف في القطاع غير الزراعي ولو أنه في السنوات الأخيرة السرعة تتضاءل. في شهر ديسمبر من عام 2014 ظهر 252 ألف مكان عمل جديد وهذا أقل بكثير مما كان في شهر نوفمبر (المعطيات المعدلة 353 ألف) ولكن أعلى بقليل من التنبؤ الذي نبأ على 240 ألف.
عند الخروج من الأزمة ازدادت سرعة نمو الرواتب والآن استقر، فكانت سرعة النمو في الفترة الممتدة من 2010 إلى 2014 أقل من 2% بقليل وهذا ما يعادل المستوى ما قبل الأزمة. على أية حال هذا أخفض بكثير من المستوى الأوسط في التسعينات حين كان الاقتصاد ينمو باستمرار. كما أن نقص الأيدي العاملة كان يبطئ من نمو الرواتب.
ما زال النمو الأوسط للرواتب في الولايات المتحدة أخفض مما كان قبل الكساد العظيم، وهذا يؤثر على النشاط الاستهلاكي والحالة الاقتصادية العامة. في شهر ديسمبر من عام 2014 زادت الرواتب من حيث القيمة الاسمية إلى المستوى الذي كان قبل عام أي بنسبة 2.24% (في عام 2006 كانت النسبة 4% ونفس النسبة كانت خلال التسعينات).
تنشأ أماكن عمل جديدة، لكن كيفيتها مشكوك فيها. ما زلت الكثير من الكوادر تفضل التوظيف الجزئي لكن عدد الموظفين الذين يداومون دواماً كاملاً أخذ يرتفع عن مستوى الأزمة. وهذا يؤثر على النفقات الاستهلاكية والاقتصاد عموماً.
إن إنشاء أماكن عمل جديدة وانخفاض البطالة في الولايات المتحدة يؤثر إيجابياً على اقتصاد البلاد وكذلك على سعر العملة الوطنية، لكن سوق العمل لم ينتعش تماماً حتى الآن. يفترض الاقتصاديون أن أماكن العمل يجب أن تكون أكثر وهذا يعني أن الرواتب يجب أن ترتفع أيضاً. كلما كان سوق العمل في أمريكا أقوى كان الدولار أقوى. هل يستطيع اليورو أن يجادله؟