في 28 من فبراير عام 2015 أعلنت الحكومة الهندية عن استعدادها لإصدار خطة الميزانية لعام 2015. ماذا يمكن التوقع من ناريندرا مودي؟
تمكن رئيس الوزراء الجديد ناريندرا مودي خلال أول تسعة أشهر من عمله في المنصب الجديد من اتخاذ العديد من المبادرات الهامة فيما يخص زيادة الإنتاجية وتحسين الظروف الصحية وإعادة الهيكل للجهاز البيروقراطي وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية من الخارج وغيرها من القرارات. لا شك أن كل هذا يهدف إلى تحقيق المهام ذات الأهمية البالغة ولكن هناك نقص في نقطة واحدة وهو عدم وجود الاستراتيجية التي يمكن التوصل عن طريقها إلى تحقيق هذه الأهداف.
في 28 من فبراير عام 2015 أعلنت الحكومة الهندية عن استعدادها لإصدار خطة الميزانية لعام 2015. ويأمل الكثيرون أن الحكومة سوف تقدم استراتيجيتها في هذا الصدد. من الضروري للهند أن تظهر للعالم كله كيف ترغب في إصلاح نظامها الاقتصادي.
إن كل التوقعات التي ترتبط باقتصاد البلاد كبيرة واعتمادا على الطاقات والإمكانيات للبلاد يمكن القول أن الهند تلبي هذه التوقعات. ولكن هناك الكثير مما يجب عمله لنجاح العملية. لم تكتمل بعد الثورة الاقتصادية التي بدأ تحقيقها عن طريق الإصلاحات في عام 1991. بدأت الهند سيرها في طريق التغيرات والتحول لاقتصادها إلى الاقتصاد السوقي الحديث ولم تحقق الهند بعد نموا سريعا بالرغم من أنه كان يتوقعه الكثيرون منذ زمن.
يأمل الكثيرون أن مودي يفهم ذلك ويبذل كل جهده لمساعدة بلاده في توجهها نحو اتجاه صحيح. ولذلك تقديم مسودة خطة الميزانية تعتبر إمكانية ممتازة لإثبات قدرة مودي على اتخاذ الخطوات الحازمة لمصلحة بلاده.
التوقعات
قبل كل شيء يريد المستثمرون الحصول على تأكيد من الحكومة على أنها لا تزال تلتزم بسياسة مالية صريحة وعادلة وهذا يدل على أنه من الضروري تعزيز قاعدة الإيرادات التي لا تزال تبقى ضعيفة إلى حد ما عن طريق تسهيل نظام الضريبة على الدخل. من المهم مواصلة العمل نحو فرض ضريبة وطنية على السلع والخدمات. ينبغي للدولة إعادة استثماراتها بشكل تدريجي من الشركات المساهمة المفتوحة ما سوف يساعد ليس فقط في زيادة الميزانية الفدرالية فحسب، بل سيؤدي إلى أن الشركات قد تبدأ منافستها مع بعضها البعض لعمل أكثر فعالية وأعلى إنتاجية.
أما بالنسبة التكاليف فالهند بحاجة إلى إعادة النظر بشكل جدي إلى ما يتعلق بالدعم المالي وتحقيق برامج الرفاه الاجتماعي. وبدلا من الدعم الاصطناعي الذي يهدف إلى الحفاظ على أسعار المنتجات الزراعية على مستواها وأسعار الغاز على مستواه المنخفض الذي يطلبه المزارعون وممثلو الطبقة المتوسطة في المدن الهندية من المطلوب أن تخصص الدولة أموالها للطبقات الاجتماعية التي تكون في حاجة ملحة إلى ذلك.
Radiokafka/Shutterstock.com
ويمكن أيضا استثمار هذه الأموال من الميزانية في بعض القطاعات الأهم ومنها قطاع الصحة والتعليم والبنية التحتية. لن يتمكن مودي من الوصول إلى أحد أهدافه إذا لم تشهد بلاده تحسنا نسبيا فيما يخص بالبنية التحتية. وبحسب تقديرات الخبراء يجب التخصيص لهذه الأهداف ما لا يقل عن تريليون دولار في السنوات الخمس القادمة.ولدى أكبر الشركات الهندية التي تعمل في هذا القطاع ديونا كبيرة جدا ولا تزال القروض غير المنتظمة الخاصة بها تتزايد. الحل الوحيد هنا هو الاستثمارات الحكومية التي بإمكانها دفع الأوضاع إلى الأمام.
ومع ذلك موضوع السياسة المالية ليس المسألة الوحيدة التي تطرح حاليا بنشاط في الدوائر الحكومية والسياسية. إذا رغبت الهند في إنشاء قطاع صناعي كبير مع الأخذ بالاعتبار أن كل شهر حوالي مليون هندي يحصلون على فرص عمل جديدة يجب على الحكومة ضمان الظروف الملائمة لرجال الأعمال للتطور الناجح. ويجب التعامل مع هذه المسألة بشكل أوسع.
أما الآن فيحاول مودي الاستفادة من فكرة غير فعالة لتطوير الأعمال التي حصل عليها من سابقيه وهي تسهيل عملية شراء الأراضي لبناء المصانع عليها. لكن مودي لم يأخذ بعض النقاط الهامة إلى الحسبان حيث يمكن أن تلعب دورها السلبي في تأثيرها على سوق مبيعات قطع من الأرض وسوق العمل وحركة رأس المال.
لا تزال هناك مراقبة صارمة على بيع الأرض وتحويل الأراضي الزراعية إلى مساحات تستخدم للأغراض الصناعية. ليس هناك تقدما كبيرا فيما يخص بإنشاء السجل الحكومي العقاري. لا تسمح القوانين السارية في قطاع العمل التي عفا عليها الزمن تطورالشركات ولا تسمح لها توظيف موظفين جدد. تحتاج الهند إلى تشريعات قوية لمكافحة الفساد حيث يزداد عدد الشركات الغير فعلية ولا يحصل المستثمرون على الإيرادات المتوقعة لذلك يبقى رأسمال الذي كان من الممكن استخدامه بشكل أكثر فعالية دون أي حركة وأي فائدة على الإطلاق.
بالطبع تصحيح كل الأخطاء بضربة واحدة لا يمكن تحقيقه لذلك من الأفضل إدخال تعديلات وتطبيق التغيرات بشكل تدريجي خطوة بعد خطوة. تحتاج حكومة مودي إلى استراتيجية يمكن الاعتماد عليها من أجل تنطيم الأفكار غير المرتبة لإعادة التفكير في أهداف السياسات التي تتم ممارستها في الوقت الحالي. في الغرفة العليا للبرلمان الهندي لم يتمكن مودي من الحصول على التصديق لمبارداته السياسية لأن حزب المؤتمر الشعبي الهندي لمودي لا يتمتع بأغلبية المقاعد في الغرفة. ولكن يمكنه جذب الرأي العام من أجل تقوية مواقفه في البرلمان حيث يحتاج إلى تفسير حول أهداف هذه الإصلاحات وما هي النتائج الإيجابية التي يمكن أن تؤدي إليها هذه التغيرات.
لا شك أن مودي هو الزعيم المؤثر الذي يتمتع بالدعم الشعبي الواسع.ويحتاج إلى إرادته فقط من أجل تفعيل طاقاته السياسية والاستفادة منها لصالح ممارسة ناجحة للخطة المتماسكة والمتوازنة والمدروسة لإجراء هذه الإصلاحات الاقتصادية.