لماذا العالم كله يسعى لدخول سوق المال الإسلامي وما الذي تفوته اللولايات المتحدة وكندا.
الآن بالذات تغطي موجة عنيفة من المالية الإسلامية الجزء الأكبر من الأصول العالمية بقدر عام أكثر من 200 ترليون دولار. منذ عام 2008 حين زعزعت الأزمة الثقة بالمصرفية التقليدية أخذ هذا الاتجاه يزداد قوة دافعاً كل العواصم المالية العالمية من لندن إلى دبي إلى الصراع من أجل أخذ المكان. وفقط أمريكا الشمالية تتأخر عن هذا الاتجاه.
ما معنى المالية الإسلامية؟
عموماً النظام المالي الإسلامي شبيه بالتقليدي باستثناء أن الخدمات والمنتجات التي يقدمها يجب أن تطابق أسس الشريعة الإسلامية. أشهر مسلماته هي حظرأخذ فوائد وهذا ما يسمى بالعربية "الربا".
الشركات التقليدية المصدرة تحصل على أرباحها بالفوائد من المنتجات الائتمانية، لكن المصارف الإسلامية عليها اختراع طرق أخرى للحصول على أرباح. عادة تقبض أجوراً على الخدمة و/أو تبرم عقوداً على توزيع الإيرادات والخسائر. تسمى أكثر هذه الطرائق شيوعاً بـ"المرابحة"، وتستخدم للحصول على مسكن وتشبه مخطط التأجير مع الفكاك، أي أن المصرف يحصل على منزل لعميله وبعد ذلك يبيعه له بشروط متفق عليها.
كما أن الودائع الإسلامية يجب أن تلبي معاييرا أخلاقية معينة. فالاستثمار في مؤسسات ذات مخاطر والقمار والطعام غير حلال والمسكرات والإباحية، كل هذا خارج إطار المباح. عدا ذلك يوجد عادة شرط تقسيم المخاطر بين المقرض والمقترض والتعزيز المباشر لكل العمليات المالية بالأصول الواقعية وهذا ما لا يشبه قط الاختراعات الطريفة من قبل وول ستريت التي لها علاقات غريبة جداً بالأسواق الواقعية.
كما أن منطقة السوق هذه تنمو بهذه السرعة من جراء الحجم الديموغرافي لمعلائها البالغ سدس سكان الكوكب. معظمهم محتشدون في الشرق الأوسط ولكنهم مهتمون بتحويل ثرواتهم خارج حدود العالم الإسلامي، ما يؤدي إلى حاجة ملحة في المنتجات والخدمات المالية المطابقة للعقيدة الإسلامية.
المالية الإسلامية سوق سريعة النمو
في عام 2008 حين اندلعت الأزمة المالية كانت السوق العامة للأصول الإسلامية تنمو وسطياً بنسبة 20% سنوياً. حسب معطيات مركز الخدمات المصرفية الإسلامية والاقتصاد "الهدى" الواقع في دبي سيبلغ الحجم العام لأصول هذا القطاع 2.5 ترليون دولار في عام 2015.
السندات أو الصكوك الإسلامية مع الشركات والحكومات كما يتوقع ستبيع في هذا العام 145 مليار دولار من دينها. تهيمن في هذا القطاع الآن إيران وماليزيا والسعودية، لكن الكثير من الدول الغربية تسعى نحو أن تصبح محاوراً أوروبية وعالمية للمالية الإسلامية.
وعلى وجه الخصوص كانت بريطانيا تندفع نحو تلك اللعبة، ففي العام الماضي غدت أول دولة أوروبية التي سنداً إسلامياً. وصل محافظ لندن الأسبق روجير غيفورد في حديثه إلى أنه صرح: المالية الإسلامية يجب أن تصبح بريطانية مثل فيش آند شيبس.
ما يخص روسيا فإن خروج المصارف الإسلامية المستقل إلى سوقها يتعقد بسبب غياب الأعراف التي ستسمح على العمل وفقاً لأسس الشريعة، ولكن فقط منذ عدة أيام تم الإعلان عن نية مصرفين إسلاميين على الأقل وهما Al Baraka و Al Shamal إيجاد شركاء في السوق الروسية للدخول إلى رأسمالها.
ما هو الخطأ في أمريكا الشمالية؟
حسب تقييم عام 2014 الذي قدر 42 دولة حيث يوجد نشاط مالي إسلامي نالت الولايات المتحدة المرتبة 15، أما كندا فالمرتبة الأخيرة. البيانات محيرة وخاصة إذا حسبنا حساب قسط مصارف البلدين في المنظومة المالية العالمية.
التفسير الأهم لهذه الظاهرة هي الأسس والقوانين الحائلة دون المؤسسات المالية الإسلامية والقوانين المتباينة في مختلف الولايات المتداخلة فيما بينها والتشريع الفدرالي، كل هذه العوامل تجعل الوضع معقداً للغاية.
تمسك المصارف الأمريكية نسبة المخاطر على مستوى منخفض إلى حد ما. لأجل التطابق مع هذا المطلب وتحقيق أكثر قدر من الربح تقوم المصارف عادة بالاستثمار في توريدات ضخمة أو أوراق مالية مضمونة الإيراد كالأوراق المالية من الخزينة والسندات التقليدية من الشركات وهذا محرم في الشريعة الإسلامية. والعامل الآخر هو نزعة رهاب الأجانب والخوف من أن الشريعة الإسلامية ستعم البلد كله. وقد أدى ذلك في عام 2005 إلى البحث في مجلس الشيوخ بموضوع ما إذا كانت المالية الإسلامية تدعم الإرهاب. وقد أشهد الخبراء في جلسات الاستماع أنه ليس ثمة بيانات تشهد بأن المالية الإسلامية تسهل إلى حد كبير النشاط الإرهابي مما هو لدى معادلها التقليدي.
كما أن عدم كفاية المعايير في المالية الإسلامية وتكلفة وصعوبة دخول السوق أدت إلى مخاوف حتى لدى بعض المؤسسات المالية المهيمنة. مثلاً تستمر الجدالات في القضية ما الذي فعلاً يجعل الأصول مباحاً ضمن إطار الإسلام، وقبل كل شيء من لديه الخبرة الكافية لحل هذه القضية.
كما وأحدثت الجدال كذلك الطرق الأصولية في الأصول المالية الإسلامية ألا وهي تحريم الفائدة. تؤكد المدارس مستقيمة الرأي أنه لا بد من وضع حظر على كافة أشكال إيرادات الفوائد، في حين أن الحداثيين لا يتكلمون إلا عن أكثر الفوائد ذات المضاربة السافرة (ولا سيما الربا "التاسعة من بين الكبائر").
كما وتزداد المخاوف من أن عدم كفاية المعايير على المدى البعيد ستضرب السوق. ولكن بدلاً من أن تعيق تطور مصارف أمريكا الشمالية هي في حقيقة الأمر فرصة لمهد طريق لتشكيل الأنظمة التي ستضع المعيار في العالم بأسره وستطور المنتجات في الصناعة الطليعية.
افسحوا الطريق للشريعة الإسلامية
في السنوات الأخيرة تظهر المصارف اهتمامها المتزايد بإضافة المنتجات المالية الإسلامية إلى خدماتها. المقرضون الرواد يدرسون كيف يطابقون العقود مع متطلبات الشريعة. في العام الماضي أنتج Goldman Sachs أول سند مطابق للشريعة. عدا ذلك يمثل اهتماماً كبيراً الإدراج إلى المالية الإسلامية الإنتاج المتزايد بسرعة للطعام الحلال.
كما هي التعاليم الأساسية إن الغرض من المالية الإسلامية تشجيع المصلحة الاجتماعية عبر الأسواق المالية التي ستسمح للشركات والعملاء ادخار المال مع مراعاة الأسس الأخلاقية المذكورة في القرآن الكريم. ولكن حالياً ما زال التجسيد العملي لذلك بعيداً جداً عن بلوغ هذا الغرض.