متى سوف تظهر آثار التسهيل الكمي من البنك المركزي الأوروبي؟
إن البنك المركزي الذي قد أعلن في يناير عن التيسير الكمي المخطط له (QE) قد بدأ في الأسبوع الماضي بشراء السندات الحكومية. هل يجب علينا أن نتوقع أن المشتريات الجديدة سوف يكون لها تأثيرا على أسعار الفائدة في منطقة اليورو أم أنه قد تم الأمر لحظة الإعلان في شهر يناير؟
قد تعتقد أنه يوجد لدى الاقتصاديين إجابات جيدة على هذه الأسئلة ولكن التسهيل الكمي دائما ما كان غامضا إلى حد ما. من جهة يعتقد البعض أنه أداة قوية جدا لتحفيز التضخم، على سبيل المثال الاقتصاديون في الحزب الجمهوري قد حذروا في عام 2010 من أن التيسير الكمي سوف يزيد من مخاطر "التضخم والانخفاض في قيمة العملة". لا تزال هذه التحذيرات غير مؤكدة.
من جهة أخرى يشك العديد في أن التيسير الكمي قادر في الواقع على التأثير على الأسواق المالية. وبالنسبة لأولئك الذين يعترفون بالمقاربة الأكاديمية للنظرية المالية يكون صعبا أن يصدقوا أن شراء البنوك المركزية لكميات كبيرة من الأصول يجب أن تغير سعرها. تشير النظرية المالية إلى أن قيمة الأصول يتم تحديدها من قبل قيمتها "الأساسية" أما الطلب فيكون تأثيره عليها محدودا جدا. وفقا لبن برنانكي "مشكلة التيسير الكمي أنه يعمل في الممارسة العملية ولكنه لا يعمل في "النظرية".
ربما بالإشارة إلى أنه يعمل في الممارسة كان برنانكي يشير إلى سلسلة من الدراسات التجريبية من قبل العاملين في النظام الاحتياطي الفيدرالي ولكن لا تزال هذه الوثائق تبقي الكثير من الأسئلة دون إجابة.
فعلى سبيل المثال، هل هناك أي أهمية في أن البنك المركزي الأوروبي قد بدأ شراء السندات الأسبوع الماضي؟ هل يمكن بالفعل أن تظهر آثار عواقب التيسير الكمي؟
إليك الرسم البياني من العمل البحثي الضخم لكريستوف تريبيشا وجيروم زيتيلماير الذي سيساعد في الإجابة على هذا السؤال. إنه يظهر تغيرا في العائد في سلسلة سندات الخزانة اليونانية في الفترة ما بين 7 و 17 مايو عام 2010. عندها بالذات كان البنك المركزي الأوروبي قد بدأ في شراء السندات اليونانية في إطار برنامج سوق الأوراق المالية Securities Market Program.
إن النقاط المكتوبة بخط متقطع تتوافق مع إصدار السندات الغير مشتراة من قبل البنك المركزي الأوروبي، بينما تتوافق بقية النقاط مع العدد المعين من السندات التي تم شراؤها من قبل البنك. والمدهش أن السندات المشتراة من قبل البنك المركزي الأوروبي فقط قد أظهرت انخفاضا في العائد. وكلما زاد عدد السندات التي اشتراها البنك المركزي الأوروبي كلما انخفضت عائداتها بشكل أكبر.
الشيء الجيد في هذه الدراسة هو أنها تظهر أنه لا تتطور الأمور كما كان متوقع. وهذا يقودنا إلى أنه كان يجب على الأسواق المالية أن تتوقع انخفاضا في عائد السندات اليونانية. فلقد زاد الطلب عليها بشكل كبيروكان يمكن اعتبارغيرها من السندات بأنها بدائل قريبة جدا. ولكن اتضح أن الشراء يعمل على مبدأ تأثير "القوة الغاشمة": عندما يرتفع الطلب على سهم معين، فإن عائده يتغير، دون أن يؤثر ذلك على السندات الأخرى.
انحراف صغير عن الموضوع، لم يعلن البنك المركزي الأوروبي حينها عن السندات التي يشتريها. الآن توجد لدينا هذه المعلومات، لأنه في وقت لاحق قام البنك بتبديلها بسندات جديدة غير افتراضية ، قبل وقت قصير من إعادة هيكلة الديون اليونانية في عام 2012. إنه ليس بالأمر المهم جدا بالنسبة لليونان و لكنه أمر جيد بالنسبة للعلماء الذين هم بحاجة إلى بحوث مالية مثيرة للإهتمام.
في عمل تريبيش و زيتيلمايرهناك أيضا تحليل لما يحدث بعد الشراء الأول، و يبدو أن الفرق بين مؤشرات السندات المشتراة من قبل البنك المركزي الأوروبي وبين تلك التي قرر بعدم شرائها، قد بقي نفسه حتى يوليو حين بدء البنك بالتدخل في السوق بشكل كبير .ولذلك الأثر الذي يظهره هذا الرسم البياني لم يكن "مبطلا بالتحكيم" ببساطة في غضون بضعة أسابيع.
فكيف في هذه الحالة مرت الأيام القليلة الأولى من شراء السندات من خلال التيسير الكمي؟ إن أحد المؤشرات المتاحة هو متوسط معدل السندات البالغة 10 سنوات للبلدان ذات تصنيف "AAA" الصادر من قبل البنك المركزي الأوروبي. بعد أن تم الإعلان في 22 يناير عن برنامج التسهيل الكمي تراجع المؤشر في اليوم التالي ب 19 نقطة أساسية إلى 0.42%. بعدها، كان يتقلب حول هذا الرقم و بلغ في يوم الجمعة 6 مارس 0.41%. في 11 مارس، بعد ثلاثة أيام من بداية عمليات الشراء من قبل البنك المركزي الأوروبي، كان يعادل 0.24%، أي أنه قد فقد 17 نقطة أساسية أخرى.
يبدو أن النظرية القائلة بأن التيسير الكمي هو "قوة غاشمة" حقا تعمل بشكل ممتاز.