"نمر اقتصادي" جديد في آسيا

فيتنام بعد سنوات عديدة من الإحباط على استعداد للوثب إلى الأمام.

فيتنام بلد السكان الشباب. وهي تقع على أحد أهم طرق الملاحة. تقوم الشركات العالمية مثل Samsung Electronics Co و Intel Corp بالاستثمار النشط في فيتنام وهذا المال يعطي البلد فرصة ثانية لتصبح واحدة من البلاد الرائدة في جنوب شرق آسيا.

لقد أدى افتتاح سوق البلاد في الثمانينات إلى أكثر من 7% من النمو ولكنه قد تباطأ بعدها نظرا لتراكم الديون لدى مؤسسات الدولة .

وفقا لبيانات PricewaterhouseCoopers LLP إمكانيات البلاد تسمح لها بأن تصبح إحدى أسرع الاقتصادات نموا في العالم بحلول عام 2050. لا يقتصر الأمر فقط على أن تصبح فيتنام المصنع الأكثر رخصا يدل الصين. بل أنها أيضا مقبولة سياسيا من حيث الاستثمارات اليابانية في سياق التوترات الجارية بين الصين واليابان .

فيكرام نهرو الباحث الرئيسي المشارك في برنامج آسيا وموظف في مؤسسة بكري في قسم دراسة جنوب شرق آسيا ومؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، يعمل في واشنطن. يقول :

"يمكن لفيتنام فعلا أن تصبح الرائدة من ناحية النمو في آسيا. تمتلك جميع المكونات المطلوبة وتحتاج فقط إلى أن تحل المشاكل في القطاع الحكومي".

يزيد وضوح علامات النفوذ المتزايد لفيتنام، في عام 2014 تفوقت البلد على جيرانها في المنطقة عندما أصبحت أكبر مصدر للنفط إلى الولايات المتحدة من رابطة دول جنوب شرق اسيا من خلال تفوقها على المنافسين المعروفين ماليزيا و تايلاند.

كما تشير أرقام وكالة الاستثمار الأجنبي إلى نمو مستوى الاستثمارات في البلاد بشكل حاد خلال ال 14 سنة أخيرة وبلوغها في عام 2014 قيمة12.35 مليار دولار وهذا ب 7.4 % أعلى مما كان عليه في عام 2013. للمقارنة، لقد استثمر في البلاد في عام 2000 ، 2.4 مليار دولار. إن أنشطة شركة سامسونج في فيتنام واسعة لدرجة أنها قد حصلت على موافقة الحكومة لإدارة محطتها الخاصة في مطار هانوي الدولي.

تنتقل الشركات من الصين إلى فيتنام أيضا . لقد قام الصانع الياباني لطابعات Kyocera Document Solutions Inc وهو قسم من Kyocera Corp بالإعلان في هذا الشهر أنه يعتزم زيادة الإنتاج السنوي للطابعات في فيتنام ب 4 مرات أي إلى 2 مليون وحدة بحلول مارس عام 2018. سوف يتم نقل جزء من الإنتاج الصيني إلى هايفونغ ويخطط لفتح مصنع آخر في أغسطس. ويهذا الشكل سوف ينتج في فيتنام طابعات ل Kyocera أكثر مما ينتج في أي بلد آخر.

يقول فريدريك نيومان أحد رؤساء المجالات البحثية للاقتصادات الآسيوية في هونغ كونغ HSBC Holdings Plc :

" فيتنام فعلا تفوز نظرا لأن ارتفاع الأجور في الصين يتسبب بفقدانها للقدرة التنافسية. كونها الأولى التي احتلت المكانة التي أخلتها الصين فإن فيتنام لديها ميزة الرائدة التي قد بدأت تظهر آثارها".

قبل الضعف الذي حصل في العام الماضي كان اليوان ينمو خلال أربعةسنوات بنسبة 13% في العام وهو أفضل أداء من بين 24 دولة باقتصادات نامية والمتبعة من قبل بلومبرغ.

لقد زاد المؤشر المعياري لسوق الأسهم في فيتنام في هذا العام بنسبة 5.5%. للمقارنة: إندونيسيا بنسبة 4.1% ، ماليزيا بنسبة 2.4% وتايلاند بنسبة 2.2%.

Photographic Art Viet Nam/Shutterstock.com

حسب تقرير برايس ووترهاوس كوبرز "العالم في عام 2050" قد يصل نمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي في فيتنام في المتوسط في سنوات 2014-2050 إلى 5.3%. يتوقع حدوث معدلات أعلى من النمو في نيجيريا فقط.أما النمو في الصين فقد ينخفض إلى قيمة أقل من 4%.

تعد الحالة الديموغرافية المساعد الأكبر. وحسب بيانات الأمم المتحدة حوالي 13% من سكان الصين في عام 2012 بلغت أعمارهم ال 60 مقارنة مع نسبة 9% في فيتنام. حسب الإحصائيات الحكومية أكثر من 40% من أصل 90 مليون شخص في فيتنام كانوا في عام 2013 في أعمار منتجة(15 إلى 49 سنة).

تظهر تقديرات منظمة العمل الدولية أن متوسط الراتب الشهري في فيتنام في عام 2013 بلغ 197دولار، مقارنة مع 391 دولار في تايلاند و613 دولار في الصين. وهذه الفجوة آخذة في الاتساع. تتوقع Economist Intelligence Unit أنه في عام 2019 سوف تكون تكلفة ساعة العمل في الصين 177% من ساعة العمل في فيتنام مقارنة مع 147% في عام 2012.

يقول جون خاكسفورت أحد مؤلفي تقرير PwC:

"لقد كنت في الصين منذ بضع سنوات. اشتريت لنفسي حذاء واتضح أنه مصنوع في فيتنام".

ولكن ليس كل شيء مشرق.

يعاني المقرضون في فيتنام من وطأة القروض، أما الحكومة فتحاول بصعوبة إعادة تنظيم الشركات الحكومية الغير كفوءة. من بين المخاطر الأخرى البنية التحتية التي عفا عليها الزمن ونقص التعليم والفساد.تحتل فيتنام المرتبة 119 من أصل 175 بلد وإقليم في مؤشر الفساد Transparency International لعام 2014.

تحتل الصين المرتبة 100. بينما تقوم الدول الأخرى في جنوب شرق آسيا بما في ذلك الفلبين وماليزيا أيضا بالتنافس على الوظائف في مجال التصنيع.

يقول خاكسفورت:

"ليس هناك ما يضمن أن فيتنام سوف تكون قادرة على تحقيق إمكاناتها. الميزة الأساسية للبلاد هي موقعها الجغرافي وموقفها المتزايد من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد".

Piter HaSon/Shutterstock.com

إن جزء كبير من الوظائف التي تنقل إلى فيتنام هي في مجال الإنتاج الذي لا يتطلب مؤهلات عالية أما الصين فتتحرك إلى الأعلى في سلسلة تكوين القيمة:

إنها عبارة عن الأعمال المكثفة في مجال إنتاج المنسوجات، الملابس، الأثاث والإلكترونيات.

يقول كاريل إلوت، مدير شعبة آسيا ل McKinsey & Co في شنغهاي:

"إن أداء القطاع الصناعي في فيتنام منخفض جدا. وهو أكبر عقبة أمام تحقيق نمو أكبر في البلاد".

تحاول الحكومة أن تتغلب على بعض هذه المشاكل.

لقد قال دانغ كوييت تيان، نائب المدير العام لوزارة المالية في مجال تمويل الشركات، في مقابلة يوم 13 مارس من هذا العام، أن فيتنام ستحاول في هذا العام خصخصة كمية قياسية من أسهم الشركات المملوكة من قبل الدولة. تقيم Moody’s حوالي 280 شركة لبيع حصصها في هذا العام بشكل إيجابي.

وهناك غيرها من التطورات الإيجابية. تقوم فيتنام بالمفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي وتشارك في المفاوضات بشأن الشراكة عبر المحيط الهادئ بقيادة الولايات المتحدة.

يقول تيم كوندون رئيس قسم الأبحاث في آسيا في ING Groep NV:

"سوف تقوم فيتنام بالضغط على تايلاند وستصبح بذلك النجمة الجديدة لميكونغ".

وهو يشير إلى منطقة حوض نهر الميكونج التي تضم كمبوديا ،لاوس ،ميانمار ، تايلاند وفيتنام و كذلك المقاطعة الصينية يوننان.

تايلاند التي دعاها المحللون ووسائل الإعلام بالنمر الاقتصادي قبل الأزمة المالية الآسيوية في أعوام1997-1998، قد قامت في العامين الماضيين بخفض حجم الصادرات بشكل ملحوظ . من جهة أخرى، لقد زاد عدد الصادرات من فيتنام في عام 2014 بنسبة 14% على الفور.

مؤخرا قامت Australia & New Zealand Banking Group Ltd برفع توقعاتها عن نمو الناتج المحلي الإجمالي في فيتنام في هذا العام و في العام المقبل إلى 6.5% مشيرة إلى تعزيز مبيعات التجزئة، تسارع الإنتاج الصناعي و تطوير البناء.

تقول فيكتوريا كفاكفا، مديرة الفرع الفيتنامي للبنك العالمي:

"إن هيكل الاقتصاد آخذ في التغير وتنتقل البلاد من الزراعة إلى الصناعة. إن التقدم مرئي بالعين المجردة".