هل هناك أي فعالية من العقوبات ضد روسيا؟
Maxim Zmeyev/Reuters
الصفحة الرئيسية اقتصاد

كانت إيران لسنوات عديدة تتواجد تحت العقوبات ولكن في الآونة الأخيرة تم عقد اتفاق مبدئي ووعدت البلاد بإزالة القيود المفروضة عنها. وروسيا أيضا تعيش لمدة سنة في ظل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ما الذي تعنيه هذه القيود المفروضة على البلاد و متى سيتم حل هذا الوضع ؟

على الجبهة الشرقية، جميع الأمور هادئة وهذا أمر نسبي بالنسبة للصراع بين القوى العظمى. مع توقيع الاتفاق على وقف إطلاق النار في فبراير الماضي حل في أوكرانيا هدوء نسبي وانتقل محور اهتمام العالم إلى أحداث أخرى، في المقام الأول إلى إيران واليمن . في حين لم تصبح العلاقات الباردة بين روسيا والغرب أكثر دفئا ولا تزال تهدف الإيدولوجية الرئيسية إلى المواجهة و ليس إلى التعاون. إن التوازن المشكوك فيه الذي أسس قد يستمر لفترة طويلة ولكن هل يمكن لأطراف النزاع أن يتحملوا مثل هذه النتيجة ؟ وإن كانوا لا يستطيعون فمن الذين سوف يتراجعون أولا ؟

يتفق معظم الناس على أن روسيا لن تكون الأولى في التراجع. ويبدو هذا تقييم عادلا من منظور سطحي. وفقا لتوقعات بنك روسيا سوف ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2015 بنسبة 3.5-4% وبنسبة 1% في عام 2016. على الرغم من أن الروبل قد اكتسب استقرارا نسبيا لا يزال أرخص بحوالي 40 % مما كان عليه في يونيو من العام الماضي. يعتقد وزير المالية السابق أليكسي كودرين أن الأحداث في شبه جزيرة القرم سوف تكلف الاقتصاد الروسي بما لا يقل عن 200 مليار دولار في السنوات ال 3-4 القادمة. مهما كان الأمر فإن الوضع السياسي والاقتصادي محفوف بمنطقة رمادية بالنسبة للاقتصاد ولا أحد يستطيع تحويل الرمادي إلى الأخضر كما يستطيعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

في سنته ال 16 في منصب القيادة ،بما في ذلك أعوام 2008-2012، يواجه رئيس روسيا وضعا لا يختلف كثيرا عن وضع أول عام له في المنصب، الركود في الاقتصاد، تراجع مستويات المعيشة،ارتفاع تدفق رأس المال وانخفاض الاستثمار الأجنبي. يوجد لدى روسيا تركيبة سكانية جيدة محلية وسوق الأوراق المالية في تزايد ولكن مؤشرات البلاد على المدى القصير للاقتصاد الكلي لا توحي بكثير من الأمل.

الآن، تماما كما في عام 2000، سوف يضطر بوتين إلى الاعتماد على النفط كليا. في هذا الصدد يتوقع البنك الدولي نموا ملحوظا في الأسعار بحلول عام 2025. أما وزير التنمية الاقتصادية الروسية أليكسي ألوكايف، فيتوقع أنه بحلول عام 2018 سيتجاوز اقتصاد روسيا مؤشرات البلدان المتقدمة. هذه الاستراتيجية هو أمر مشكوك فيه إذ أنها محفوفة بالمخاطرعلى الرغم من أنها ولربما هي الاستراتيجية العقلانية الوحيدة، ولكن بالنسبة لبوتين ليس من المهم جدا أن يتغلب على المرحلة الصعبة بطريقة مثالية، يكفيه أن يتغلب على منافسيه.

في أوروبا انقسام وشيك. في 16 مارس قامت الولايات المتحدة بإزالة إضعاف العقوبات ضد روسيا من جدول أعمالها في حين سوف تبقي وزارة الخارجية العقوبات المفروضة و سوف تقوم بفرض عقوبات جديدة طيلة ما تستمر روسيا في تواجدها في لشبه جزيرة القرم. تردد ألمانيا وراء الولايات المتحدة وتبقى ملتزمة ببياناتها السابقة. قامت أنجيلا ميركل لمرة أخرى بالإعراب عن وجهة نظر البلدين في بيانات صادرة عن المجلس الأوروبي في 19 مارس. في نفس اليوم قام زعماء الاتحاد الأوروبي باتفاق جماعي على الحفاظ على العقوبات لحين أن تبدأ اتفاقات مينسك تؤتي بثمارها. عموما إن جدول أعمال البلاد يختلف اختلافا كبيرا.

يعتقد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن ما يصل إلى نصف من الدول الأعضاء على استعداد للحد من العقوبات. أقصى مستوى من عدم الرضا عن السياسة الحالية تبرزه النمسا، قبرص، هنغاريا، إيطاليا، اليونان، سلوفاكيا و إسبانيا.

اليونان بشكل خاص تقوم باتخاذ خطوات لجهة روسيا. تقع البلاد على حافة الإفلاس ولا زالت لم تستطع أن تتفاوض مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي حول شروط المساعدة المالية. سوف يجتمع رئيس الوزراء المنتخب حديثا أليكسيس تسيبراز مع بوتين في موسكو يوم 8أبريل ويعتقد الكثيرون أن الغرض من الاجتماع هو إيجاد بدائل للتمويل من الاتحاد الأوروبي. إن رحلة تسيبراز قد كانت مسبوقة برحلة وزير الطاقة باناجيوتيس لافازانيس الذي عاد إلى اليونان في 31 مارس، حاصلا على التزام من روسيا بمشاركتها في المناقصة القادمة للتنقيب عن النفط والغاز في أعماق البحر الأيوني.

قام بوتين ورئيس هنغاريا فيكتور أوربان بعقد اتفاق قرضي بقيمة 10.8 مليار والذي سوف يوفر لروسيا التمويل اللازم لبناء ثاني محطة للطاقة النووية في مدينة باكس الهنغارية. ما إذا كانت روسيا ستقوم حقا بالمساعدة أو لا يهم، فإن الاتفاق هو بمثابة إشارة واضحة للاتحاد الأوروبي: "لن نتوقف".

إن المواقف المماثلة التي يتزايد عددها توضح أن أداة فرض الحدود من خلال العقوبات لا يمكنها الحد من أشياء كثيرة وتبين أن لا أحد يريد أن يكون المتضررعندما سيتم رفع العقوبات في نهاية المطاف.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق