الشمال الروسي البارد لم يكن قط مضيافاً للسياح الأجانب، أما حقول النفط السواحلية فكانت دوماً سرية. ولكن جاء من الكرملين مرسوم الكشف عن البيانات فتم تنفيذ ذلك.
في شهر سبتمبر من العام الماضي حين كان الرئيس فلاديمير بوتين يبحث عن أسواق المبيعات الجديدة لمصادر الطاقة الروسية في آسيا بديلاً عن العملاء الأوروبيين صرح بأنه سيرحب بالاستثمارات الصينية إلى الحقل الفانكوري الجديد والضخم الواقع في أماكن مبتعدة من شرق سيبيريا والتابع للشركة الحكومية روسنيفت.
منذ ذاك الحين زار هذا الركن المفقود في توندرا عدة وفود من الصين والهند.
خريطة خطوط الأنابيب المتجهة إلى الصين وكازخستان من حقول النفط الروسية الواقعة بسيبيريا
العمال الذين يقضون أربعة أسابيع في محطة حقل النفط البعيدة عن الحضارة حيث تنخفض الحرارة تارة إلى 60 درجة سلسيوس ما دون الصفر استقبلوا الوفود على النحو الواجب. قال أليكسي زيريانوف معاون رئيس قسم استخراج النفط والغاز:
"لا مشاكل. إذا احتاج الأمر سنتعاون مع العمال الصينيين".
كل استخراجات فانكور التي تبلغ 440 ألف برميل يومياً تورد إلى الشرق عبر خط أنابيب "شرق سيبيريا – المحيط الهادئ" والذي يضم كذلك تفرعاً إلى شمال شرق الصين.
بيد أن الاقتراح للصين بالمشاركة المالية في المشروع خطوة كبيرة. قبلئذ لم تسمح موسكو لبكين الاقتراب إلى هذا الحد إلى فرع النفط والغاز.
في الماضي لم يكن الكرملين يراجع كثيراً قضية البيع للوكيل الخارجي قسطا من هذا المشروع الضخم والهام من حيث استراتيجيته كحقول النفط في البر على الرغم من أن الشركات الغربية الرائدة كانت تبدي اهتمامها خلال عقود. ما يجدر الانتباه أكثر من ذلك بأن المقترح قد تم تقديمه للصين ذلك المنافس طويل الأمد الذي كادت روسيا تخوض معه الحرب في الستينات بسبب الأراضي المجادل عليها. أكدت روسنيفت أنه ثمة مشروع الاتفاق عن بيع 10% من أسهم الحقل الفانكوري للصين.
الالتفات صوب آسيا
بعد أن فرضت الحكومات الغربية في العام الماضي العقوبات على موسكو إثر أزمة أوكرانبا حاول الكرملين اليحث عن أسواق الترويج الجديدة "أن يول وجهه شطر آسيا".
في العام الماضي بعد إجراء صفقات روسنيفت بغية زيادة حجم التوريدات عبر خطوط أنابيب إلى الشرق التي واحد منها يوصل بين شرق سيبيريا وساحل المحيط الهادئ والآخر يمتد عبر قزخستان سبقت الصين ألمانيا التي هي أكبر مشتر للنفط الروسي.
ومع ذلك فإذا نظرنا أنه خلال العام الماضي انخفضت أسعار النفط بمرتين والغاز الطبيعي كذلك تنخفض أسعاره قد تكون الشروط الاستثمارية من لدن بكين قاسية.
أما سائر مشاريع الطاقة المتعلقة بالطلب من قبل الصين فما زالت متوقفة. في يوم الثلاثاء الماضي أعلنت وكالة Reuters أن بناء مصنع إنتاج الغاز الطبيعي المسال في ساخالين الذي حسب التخطيط يجب أن يورد منتجاته إلى آسيا قد يؤجل إلى سنوات.
في الشهر الماضي أعلنت نفس الوكالة عن المشروع الرائد لبناء خط أنابيب غاز الجديد من الحقول السيبيرية الضخمة إلى الشطر الشرقي من الصين أيضاً يحتمل تأجيله.
أنابيب لنقل النفط إلى فانكور بائنة على الأرض التابعة لروسنيفت للحقل السوزوني شمال كراسنويارسك، 26 مارس
العمال يفتخرون بالظروف العنيفة للعمل. قال المشغل غينادي:
"في بعض الأحيان مفاتيح الربط لا تحمل البرد الشديد. في الصيف أسهل ولكن ينفق مضاد الناموس بكميات هائلة".
على الأرض ليس ثمة أماكن كثيرة بعيدة عن الحضارة. المسافة إلى مطار إغارك الأقرب ساعة الطيران بالمروحية، وتبلغ المسافة عن موسكو 2.8 ألف كيلومتر.
في الشهر الماضي أعلن نائب رئيس الوزراء أركادي دفوركوفيتش أن روسيا قد تغلبت على "الحاجز النفسي" ومستعدة على تقديم التحكم الجزئي باحتياطات الهيدروكربونات للصين .
تنبئ وزارة الطاقة أنه قبل حلول عام 2035 سيزداد قسط النفط ومشتقاته المرسلة إلى بلدان آسيا ضعفين وسيصل إلى 23%، أما خط أنابيب "شرق سيبيريا – المحيط الهادئ" فسيتوسع وقبل حلول عام 2020 سيقدر على نقل 1.6 مليون برميل من النفط يومياً أو 80 مليون طن سنوياً.
ومع ذلك فالعالم المعزول حيث يستخرج نفط سيبيريا ما زال ينظر إلى الغرباء بارتياب. حين طلب صحفي روسي في المطعم الخاص بالموظفين "سندويش" تيقظت له إحدى الموظفات المحليات مباشرة فقالت:
"سندويش" كلمة أجنبية، هل أنت جاسوس؟".