التكهن العالمي من البنك الدولي
AP Photo/Manish Swarup, File
الصفحة الرئيسية اقتصاد

صارت الهند أسرع اقتصادات العالم نمواً، فأين يكمن سرها؟

خفض البنك الدولي تخمينه للنمو الاقتصادي العالمي لهذه السنة إثر انخفاض سرعة النمو في الأسواق الناشئة والنتائج غير المشجعة في الولايات المتحدة.

وأشار البنك في تقريره عن المنظور الاقتصادي العالمي أنه يتوقع نمو الاقتصاد العالمي بمقدار 2.8٪، أي أقل بـ0.2٪ من تقديره في يناير.

يطغى التقلص المفاجئ في اقتصاد البرازيل وروسيا بالإضافة إلى ضعف النمو في تركيا وإندونيسيا والكثير من الدول النامية الأخرى على المؤشرات السليمة من أوروبا واليابان.

ويتوقع البنك أن النمو الاقتصادي العالمي في سنة 2016 سوف يتسارع إلى 3.3٪، إلا أن المشاكل في الأسواق الناشئة ستبقى لأن نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتوجه إلى رفع أسعار الفائدة. كما يتوقع التنبؤ أن النمو في اليابان ومنطقة اليورو سيستمر.

مع أن الاقتصاد الأمريكي يسترجع قواه، إلا أن الشتاء البارد قد قوّض نتائج الربع الأول، ما جعل البنك يخفض توقعاته لهذه السنة بنصف نقطة مئوية إلى 2.7٪.

والدول النامية التي كانت تساعد الاقتصاد العالمي في المرور عبر الأزمة المالية صارت الآن تبطئ النمو العالمي. يقول أيهان كوسه، المؤلف الرئيسي للتقرير:

«تباطؤ النمو له أسباب بنيوية، لذا لن تختفي المشاكل في المستقبل القريب».

وصل الكثير من هذه البلدان إلى سقف النمو الذي يمكن تحقيقه بلا تغييرات سياسية وفتح الأسواق وتحسين مناخ الأعمال وزيادة إنتاجية العمل. ومن أجل التوسع الضروري في البنى التحتية يلزمها تريليونات الدولارات من أجل شق الطرق وتشييد الموانئ وتطوير السكك الحديدية.

اعتمدت البلدان ذات اقتصادات الأسواق الناشئة خلال العقد الأخير على زيادة المبيعات الدولية، أما الآن فتصارع الدول المتقدمة بصعوبة عواقب الأزمة المالية، فغاض هذا المنبع.

واقتصاد الصين، ثاني اقتصادات العالم وأهم مصدِّر دولي، يتباطأ بعد عقدين من النمو المذهل بوتيرة أسرع من المتوقع، وقد هبطت أسعار الخامات إثر ضعف الاستهلاك وفرط الموارد في السنة الماضية.

وتواجه الدول النامية عدا المشاكل الاقتصادية عبء الديون التي راكمتها خلال فترة نمائها.

وفي ضوء التوقعات أن نظام الاحتياطي الفيدرالي ينوي رفع سعر الفائدة للمرة الأولى خلال ما يقارب عشر سنوات، سوف تزداد نفقات هذه الديون، وأدت هذه التوقعات إلى ارتفاع الدولار، ما يؤدي إلى ضغوط إضافية على الحكومات والشركات في الدول النامية لأن ديونها بالعملة الأمريكية، أما عائداتها فبالعملة المحلية. ويتساءل المستثمرون مشككين في قدرة هذه البلدان على الوفاء بالتزاماتها مع تباطؤ النمو.

وترتكز توقعات البنك الدولي بزيادة سرعة النمو في الاقتصاد الدولي إلى 3.3٪ في السنة القادمة على افتراض عدم وقوع أشياء مثل موجة التقلبات التي أصابت الأسواق الناشئة في منتصف سنة 2013. وفي ذلك الوقت أثار بين برنانكي رئيس نظام الاحتياطي الأمريكي السابق «Taper Tantrum»، أي المزاج العصبي، في الأسواق الناشئة حين لمّح إلى احتمال إنهاء برنامج التحفيز.

إلا أن البنك الدولي يشير إلى أن مرحلة رفع أسعار الفائدة والتشدد من جهة نظام الاحتياطي الفيدرالي بالتضافر مع المشاكل المحلية يمكن أن تؤدي إلى تقلبات ملموسة في أسواق المال وموجة من هروب رؤوس الأموال من الاقتصادات الناشئة. يشرح كوسه:

«توقعاتنا الأساسية هي أن شيئاً من هذا القبيل لن يحدث، ولكن كل واحد من هذه العوامل ممكن، ولا يمكن استبعاد تضافرها معاً».

ويلاحظ أن تسارع النمو في السنة القادمة يفترض الاستمرار في تحسن اقتصادات أوروبا واليابان، إلا أنه أمر غير أكيد.

إنما يدعو الاقتصاديون في البنك الدولي الحكومات مرة أخرى إلى الإصلاحات الاقتصادية لهذا السبب تحديداً. يقول كوسه:

«كثيراً ما نكرر أن البلدان [النامية] يجب أن تكمل إصلاحاتها البنيوية. ولكن في سياق التشديد في سياسة نظام الاحتياطي الأمريكي يكتسب هذا الأمر أهمية حاسمة».

يتزايد قلق المستثمرين، ويتوقع معهد التمويل الدولي، وهو مجموعة تمثل نحو خمسمئة من أكبر البنوك وشركات التأمين وصناديق التحوط وغيرها من المؤسسات المالية، أن تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة سينخفض في هذه السنة ليصل إلى مستويات لم تشاهَد منذ أيام الأزمة المالية.

أدى هبوط أسعار النفط والعقوبات المفروضة على روسيا نتيجة النزاع في أوكرانيا إلى انكماش عميق في اقتصادها. وفي البرازيل التي عمّت فضيحة الفساد أعلى المستويات الحكومية فيها يتقلص الاقتصاد نتيجة هبوط أسعار الخامات. وفي تركيا أضعفت الانتخابات الأخيرة سلطة الحزب الحاكم، وهذا يدعو إلى القلق حول المستقبل السياسي للبلاد، إذ يخشى المستثمرون أن الحكومة لن تمضي في الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.

إن انفتاح قطاعات الاقتصاد المغلقة وإلغاء اللوائح القديمة أو المقيدة أكثر من اللازم وغيرها من الإصلاحات التي تزيد كفاءة الاقتصاد تكون على المدى القريب عادةً مؤلمة ومشكوك بها سياسياً، ونتائجها لا تظهر إلا بعد سنين طويلة.

ولكن كوسه يقول أن في سياق المشاكل التي تواجه هذه البلدان وحاجتها إلى الاستثمارات «هذه المرحلة الانتقالية ذات أسعار الخامات المنخفضة وارتفاع أسعار الفائدة هي الوقت المؤاتي لإجراء الإصلاحات البنيوية».

وأحد الأمثلة على ذلك هي الهند. وعدت الحكومة باتخاذ عدد من التدابير الكفيلة بتمتين ثقة المستثمرين، بما فيه خفض العقبات البيروقراطية وتخفيض دعم الوقود وتوسيع إمكانيات الاستثمارات الأجنبية في بعض قطاعات الاقتصاد.

ومع أن الكثيرين يرون أن العمل لم ينته بعد، إلا أن الهند قد سبقت الصين واحتلت مكانة أسرع الأسواق الناشئة نمواً، فيزيد الاقتصاديون، بما فيه اقتصاديو البنك الدولي، توقعات النمو للهند.

المصدر: The Wall Street Journal

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق