في محاولة للحفاظ على الاقتصاد السخي، تضع الرياض مستقبلها السياسي تحت الخطر.
في العام الماضي و للمرة الأولى منذ ثماني سنوات قامت المملكة العربية السعودية بالاقتراض في السوق المحلية. تم إصدار سندات بقيمة 4 مليارات دولار وأنفقت العائدات على الحفاظ على مستوى عال من الإنفاق العام في ظل انخفاض أسعار النفط.
وقال رئيس مؤسسة النقد العربي السعودي فهد المبارك أن الحكومة ستعمل على الجمع بين عائدات السندات من احتياطيات النقد الأجنبي للحفاظ على التكاليف وتغطية عجز الموازنة المفرط.
و قد تحدث في مقابلة مع الصحيفة الاقتصادية اليومية Al-Eqtisadiah عن الخطط لزيادة الاقتراض. وفقا للمحللين العجز في الميزانية سيبلغ هذا العام حوالي 130 مليار دولار. وللحفاظ على مستوى عال من الرواتب في البلاد ولدعم المشاريع الخاصة وإدارة الحرب مع الحكومة اليمنية تستخدم الحكومة احتياطيات العملات الأجنبية، والتي في أغسطس من العام الماضي بلغت ذروتها بمبلغ 737 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين انخفضت بنسبة 65 مليار دولار.
و قد آثارت المبالغ الإضافية لموظفي الخدمة المدنية والعسكرية التي عينت من قبل الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود ضغطا جديا على الخزينة. تحدث جون سفاكياناكيس، مدير الصندوق ورئيس قسم دول الخليج العربي في شركة Ashmore، حول الأحداث على النحو التالي:
«ضرب الواقع البلاد وعادت الحاجة إليها. إذا استمرت الحكومة في القيام بالأعمال التجارية كالعادة، ستنفذ الاحتياطيات بشكل أسرع بكثير مما كان متوقعاً وذلك بحلول نهاية عام 2018 أو أوائل عام 2019».
من أجل الحفاظ على المستوى اللازم لتخطيط النفقات تحتاج المملكة العربية السعودية إلى أن يبلغ سعر النفط أكثر من 105 دولارات للبرميل الواحد، ولكن هذا العام لن يتجاوز متوسط سعره 58 دولارا للبرميل الواحد، كما تشير توقعات الخبراء.
إصدار السندات سيساعد على تخفيض معدل إنفاق الاحتياطيات والذي بلغ في مايو هذا العام 672 مليار دولار. و يظهر عرض الأوراق المالية الحكومية في السوق المحلية تحولاً في إستراتيجية البنك المركزي، الذي سيضطر للحفاظ على الميزانية في مواجهة تقلص الإيرادات.
في البداية، كان المحللون يشكون في أن الحكومة ستستجيب للتحديات المالية بطريقة مماثلة خوفاً من تكرار ما حدث في أواخر تسعينات القرن الماضي، عندما تجاوز الدين الداخلي 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ومنذ ذلك الحين آخذ بالانخفاض وفي نهاية عام 2014 كان يشكل 1.6٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
في نفس الوقت، قد يكون الانخفاض في أسعار النفط أكثر وضوحاً مما كان متوقعاً. وفقا لتوقعات مؤسسة النقد العربي السعودي الإمكانات الاقتصادية قاتمة وسينخفض الناتج المحلي الإجمالي في هذا العام بنسبة 2.8٪، و هذا بعد انخفاض نسبته 3.5٪ في عام 2014. كما سينخفض نمو القطاع غير النفطي في الاقتصاد (وهو المزود الرئيسي لفرص العمل للشباب) من 5٪ إلى 4.7٪.
يمكن أن تصبح السندات الحكومية معياراً للأوراق المالية من شركات القطاع الخاص والشركات المملوكة للدولة الراغبة في دخول الأسواق المالية. وبالتالي سيكون لديها فرصة لتنويع مصادر التمويل، حيث أن النظام المصرفي سيتعرض لخطر نقص السيولة.
يعتبر المنظمون إصلاح أسواق رأس المال وظيفة أولوية. في الشهر الماضي تم فتح السوق المحلية لمدراء الصناديق من الخارج . و يدعو صندوق النقد الدولي الحكومة لخفض الدعم والرواتب لموظفي الخدمة المدنية، إلا أن مثل هذه الإصلاحات ستؤدي إلى عواقب سياسية سلبية، بالنظر إلى أن السكان قد اعتادوا على سخاء الحكومة. و يمكن للرياض (وفقا لبعض الخبراء، ستضطر لفعل ذلك) جلب السندات السيادية إلى الأسواق العالمية بسبب حجم العجز، وبالتالي تبسيط الإقراض للشركات والمؤسسات داخل الدولة.