لقد تم التوصل إلى الاتفاق بشأن البرنامج النووي. ولكن ألن يجلب ذلك المزيد من المشاكل إلى المنطقة؟
يعتمد مستقبل منطقة الشرق الأوسط التي تشهد الآن أصعب فترة في التاريخ الحديث، على كيفية تحكم إيران بهيبتها المكتسبة حديثا وكيفية تعامل السنة مع هذا حيث يمكن أن تحدث صراعات جديدة بين الطوائف في المنطقة.
يشير بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط:
«من وجهة نظر الحس السليم يمكن للمرء أن يجادل بأن إيران ستصبح أكثر عدوانية، لأنه سيكون هناك المزيد من الأموال لتنفيذ سياساتها. من ناحية أخرى، هناك احتمال أن الكتلة المعتدلة ضمن قيادة البلاد سوف تكون قادرة على إقناع قائدها بضرورة تطبيع العلاقات مع الخصوم وتخفيف حدة التوتر في المنطقة».
منذ عام 2011، قتل في الحروب التي دعمتها إيران والمملكة العربية السعودية أكثر من 250 ألف شخص،معظمهم في سوريا. تبلغ خسائر الاقتصاد في المنطقة عدة مليارات الدولارات. و يكتسب الجهاديون قوتهم في سياق استمرار الصراع والانعدام التام للمراقبة. ومن الأمثلة الصارخة داعش، التي تقوم بتنظيم هجمات المتطرفين من تونس إلى العراق.
التغييرات القادمة
بموجب الاتفاقية التي وقعت يوم الثلاثاء، تخلت الجمهورية الإسلامية عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات. ينبغي على إيران أن تقدم معلومات حول قدرتها على إنتاج الأسلحة النووية قبل 15 ديسمبر. في اللحظة التي سيؤكدون بها المفتشون الدوليون صحة البيانات البلاد ستكون قادرة على زيادة صادرات الطاقة للعودة إلى الأسواق المالية العالمية والحصول على الأصول المجمدة التي يبلغ مجموع قيمتها 150 مليار دولار أمريكي.
يقول نبيل بومنصف محلل من صحيفة النهار اللبنانية:
«هذه الأحداث غير مسبوقة في المنطقة. ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث بعد الاتفاق الإيراني».
على الرغم من أن إعادة التأهيل الدولي لإيران لن يحدث بين عشية وضحاها، يمثل هذا الاتفاق اليوم تطوراَ كبيراً في العلاقات بين طهران وواشنطن. بعد أن تم خلال الثورة الإسلامية عام 1979 إزالة الشاه محمد رضا بهلوي عن السلطة عدم الثقة تسود بينهما.
عندما تم الإعلان في العاصمة النمساوية عن الاتفاق، سارع الرئيس الإيراني حسن روحاني لتبديد المخاوف من عدم الاستقرار المحتمل في الشرق الأوسط:
«الأمن في المنطقة هو أمننا. الاستقرار في المنطقة هو استقرارنا. لن يجلب تطور إيران لمنطقة الشرق الأوسط شيئاً إلا الفائدة».
آمال سعودية
هنأ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان روحاني بالاتفاق «التاريخي». لم تستجب المملكة العربية السعودية حتى الآن لما يحدث. بعد التوقيع الوثائق الأولية في أبريل أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز عن أمله في أن التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة وخارجها.
وفقا للبيت الأبيض،الرئيس أوباما أكد خلال محادثة هاتفية مع الملك سلمان أن الولايات المتحدة «مستعدة اليوم، كما لم تكن مستعدة من قبل، للتعاون مع شركائها في الخليج لمواجهة الإجراءات المزعزعة للاستقرار من قبل إيران وتعزيز السلام في المنطقة».
يترأس السعوديون التحالف العسكري ضد المتمردين الشيعة في اليمن، فضلاً عن تسليح وتمويل السنة السوريين، الذين يحاولون الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، حليف إيران. اتهمت المملكة إيران بتشجيع الاضطرابات في البحرين بين الأقلية الشيعية في المناطق الغنية بالنفط في شرق البلاد. ردا على ذلك أعلنت الجمهورية الإيرانية وحلفاؤها أن السعوديون يمولون المتطرفين السنة ويتعاونون مع الولايات المتحدة.
العدو المشترك
يعتقد كامران بخاري، أحد مؤلفي كتاب «الإسلام السياسي في عصر الديمقراطية» (Political Islam in the Age of Democratization) أن دعم حزب الله اللبناني للرئيس بشار الأسد والقوات العربية الأخرى يمكن أن «يزيد بعدة مرات» بعد توقيع الاتفاق.التأثير السياسي الكبير لإيران هو ما «يقلق خصومها في المنطقة. فالقلق الرئيسي هو ليس البرنامج النووي الايراني».
ولكن لدى إيران والمملكة العربية السعودية عدو مشترك و هو الدولة الإسلامية. يقاومها نشطاء وزعماء الميليشيات المدعومة من قبل إيران في العراق. مؤخرا، أخذت الخلافة المتطرفة المسؤولية عن الهجمات الإرهابية على المساجد الشيعية في المملكة العربية السعودية، التي أسفرت عن مقتل 24 شخصا على الأقل.
من خلال التوقيع على اتفاق دولي، سوف تستطيع إيران تفعيل نشاطها في المنطقة كما يعتقد بول بيلار، ضابط المخابرات الأمريكية السابق والأستاذ في جامعة جورج تاون:
«إيران في حاجة إلى توفير قدرة قانونية أكثر لتنفيذ السياسات في المنطقة، بعد ذلك سوف تكون بمثابة دولة دستورية علمانية. إذا عرضناها للنبذ واعتبرناها دولة وحشية،فإنها سوف تتصرف وكأنها دولة وحشية».
الذهب الأسود
تحتل إيران المركز الرابع في العالم من حيث إحتياطيات النفط.،البلاد لديها ما يقارب من 160 مليار برميل نفط. ولكن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في عام 2012، أدت إلى أن الإنتاج اليومي للنفط في إيران قد انخفض من 3.6 مليون برميل في عام 2011 إلى 2.6 مليون برميل في عام 2014. و في نيسان، عندما أعلنت الجمهورية والدول الوسيطة عن الاتفاق المبدئي،انخفضت الأسعار بنسبة 4٪ خلال اليوم.
قال كبار المحللين في بنك «Uralsib» أليكسي كوكين: «بعد رفع الحظر،ايران ستكون قادرة على تزويد السوق العالمية بـ500 آلف برميل إضافي يومياً».
والخبراء الغربيون واثقون من ذلك أيضاً. وقالت شركة الاستشارات Manaar Energy Consulting في تقريرها أنه في غضون ستة أشهر من السنة، منذ إلغاء القيود على الصادرات ستستطيع إيران على زيادة الإمدادات بحجم 500-800 آلف برميل يوميا. وأخيرا، أعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه عن الاستعداد لتوريد 500 ألف برميل.
ولكن ليس كل شيء بهذه البساطة: في أفضل الأحوال، لن يبدأ تصدير النفط الإيراني قبل أوائل 2016. لأن الجمهورية اضطرت إلى وقف تطوير الحقول الجديدة والحفاظ على القديمة بسبب العقوات. كما أن إيران ليس لديها ما يكفي من الموارد لاستعادة البنى التحتية المعقدة والمكلفة ولهذا الغرض تناقش الحكومة إمكانية توقيع عقود مع شركات عالمية بقيمة إجمالية تبلغ 100 مليار دولار.
والعامل السلبي الآخر الذي يمكن أن يعقد عودة إيران الى سوق النفط العالمية، هو الوضع الحالي: فهناك فائض خطير للطلب في العالم. لكن رئيس شركة النفط الحكومية الإيرانية Iranian Oil Co. محسن قمصاري قال أنه لن يؤثر على خطط بلاده.