لماذا عدم المساواة الاقتصادية مفيدة للاقتصاد؟
Hanoi Photography / Shutterstock.com
الصفحة الرئيسية اقتصاد

هل يحتاج النمو الاقتصادي الثابت إلى تحويلات الدخل؟

الفرق بين دخل السكان له إيجابياته وسلبياته. يمكن للدخول المرتفعة أن تكون جائزة على الجهود وتطوير الاقتصاد، ولكنها يجب أن تكون متوازنة بجوارعدم المساواة. الأموال المكتسبة بسبب حسن الحظ أو الدين أو الوراثة صعب جدا تبريرها من الناحية الأخلاقية. المشكلة الأساسية للمجتمع والحكومة هي تعيين المستوى المقبول لتحويل الدخول لأجل توازن عدم المساواة المتبقية مع تحديد الحوافز بطريقة زيادة الضرائب.على الأقل هذا ما اعتبره الناس في الماضي.

خلال السنتين الأخيرتين شهدنا اهتماما كبيرا للبحوث العلمية التي ترفض هذا الحل الوسط. يقول مؤيدو مكافحة عدم المساواة إن مساواة الدخول تسبب النمو الاقتصادي. وبعبارة أخرى تحويل الدخول في البلد لا يساعد على تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء فحسب بل يساعد أيضا على النمو الاقتصادي الثابت.

من غير المتوقع أنه من المنظمات التي تدعم هذه الفكرة الجديدة هيئتان مشهورتان وهما صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وهل تصريحات هذين الحصنين التقليديين للنظرية الاقتصادية المحافظة مبنية على أدلة تجريبية أو هل هي مجرد تتبع للموضى؟

ليس هناك أي شك في أن الأفكار الجديدة قد دخلت العقول عميقا. ورئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنخيل غوريا متأكد في الواقع الجديد:

"حل مشكلة زيادة عدم المساواة مهم بشكل كبير للحفاظ على النمو القوي الثابت".

تقييمات رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أشد قطعية منها لرئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. حسب قولها يجب على الأغنياء أن يشكروا الفقراء:

"خلافا للاعتقاد الشائع، الأغنياء وليس الفقراء هم الذين يستفيدون من انتشار الدخول في المقام الأول".

وبالرغم من قلق النخبة البيرقراطية العالمية نتائج البحث ليست جديرة بالذكر من أي ناحية. المؤشرات الاقتصادية تختلف من وقت إلى آخر ومن بلد إلى بلد، لكن الحقائق تشير إلى أن عدم المساواة توضح بعض هذه الاختلافات فقط. ومهما كان تأثير عدم المساواة على النمو الاقتصادي تحكم الاقتصاد قدرات أخرى. ولهذا السبب لا ينبغي الاعتماد الكامل على تحويلات الدخل كمولد جديد للنمو.

النتائج مبنية بشكل كامل تقريبا على تناسب المؤشرات بين بلدان مختلفة. وعلاوة على ذلك هناك تناقضات مقلقة فيها. يعتبر صندوق النقد الدولي أن النسبة العالية لإيرادات الأغنياء تضر الاقتصاد. وفي نفس الوقت تؤكد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الفجوة بين الفقراء والطبقة الوسطى هي التي تضر الاقتصاد فقط. مع ذلك تتوصل المنظمة إلى استنتاج بأن عدم المساواة تؤثرعلى النمو بسبب عدم وجود فرص للتعليم الجيد عند الفقراء. لكن من غير الواضح كيف يدخل التعليم معادلة النمو الاقتصادي.

وهاتان المنظمتان ليستا فقط غير قادرتين على تقديم نتائج مقنعة على الصعيد العالمي بل أيضا لا تعطيان أي تعليمات سياسية للدولتين الغنيتين اللتين سببتا نتائج البحث فيهما أكبر ضجة وهما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. ومع أنهما ليستا من أسوأ مظاهر الرأسمالية، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي هما دولتان تشهدان نموا قويا نسبيا ومستوى منخفضا من عدم المساواة وتحويلات دخل مرتفعة.

أكثر ما يمكن قوله على أساس التناسبات العالمية هو أن الاقتصادات الناجحة تنمو بسرعة، وغالبية السكان لهم دخل مقبول وطول حياة كاف وهذا يؤدي إلى إعادة التوزيع الكبيرة. لكنه شيء معروف منذ زمن طويل. ولا يقال أي شيء عما ينبغي فعله بـ1% من أغنى الناس وهم الذين يحكمون مناظرات السياسيين حول عدم المساواة.

وعلاوة على ذلك هناك احتمال بأن السياسة الاقتصادية الحالية تسبب النمو وتقلل عدم المساواة في نفس الوقت. أصبح الترويج النشيط للمنافسة سبيلا إلى نجاح مؤيدي حركة اليسار المتوسط في التسعينيات من القرن العشرين. والذين أدت سياستهم إلى تعزيز الفعالية والعدالة في نفس الوقت.

لم تكن نواقص حكومتي توني بلير وبيل كلينتون متعلقة بعدم المساواة بل بالتلاعبات في القطاع المالي. كانت البنوك والهيئات السياسية تستغل الإعانات الحكومية وتتخذ مخاطر مفرطة مع نتائج فاجعة. المزيد من الهجمات على المصالح الخاصة والريع الاقتصادي التي تسمح لنخبة المجتمع أن يعيشوا على حساب الآخرين هو طريق سياسي مثمر. طبعا، عبارة "مكافحة الريع الاقتصادي" تشبه مسلمة مملة من كتاب الاقتصاد. ولكن هناك أدوية أخرى لعلاج جميع العلل ويجب على صاحبي القرار أن يولوها مزيدا من الاهتمام.

يجب على البلدان النامية مكافحة الفساد وتعزيز حقوق الملكية؛ وينبغي لدول جنوب أوروبا تقليل حقوق عمال كبار السن وتسويتها بحقوق الشباب، وبريطانيا ملزمة بأن تخفف القيود السخيفة للبناء التي تركز الأموال في أيدي المالكين الحاليين للأراضي.

طبعا يبقى المكان لإعادة تخصيص الموارد وزيادة الضرائب للأغنياء التي يجب قبولها على الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تشهد نمو عدم المساواة.

ولكن حل هذه المشكلة أصعب من الإجماع السائد. هل تحويلات الدخل مهمة للنمو الاقتصادي الثابت؟ للأسف ليست هناك إجابة قاطعة حتى الآن.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق