اعترف البنتاغون الأسبوع الماضي أن سوريا يمكن أن تتجزأ إلى جزئين أو حتى ثلاثة. فريق تحرير بلومبرغ تقاسم رأيه حول أنه يجب الاعتراف بأن تقسيم سوريا السبيل الوحيد لإيقاف الحرب.
أزمة اللاجئين في أوروبا شدت الأنظار مرة أخرى إلى الحرب في سوريا ما يعطي الأمل على تجدد الجهود الدبلوماسية لوقف النزاع. لكن أي محاولة كهذه يجب أن تتضمن ما لا مفر منه وهو تفكك سوريا.
عندما اندلعت المظاهرات عام 2011 لم يتوقع أحد نتيجة كهذه. أما الآن البلدان المشاركة في النزاع يجب أن تستخدم إمكانية تقسيم سوريا كفرصة لتسوية مصالحها والخروج عن الطريق المسدودة وإخماد نار الحرب.
منذ يوليو عند توقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني تم الإفصاح عن خطوات دبلوماسية كثيرة متعلقة بالأزمة السورية لكنها لم تسفر عن نتائج عملية.
- عرضت روسيا تنظيم حلف ضد داعش ليكون على رأسه الرئيس السوري بشار الأسد لكي يستطيع الحفاظ على مكانته كرئيس للبلاد.
- عبرت المملكة العربية السعودية عن استعدادها لوقف إمدادات المسلحين إذا قامت إيران وحزب الله بإخراج قواتهما من سوريا ما سيقلل من شعبية الأسد. أعلنت إيران أنها ستقدم خطتها لاحقا.
- الولايات المتحدة تعرض فكرة تقسيم مسؤوليات السلطة ما يعد حلما لن يتحقق.
من الممكن أن نشجع هذه الإرادة القوية للمحادثات الدبلوماسية لكن لا يجب أن ننسى أن ولا جهة من الجهات المشاركة تمتلك الأفضلية وكنتيجة لن تستطيع التغلب على غيرها، وأي خطة سلمية لتقسيم الحكم المركزي في سوريا ليست إلا أفكارا على ورق.
التقسيم السلمي للحكم من الممكن أن يوقف القتال ولو جزئيا. نظام الأسد يعترف بفقدانه السيطرة على الجزء الأكبر من البلاد ويركز قواته في المناطق التي لا يعتبر خسارتها ممكنة. بدورها القوات الكردية بسطت سيطرتها على عدد من المناطق وأخلتها من داعش.
الوضع في المناطق السنية أسوأ ولكن ليس لتلك الدرجة التي يراها البعض. تحالف القوى غير الإسلامية التي يدعمها الأردن والولايات المتحدة ودول أخرى تمركزت في جنوب سوريا في مناطق أخرجت منها قوات الأسد وجبهة النصرة التابعة للقاعدة.
على الرغم من أن الاتفاق الذي سيحافظ على توازن القوى الحالي لن يوقف الحرب بسرعة إلا أنه سيسمح بتقليصها وتقليص عدد الجهات المشاركة فيها. في هذه الحالة من الممكن أن تتوصل القوات الحكومية المستنذفة وقوات المعارضة المعترف بها عالميا التي تواجه بشكل رئيسي الجيش السوري إلى هدنة لوقف إطلاق النار. هذا سيسمح لقوات المعارضة بمواجهة داعش وجبهة النصرة، إذا أخذنا في عين الاعتبار المساعدات السياسية والمالية من الخارج ستكون إمكانيات المعارضة كبيرة إلى حد ما.
كما أن الاعتراف بتقسيم سوريا المحتمل سيساعد القوى المشاركة على ضمان مصالحها.
- كان سيكون التركيز الأساسي على داعش كما تعرض روسيا لكن دون انتصار الأسد الذي كان من الممكن الاتفاق عليه.
- إيران وحزب الله كان يمكن أن تخرجا من المواجهة ما كان سيرضي المملكة العربية السعودية.
- رغبة الولايات المتحدة في مواجهة داعش بأيدي القوى السنية، التي تعتبر نظام الأسد عدوها الأساسي، كانت ستكون أكثر منطقية.
لكن لا يوجد مكان للأوهام في الواقع. التوصل إلى أية اتفاقية سيكون أمرا صعبا. فأصل الصراع في سوريا هو المواجهة بين روسيا وإيران من جهة والولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج من جهة أخرى، في حين أن داعش تظهر كلاعب مستقل.
على سبيل المثال بدأت روسيا بتجهيز قاعدة جوية في الشمال الغربي من سوريا كنقطة ارتكاز للطيران. في حين أية محاولة للتقسيم ستواجه مقاومة كبيرة في الداخل. من الصعب تحديد حدود وقف إطلاق النار عدا عن اتخاذ القرار حول وضع حلب وأرياف دمشق والجولان الحدودي في هذا التقسيم.
لكن لا حل آخر. الأشهر والسنوات تنقضي ولا خطة لإنهاء الصراع، في حين أن نظام الأسد يتابع قصف المناطق بالبراميل المتفجرة وداعش تبقى في مراكزها في سوريا وتهدد العراق، الأزمة تنبثق إلى لبنان وتركيا وأفواج المهاجرين في طريقها إلى أوروبا.
الاعتراف بتقسيم سوريا ليس إلا الخطوة الأولى لكنها ربما الاحتمال الوحيد لجعل الأطراف تتجه إلى إنهاء الحرب.