الأزمة اليونانية البعيدة عن الانتهاء تتطور في إطار مهرجان الأزمة الاقتصادية العالمية.
أجريت الانتخابات في اليونان يوم الأحد الماضي والتي حارب فيها ألكسيس تسيرباس من أجل مستقبله السياسي. جذب البلد الذي يعاني من الكساد والذي توصل بصعوبة إلى اتفاق مع المقرضين انتباه العالم أجمع. فاز حزب سيريزا في الانتخابات البرلمانية بحصوله على 35.47% من الأصوات. وهكذا يحصل حزب تسيرباس على 145 مقعدا من أصل 300 في البرلمان.
لكن بغض النظر عن النتائج خفض المصاريف والمشاكل الاقتصادية لابد منها. والأزمة اليونانية البعيدة عن الانتهاء تتطور في إطار الأزمة الاقتصادية العالمية.
على سبيل المثال الاقتصادي الرئيسي في بنك انكلترا إندي هولدين يعتقد أن مشاكل اليونان هي جزء من الأزمة المالية والاقتصادية المزمنة التي بدأت منذ سبع سنوات عند إفلاس البنك الاستثماري الأمريكي Lehman Brothers. إذا أخذنا في الاعتبار وجه النظر هذه فقرار النظام الاحتياطي الفدرالي يوم الخميس بتأجيل رفع سعر الفائدة يبدو قسما من ذات المسرحية.
المشاكل الاقتصادية في اليونان هي إرث القروض الرخيصة التي حصلت عليها البلاد بعد انضمامها إلى منطقة اليورو. في تلك الفترة رؤساء البنوك المركزية كانوا يهنئون أنفسهم بالانتصار على التضخم.
رئيسة النظام الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين تشير إلى أن اتخاذ قرار تأجيل رفع سعر الفائدة تم بسبب "المشاكل الاقتصادية والمالية العالمية"، خاصة بسبب المشاكل في الصين. بدوره صرح مارك كارني رئيس البنك المركزي البريطاني بأنه يرغب في رفع سعر الفائدة في بريطانيا وأشار مرارا وتكرارا إلى أن نهاية العام وقت جيد لاتخاذ القرارات في السياسة المالية وسياسة القروض لكن إذا استمرت الأزمة سيتوجب عليه الإبقاء على السعر السابق.
يعتقد هولدين أنه سيتوجب اتخاذ قرارات معينة. الاقتصادات المتطورة تتباطأ والأسعار على الخام منخفضة ما يجعلنا نتوقع كما صره ألبيرت إدفاردس من البنك الاستثماري Société Générale "موجة جديدة من الكساد".
باعتبار أن السعر الحالي يساوي 0.5% لم يبق إلا القليل من الأدوات للسيطرة على الوضع. يعتقد هولدين أنه في النهاية يمكن أن يتطور الوضع إلى مستويات سلبية. كما أنه يقول أن هذا يمكن أن يصبح واقعا إذا استخدمت البنوك نظاما شبيها بالبيتكوين. من الممكن أن يستخدم العملاء المحافظ الإلكترونية في الهواتف والحواسيب بدلا من النقود وأوراق العملة المتسخة والبنوك بدورها لها الحق في فرض غرامة على العملاء إذا لم يستطيعوا صرف النقود في الوقت المحدد.
تكمن المشكلة في أن الكثير من الأشخاص والشركات على الرغم من قروضهم الكثيرة يفضلون أن ينتظروا نهاية الأوقات العصيبة بجيب ممتلئة بالسيولة. يفترض أن يكون سعر الفائدة السلبي ردا على تصرفات كهذه.
كما يفعل هولدين غالبا آراؤه هذه نظرية فقط. لكنها تعكس حجم المشكلة التي يمكن، برأيه، أن تواجهها البنوك المركزية في العالم قريبا، إذ أن توسع أزمة في هذا العالم يقود إلى سلسلة من الأزمات في أنحاء أخرى. أدير ترنر المدير السابق للإدارة المالية والتخطيط والمراقبة في بريطانيا تحدث مؤخرا عن التأثير الطويل الذي يمليه ارتفاع مستوى القروض على الاقتصاد.
استحضار كلمة بين برناركي التي ألقاها عام 2002 والتي شرح فيها آليات عمل التيسير الكمي وتحدث عن "رمي الأموال"، بدت في تلك الفترة أكاديمية بحتة. لكن عند حدوث الأزمة السياسيون وغوردون براون على رأسهم كانوا أول من تذكروا هذه الآليات.
مشاكل اليونان وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع مستوى البطالة التي تكاد تساوي الكساد العظيم في الولايات المتحدة الأمريكية هي واحد من الأجزاء الثلاثة التي بدأت مع بداية أزمة 2008 والتي استمرت عام 2011 في منطقة اليورو والآن تنتشر في الأسواق النامية. على أي حال هذا لا يسهل من وضع اليونان.
انخفاض نمو الاقتصاد الصيني لا يزال مستمرا وتم تسجيل التراجع في الكثير من البلدان من كندا إلى تركيا ومن ماليزيا إلى البرازيل، يبدو أن الأزمة اليونانية لن تبقى المشكلة الأكبر في الاقتصاد العالمي.