قاطرة منطقة اليورو تصطدم بمشاكل في التجارة.
من المحتمل أن تعافي اقتصادات الدول المتطورة وتزايد الطلب الاستهلاكي سيقدران على تأمين نمو اقتصاد ألمانيا في هذه السنة رغم تباطؤ الأسواق النامية والفضائح المرتبطة بشركات ألمانية شهيرة.
بقيت ألمانيا، التي كثيراً ما تلقب بقاطرة منطقة اليورو، في السنوات الأخيرة قلعة الاستقرار، إلا أنها قد تصطدم الآن بمخاطر كبيرة. فعلامات التباطؤ في الصين ومشاكل روسيا الاقتصادية ضربت الشركات الألمانية التي تعمل من أجل التصدير، بينما الفضيحة حول شركة Volkswagen أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت علامة «صنع في ألمانيا» لا تزال تستحق الثقة.
انخفض مؤشر الثقة الاقتصادية الذي طوره مركز التحاليل الألماني ZEW بشدة. حسب نتائج الاستطلاع المنشورة الثلاثاء يتوقع 56٪ من المحللين أن تسوء ظروف العمل لمنتجي السيارات الألمان، وهم يشكلون 18٪ من إجمالي صادرات البلاد. وقال رئيس ZEW كليمنس فوست:
«إن الفضحية المرتبطة بتزوير Volkswagen لمؤشرات مستويات المواد الضارة في غازات العوادم وبطء النمو في الأسواق النامية يؤديان إلى تدهور الآفاق الاقتصادية لألمانيا».
وتؤكد بيانات الأسبوع الماضي حول هبوط مستوى الصادرات في أغسطس احتمال تأثر النمو الاقتصادي بهذه المخاطر. وحجم الطلبات الصناعية كان أدنى من المتوقع أيضاً.
يمكن تفسير الانكماش جزئياً بتغير موعد عطلات المدارس في ألمانيا، حيث أخذ الكثيرون من العاملين إجازاتهم في أغسطس. ومع أنه يمكن تجاهل هذا، إلا أن البيانات التمهيدية حول التصدير تشير إلى هبوط مفاجئ في التجارة خارج منطقة اليورو، ما يعكس مدى تأثر ألمانيا بانكماش اقتصادات روسيا والصين.
لم يكن نمو الناتج القومي الإجمالي الألماني خلال الفصلين الأول والثاني جيداً، والمؤشرات المماثلة لشريكها التجاري الرئيسي فرنسا كانت دون التوقعات أيضاً.
التجارة لها أهمية حيوية بالنسبة للاقتصاد الألماني. تضررت عدة دول مثلها من هبوط الصادرات في كل العالم بعد إفلاس بنك الاستثمار الأمريكي Lehman Brothers في خريف 2008. وفي سنة 2014 كان الميزان التجاري للبلد، أي الفرق بين الصادرات والواردات، 7.5٪ من الناتج القومي الإجمالي، وهذا من أعلى المؤشرات عالمياً.
ولكن باعتبار انخفاض حمولة القطارات التي تأخذ من ألمانيا إلى الصين قطع الغيار والمعدات، وعدم انخفاض اليورو إلى الحد الذي يحبه المصدرون، فالشركات المتوجهة إلى الغرب نجاحها أكبر.
ويعتقد بعض المحللين أن صحة اقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهما اثنان من ثلاثة أكبر شركاء تجاريين لألمانيا، بالإضافة إلى تباطؤ تعافي اليورو شرطان كافيان لاستمرار نمو التجارة.
«الغيوم تحجب الأفق، ولكننا حالياً لسنا في وضع يشبه ما حصل في السنتين 2008 و2009، عندما كانت التجارة في كل العالم في حالة كساد. بقي التصدير إلى البلدان خارج منطقة اليورو عالياً جداً».
ولا تزال التجارة مع بريطانيا، وهي تستورد بضائع ألمانية أكثر من الصين، على مستوىً جيد.
ويتوقع Deutsche Bank أن في هذه السنة سيشكل نمو الاقتصاد الألماني 1.7٪. عدّل البنك تنبؤاته حول السنة القادمة مؤخراً لتصبح 1.9٪ بفضل توقع نمو الطلب الاستهلاكي داخل البلاد بسبب وفود أكثر من مليون مهاجر إلى ألمانيا خلال السنة 2015.
ومع أن «فضيحة الديزل» كارثية بالنسبة لواحدة من أكبر الشركات الألمانية، إلا أن سمعة المنطقة لا تستند عليها وحدها. قال شنايدر:
«إن Volkswagen من أشهر الماركات الألمانية، ولكن علامة «صنع في ألمانيا» أكبر من Volkswagen، فنجاحها لا يتوقف على فضل عدة شركات كبرى، بل يتجذر في عمل العديد من المصانع المتوسطة».
اجتماع انخفاض أسعار النفط وقوة سوق العمل ورخص القروض أدى إلى نمو النفقات الاستهلاكية في البلاد.
صرّح فوست:
«لا تزال الكفاءة الداخلية للاقتصاد في مستوىً جيد، ولا تزال منطقة اليورو تتعافى. ومن ثم، فإن انكماش الاقتصاد الألماني مستبعد».
مع أن نمو الناتج القومي الإجمالي المتوقع في هذه السنة طبيعي، الاعتماد الزائد على التجارة والطلب الداخلي يمكن أن يخلق مشاكل لألمانيا على المدى المتوسط.
ينبه يورغ كريمر، كبير اقتصاديي Commerzbank الذي يتنبأ بنمو اقتصاد ألمانيا بقدر 1.5٪ في هذه السنة، إلى أن كبار الموظفين الحكوميين في ألمانيا يظهرون لامبالاة مفرطة، ويعتقد أن قلة الاستثمارات في البنى التحتية وارتفاع كلفة العمل والتراجع عن الإصلاحات الأخيرة في سوق العمل وتشيخ السكان يمكن أن تؤثر جميعها سلباً على تنافسية البلاد. وقال كريمر:
«إن تصور ألمانيا على أنها قاطرة منطقة اليورو مبالغ فيه، مثله مثل لقب أضعف حلقة في الإقليم الذي حازت عليه منذ 10 سنوات. ولكن السياسيين لديهم قناعة خطرة أن الاقتصاد الألماني سيبقى مستقراً إلى الأبد، ويتصورون أن الحكومة لا يجب أن تتصرف ما دامت الميزانية متوازنة، بينما هناك حاجة إلى إصلاحات بنيوية في أقرب وقت».
أهمية ما ذُكر
- الاقتصاد الألماني هو أقوى اقتصاد في منطقة اليورو ومشاكله تنعكس على اقتصاد الدول الأخرى.
- فضيحة فولكس فاجن أدت إلى خسائر في الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على قطاع السيارات.
- على الرغم من ذلك لا يتوقع الخبراء خسائر كبيرة في الاقتصاد الألماني بل تباطؤه قليلا.