في حين تحضر بريطانيا للاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي يأتي شي جين بينغ إلى لندن وفي جعبته صفقات بالمليارات.
بقي ديفيد كاميرون يرفض لشهور مضت غايته المنشودة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي قبل إجراء استفتاء حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
والقصة أن مهما كانت الشروط التي يطرحها رئيس الوزراء سيجد بين نواب حزبه من يعارضها. وبالنتيجة اضطر كاميرون خلال القمة الأوروبية الأسبوع الماضي بضغط من رؤساء الدول الأخرى أن يعد بتقديم شروطه تحريرياً في بداية الشهر القادم. ويدور الحديث قبل كل شيء حول نيته باستثناء بريطانيا من مجال تطبيق بند «اتحاد أوثق من أي وقت مضى».
بيت الضيق يسع ألف صديق
الصياغة الكاملة هي «اتحاد أوثق من أي وقت مضى بين شعوب أوروبا»، وبهذا الشكل تحوي تخصيصاً صغيراً، إلا أنه هام. تظهر هذه الصياغة أول مرة في ديباجة اتفاقية روما لسنة 1957 وفي الوثائق اللاحقة. ومع ذلك، لم تكن تثير المعارضة حتى وقت قريب حتى عند مناهضي الاتحاد الأوروبي.
عبرت بعض البلدان الأخرى عن بعض التشكك فيما يتعلق بهذا الهدف. أعلنت حكومة هولندا في سنة 2013 أن «زمان "اتحاد أوثق من أي وقت مضى" في أي مجال قد مضى بالنسبة لنا». وفي يونيو 2014 أعلن مجلس أوروبا رسمياً أن هذه الصياغة تعني ضمناً سبل تكامل مختلفة بالنسبة لدول مختلفة، «بحيث تسمح لتلك البلدان التي تشعر بحاجة إلى تعميق التكامل أن تمضي قدماً مع احترام رغبات تلك البلدان التي تفضل البقاء على المستوى السابق».
إذن، لماذا يستعمل كاميرون مثل هذا الأساس الواهي عندما يتحدث عن الوضع الخاص لبريطانيا؟ الجواب المختصر هو أن رئيس الوزراء يريد أن يطمئن المتشككين تجاه الاتحاد الأوروبي لأن الفترة الماضية كانت صعبة عليهم.
في 20 أكتوبر أعلن اتحاد الصناعة البريطانية، اللوبي الرئيسي لقطاع الأعمال، أن «أغلب الشركات البريطانية تعتقد أن إيجابيات العضوية في الاتحاد الأوروبي أكثر من سلبياتها». وفيليب هاموند، وزير الخارجية، وصف إمكانية الحصول على حق الفيتو من قبل بلد واحد بأنها «غير واقعية بالمرة».
وفي اليوم التالي قال رئيس بنك إنكلترا مايكل كارني أن العضوية في الاتحاد الأوروبي ساهمت في تقوية الاقتصاد البريطاني وجعلتها أكثر ديناميكية، وأضاف أن بريطانيا كانت المستفيد الأكبر من الحريات الأساسية الأربع في أوروبا: حرية انتقال البضائع والخدمات والقوى العاملة ورأس المال.
ومع ذلك يبدو أن الصياغة السحرية «اتحاد أوثق من أي وقت مضى» تثير أصداء سياسية. وفق تصريح كاميرون، عندما صوّت سكان المملكة المتحدة لصالح البقاء في المشروع الأوروبي في استفتاء سنة 1975، فقد صوتوا لصالح السوق المشتركة وليس لصالح اتحاد سياسي. ولكن الأوضاع تبدو مختلفة في الظروف الراهنة. علاوة على ذلك، فقد ذكّر ألان جونسون الذي يترأس الحركة من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في حزب العمال أن «في سنة 1975 كانت النقاشات في كلا الجانبين تدور حول الاتحاد السياسي تحديداً».
الأهم من ذلك أن هذه العبارة يمكن أن يكون لها بعض الوزن من الناحية الحقوقية. ويقول جان كلود بيري، المستشار الأعلى السابق لمجلس أوروبا في المسائل الحقوقية أنها تذكر الشعوب لا الدول، والصياغة مبهمة بصورة لا تسمح أن يكون لها أي قوة قانونية. ومع ذلك فقد استخدمتها محكمة العدل الأوروبية مراراً في قراراتها. اكتشفت دراسة أجرتها مكتبة مجلس العموم مؤخراً استشهادات بهذه الجملة في 53 من أحكامها.
ويقول مارتين هاو المحامي البريطاني المتخصص في قوانين الاتحاد الأوروبي أن هذه المقولة «لها تأثير كبير على تأويل محكمة العدل الأوروبية للبنود والمبادئ الأخرى للتشريع الأوروبي». ومن الأمثلة على ذلك الحكم على استحالة انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الذي أشار إلى «اتحاد أوثق من أي وقت مضى» بصفته هدفاً.
وهذا يخلق مشكلة لكاميرون لأن أقصى ما يستطيع توقعه من شركائه هو بروتوكول يؤكد مرة أخرى ثبات استنتاجات مجلس أوروبا في سنة 2014 بأن مختلف الدول يمكن أن تسير في سبل مختلفة.
لا أمل في أن الدول السبع والعشرون الباقية في الاتحاد الأوروبي ستقر التراجع الكامل عن هذا البند. ولذا تستطيع محكمة العدل الأوروبية الاستمرار في الاستشهاد به بصرف النظر عن التنازلات التي يستطيع كاميرون الحصول عليها، وبذلك يصبح الوضع الاستثنائي لبريطانيا أقل أهمية.
الانعطاف نحو الشرق
في الوقت نفسه تقوم بريطانيا بالانعطاف نحو الشرق على طريقتها؛ فقد أعلن رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون مؤخراً أن في إطار زيارة رئيس الصين شي جين بينغ إلى بلاده تم الاتفاق على صفقات تصل قيمتها إلى 62 مليار دولار، وتقول رويترز أن مجموع الصفقات المنعقدة يمكن أن يصل إلى 46 ملياراً.
وعدا ما سبق، فقد عُلِم أن شركة C.banner International Holdings Ltd. الصينية لتجارة التجزئة وافقت على دفع 154.2 مليون دولار مقابل أقدم متجر ألعاب في العالم، Hamleys البريطاني.
وتقول جريدة فيدوموستي أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج أوسبورن يريدان أن تثبّت هذه الزيارة في أربعة أيام نجاحات حملتهما في السنوات الثلاث الماضية لتوطيد علاقات تجارية ومالية وثيقة مع الصين وأن تؤكد أن بريطانيا بالنسبة للصين هي الشريك رقم 1 في العالم.