حرب العملات الصينية الشعبية
الصفحة الرئيسية اقتصاد

حرب العملات ليست كما تبدو ظاهرياً. هذا رأي خبير العملات في Citibank ستيفن إنغلاندر. يؤكد إنغلاندر أن مساعي البنوك المركزية لتخفيض العملات الوطنية لمقاومة الاقتصادات المنافسة ليست فعالة بالقدر الذي يعتقده الكثيرون. يقول إنغلاندر:

«يتحدث المشرعون والمستثمرون عن تخفيض العملة وكأن ذلك أهم أسلحة السياسة الاقتصادية، ولكن هذا الرأي يفرط تقدير مساهمته في تنشيط النمو. العائد الاقتصادي من تخفيض الدولار أو الين أو اليورو قليل نسبياً».

ويركز الخبير على أن المشاركة في حروب العملات عمل لا جدوى منه، فهي غير فعالة بالمرة كأداة للسياسة النقدية. يقول إنغلاندر:

«سيضطر الأمر إلى المضي قدماً أبعد من المتوقع والبقاء هناك أطول من المخطط له في البداية».

إذا كان البلد يعتقد أن التلاعب بسعر الصرف يمكن أن يدعم الاقتصاد، فهو في مصبية أعمق مما تستطيع السلطات الاعتراف به.

ومع أن انتقادات إنغلاندر ليست موجهة ضد الصين، استنتاجاته تتوافق مع النقاش المستمر حول مدى استعداد بكين للمضي قدماً في مساعيها لتخفيض العملة الوطنية دعماً لاقتصادها المتباطئ. وجهة النظر السائدة هي أن الحكومة الصينية ستقوم بتخفيض اليوان لتقوية قدرة صادراتها على المنافسة ومعاكسة التباطؤ المفاجئ. يتوقع بنك الصين الشعبي نمو الناتج القومي الإجمالي في سنة 2016 بقدر 6.8٪ مقابل 6.9٪ في السنة الماضية، ولكن بعض الاقتصاديين أكثر تشاؤماً: قد تتباطأ وتيرة النمو الاقتصادي إلى 6.5٪.

ولكن المشكلة تكمن في أن منافسي جمهورية الصين الشعبية يتبعون التكتيك نفسه، فعملاتهم تكرر إلى حد بعيد تحركات اليوان بالنسبة للدولار، وفق إنغلاندر الذي يقول:

«إذا استمر الشركاء التجاريون مجاراة تخفيض اليوان، فستضطر جمهورية الصين الشعبية إلى قطع طريق طويل قبل أن تحصل على أفضلية تنافسية فعلية».

لكن هذا لا يثني سلطات الصين عن الضغط على اليوان بعد هبوطه المفاجئ في أغسطس. ويتوقع المحللون أن بنهاية هذه السنة سيهبط الزوج دولار/يوان إلى 7 نقاط مقابل 6.57 حالياً.

والمفارقة أن الصين، حين تحاول دعم اقتصادها باليوان الرخيص، تخاطر بتسريع تسرب رأس المال. يقول إنغلاندر:

«هروب رأس المال هو المرافق الشرير لحرب العملات، وقد يكون التسرب الذي تحفزه السياسة الحكومية عنصراً في هذه الحرب. ولكن عندما يصبح التسرب نتيجةً لها، فهو يتوقف على قرارات القطاع الخاص. وفي هذه الحالة تكون السلطة التنفيذية على الجانب الآخر من المتاريس».

حسب تقديرات معهد المال الدولي المنشورة الأسبوع الماضي، تجاوز تسرب رأس المال من الصين 676 مليار دولار. ويبدو أن النزعة ستستمر في هذه السنة ما يجعل اليوان عرضة لهجمات المضاربين.

أعلن كبير الاقتصاديين لشؤون بلدان آسيا في Capital Economics مارك ويليامس أن الصين عليها أن تقنع المستثمرين بأن اليوان لم يتوقف تطوره إذا أرادت السلطة التنفيذية إيقاف هروب رأس المال. ربما هذا ما كانت بكين تعنيه حين حذرت الملياردير جورج سوروس صراحةً من المراهنة على تخفيض اليوان.

وإذا فشلت الصين في إقناع المستثمرين، سواء الداخليين أو الأجانب، بعدم جدوى اللعبة ضد السلطات، تستطيع الصين الاعتماد على تكتيك اليد الحديدية بتقييد إخراج رأس المال من البلاد. يكتب ويليامس:

«باعتبار توجه بكين نحو التدخل، فهي تستطيع تشديد تدابير السيطرة على حركة رأس المال، إلا أن لهذا عواقب سلبية. مثلاً، قد يعتبر المستثمرون ذلك حافزاً لهم للهروب من البلد قبل فوات الأوان».

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق