الاقتصاد العالمي تحت سطوة الدولار القوي
Umit Bektas/Reuters
الصفحة الرئيسية اقتصاد

أصبح الدولار مصدرا لعدد كبير من الأسباب والعواقب التي تؤدي إلى عدم استقرار الأسواق والاقتصادات في العالم كله. تقترب العملة الأمريكية إلى الحد الذي سيستدعي تدخل النظام الاحتياطي الفدرالي.

زاد الدولار في سعره خلال آخر سنة ونصف بوتيرة سريعة. ارتفع سعره بالنسبة لليورو بـ23% وبالنسبة للين بـ17%. إلا أن هذه أرقام صغيرة بالنسبة لما حصل لعملات الدول النامية. نما سعر الدولار بالنسبة للريال البرازيلي بـ76%، الرند الإفريقي الجنوبي بـ51% والروبل الروسي بـ121%.

هذا يقلل من قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة في السوق العالمية ويؤدي إلى انخفاض التضخم القليل أصلا والذي يحاول النظام الاحتياطي الفدرالي أن يرفعه. هناك مخاطر واقعية من أن الدولار سيتابع نموه وسيصبح تهديدا حقيقيا لاقتصاد الولايات المتحدة.

عند الاعتراف بذلك لن يكن على النظام الاحتياطي الفدرالي ورئيسته جانيت يلين إلا أن تبطئ رفع سعر الفائدة هذا العام أو تأجيله إلى أوقات أفضل. قام المستثمرون في بداية العام بتوقع النمو في مارس في سوق العقود الآجلة لكن الأغلبية الآن تتوقع أن يأخذ البنك المركزي الأمريكي استراحة.

هذا جزء فقط من الأسباب التي تؤدي إلى تقوية الدولار:

  • الاقتصاد الأمريكي في وضع أفضل مقارنة مع الكثير من الدول الأخرى ما يجذب المستثمرين الأجانب الذين يريدون تجنب المخاطر.
  • قام النظام الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة في وقت قامت به البنوك المركزية الأخرى للدول المتقدمة بزيادة الدعم.
  • هبط سعر النفط والمواد النفطية الأخرى ما هدد المنتجين وانعكس سلبيا على وتيرة نمو الاقتصاد العالمي.
  • نمو سعر الدولار يؤدي إلى ازدياد العوامل التي أدت إلى تقوية العملة الأمريكية.

واحد من هذه العوامل هو حجم الدين في الدولار الذي تقرضه المؤسسات خارج حدود الولايات المتحدة. على سبيل المثال العديد من الشركات التركية في السنوات الأخيرة تستدين بالعملة الأمريكية على الرغم من أن القسم الأكبر من أرباحها لا يكون بالدولار عادة. هبط سعر الليرة التركية خلال الـ18 شهرا ماضيا بـ38% ما صعب من وفاء الشركات لدينها. أدى هذا إلى خفض التوقعات الاقتصادية ورفع الطلب على العملة، لكن النتيجة كانت نمو سعر الدولار.

مصدرو المواد النفطية ممن لهم ديون بالدولار يعانون أضعافا. السعر على النفط وخام الحديد وفول الصويا الذين تصدرهم البرازيل يحدد بالدولار. لذلك عند نمو الدولار ينخفض سعر هذه المواد وكنتيجة أرباح المصدرين. بالإضافة إلى هبوط الريال البرازيلي يؤدي هذا إلى زيادة الطلب على الدولار ويضطر المنتجون إلى خفض الأسعار.

في ذلك الوقت التنافسية الاقتصادية الضعيفة للدول النامية الأخرى تؤثر سلبا على القدرة التنافسية للصين، وهذا يضطر الحكومة الصينية إلى الاستمرار في خفض قيمة العملة.

القلق حول إمكانية حدوث هذا يصبح عاملا سلبيا إضافيا آخر بالنسبة للعقود الآجلة التجارية، اليوان الضعيف يصعب شراء الخام للشركات الصينية. بدورها الأسواق المالية تراقب انخفاض سعر اليوان ما يضعف العملات الأخرى.

القلق حول اليوان يؤدي إلى خروج غير مسبوق لرأس المال من الصين، يقوم السكان بسحب أموالهم لكي يتجنبوا آثار خفض قيمة العملة. لكي يبقى اليوان مستقرا على الرغم من سحب رأسم المال تقوم الحكومة بتسديد سندات الخزانة الأمريكية، لكن كما يتضح من الهبوط الأخير في الأرباح هناك العديد من الراغبين في شرائها. في الواقع توفر هذه الأوراق يمكن أن تقلل من سيولة الديون بالدولار ويزيد الوضع سوءا.

بالدرجة الأكبر العوامل التي تؤدي إلى نمو الدولار تحدث خارج الولايات المتحدة. لكن من الصعب تجنب تأثيرها. زيادة قوة الدولار وانخفاض سعر العملات الأخرى يؤدي إلى هبوط أسعار الاستيراد والابتعاد عن معدل التضخم المراد في 2%. يؤثر هذا على الاقتصاد من نواح أخرى أيضا. لو لم ينم العجز التجاري بهذه السرعة لكان نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الرابع أكبر بـ0.5 نقطة.

على الرغم من أن النظام الاحتياطي الفدرالي يعتمد في قراراته على الولايات المتحدة فقط سيكون من الصعب عليه عدم الأخذ في الاعتبار العدد الكبير من العوامل الخارجية وهذا يثبت أن العولمة تجعل الاقتصاد الأمريكي يعتمد على العالم الآخر.

قام بنك اليابان الإسبوع الماضي بوضع سعر فائدة سلبي لبعض الأصول أما البنك المركزي الأوروبي فقد لمح إلى جاهزيته بدء برنامج دعم إضافي الشهر المقبل. الاختلاف في سياسة النظام الاحتياطي الفدرالي والبنوك المركزية الأخرى تزداد. هذا يمكن أن يؤدي إلى نمو حاد في قيمة الدولار ويزيد من احتمال تأجيل النظام الاحتياطي الفدرالي رفع سعر الفائدة.

لكن يبقى هناك خطر عدم حل المشكلة واستمرار الدولار في النمو. طبعا تأجيل رفع سعر الفائدة من قبل النظام الاحتياطي الفدرالي لن يحل كل المشاكل العالمية. لكن لا خيار أمام البنك المركزي أو الوضع الخطير سيزداد خطورة.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق