نهاية حمى التشفير
AP Photo/Frank Jordans
الصفحة الرئيسية رسوم بيانية

انتهت الحمى في مجال "ماينينغ" البيتكوين وهذا لا يتعلق بسعر العملة. ماذا حدث لأشهر عملة مشفرة في عام 2014 وما الذي يجب أن نتوقعه في المستقبل القريب؟

رغم التقلبات في سعر البيتكوين من الممكن النظر إلى عام 2014، بأنه العام الذي مرت فيه هذه العملة المشفرة بمرحلة فحص الفكرة وخرجت إلى الأسواق الأساسية. كما أخبرت Coindesk أنه في هذا العام تم فتح 6.6 مليون حافظة إلكترونية للبيتكوينات، وهذا أعلى بخمسة أضعاف بالمقارنة مع مؤشرات عام 2013. وفي الوقت الحالي يقبل هذه العملة 75 ألف بائع بيما فيهم الشركات الكبيرة مثل Dell وExpeda وOverstock.

ولكن المجال الاقتصادي لدى بيتكوين، الذي ينضج أكثر من غيره قد وصل بالفعل إلى هذه المرحلة حيث قبض الأرباح يصبح أصعب، لذا نلحظ هنا التعزيز والتنوع ألا وهو "ماينينغ".

خلال عدة سنوات كانت البيتكوينات تتكون في غالب الأمر من شبكة واسعة من المتحمسين، ولكن بعد ذلك أخذت مجموعة صغيرة من الشركات بإنشاء مراكز البيانات الكبيرة بغرض وحيد ألا وهو "ماينينغ" بيتكيونات جديدة.

ولو أن مصطلح "ماينينغ" (ويعني بالإنكليزية الاستخراج أو التعدين) يعيدنا إلى عصر ما قبل الرقمي ويذكرنا بمعاول وغرابيل غسل الذهب، تُستخرج البيتكوينات بطريقة فريدة، ألا وهي استخدام القدرة الحاسوبية لتأكيد المعاملات في تقارير مفتوحة للقراء والرفع من درجة أمان الشبكة. يتنافس المستخرجون ليس فقط في تأكيد المعاملات بل وفي إجراء الحسابات التي يزداد تعقيدها باستمرار. يمكن أن تكون تفاصيل العملية غامضة، لكن النتيجة النهائية بالنسبة للمستخرجين واضحة، وهي المكافأة على شكل عمولات من المعاملات واستخراج بيتكوينات جديدة.

في السنوات المبكرة من وجود البيتكوين كان تنفيذ مايننيغ في الكمبيوترات الشخصية سهلاً، وذلك باستخدام قدرة وحدة المعالجة المركزية أو بطاقة الفيديو القوية. مع ظهور الراغبين الجدد للانضمام إلى هذه العملية أخذت الشركات مثل BitFury وKnCMiners وCointerra ببيع الدارات المتكاملة ASIC مستهدفة تشغيل البرمجية لماينينغ فقط. اعتبر كل المطورون المتحمسون والمضاربون في مجال البيتكوين أن ماينينغ طريقة بسيطة ومربحة للانضمام إلى اقتصاد البيتكوين.

هذه الحال بدأت في التغيير سريعاً. وفقاً لخطة منشئي العملة المشفرة بدأت المكافأة في البيتكوينات على كل كتلة من البيانات تنخفض مع الزمن. في الوقت الحالي يتم استخراج حوالي 3600 بيتكوين لكن التنافس عليها خلال السنة الماضية زاد من حدته. مع انضمام شركات كبيرة إلى هذا المجال اكتشف بعض المستخرجين أنه البقاء واقفاً على الأقدام فقط يحتاج إلى إنفاق مستمر للبيتكوينات المحصول عليها تواً لأجل شراء معدات أحدث وأسرع مفعولية.

كل من مارس الماينينغ كهواية أضحوا على الهامش وأصبحوا مستخرجاً نموذجياً لبيتكوينات المشغل الصناعي لمراكز البيانات التي تستطيع استهلاك 10 أو 20 ميجاواط من الطاقة الكهربائية.

كما أن المدير العام لشركة BitFury التي تبيع معدات للماينينغ يدير مراكز البيانات التي تستهلك 40 ميجاوط من الطاقة الكهربائية ومتناثرة في العالم بأسره وكذلك يخطط زيادة قدرتها إلى 100 ميجاوط. قال فاليري فافيلوف:

"تسلك صناعة ماينينغ بيتكوينات منهج التوحيد. وحالياً يرأس هذا المجال العديد من اللاعبين ذات خبرة عالية وبحوزتهم رأسمال كاف. لن يستطع المحافظة على الربح، إلا أولئك المشاركين في السوق الذين بمقدورهم إنشاء معدات ذات كفاءة في استخدام الطاقة، بأقل قدر ممكن من المصروفات الرأسمالية والاستهلاكية، في حين أن اللاعبون ذات القدرات المحدودة سيكون مجرد بقاءهم واقفين على أقدامهم صعباً أو سيخرجون من سباق البيتكوين وهذا ما سيؤدي إلى تضييق المجال".

تؤثر على ربحية استخراج بيتكيون عدة عوامل، ومنها استهلاك الطاقة، وقيمة وسرعة مفعول مركز البيانات، وسعر الطاقة الكهربائية، والسعر الجاري للبيتكوين. تزداد المشاركة في هذا التنافس صعوبة بالنسبة للاعبين الصغار من شهر إلى شهر.

فمجرد أسعار الدارات المتكاملة الحديثة ASIC للماينينغ عالية جداً، فمثلاً سعر وحدة المعالجة المركزية الحديثة والمطورة وحدها قد تزيد عن خمسة آلاف دولار، أما المعدات الأرخص ثمناً فيجوز أن تكون سيئة الجودة أو تستخدم دارات مزورة.

يجوز أن تستخدم في أغلى تجهيزات الماينينغ وحدات المعالجة المركزية بعشرين نانومتر من إنتاج الشركات المتنافسة Intel وAMD ،وفي المستقبل القريب ستظهر الأسرع منها، أي الشرائح بـ16 نانومتر. يعود الطلب على وحدات المعالجة المركزية الأكثر سرعة إلى مفهوم البيتكوينات نفسها حيث تشترط الرفع من صعوبة الحسابات الرياضية اللازمة لاستخراج بيتكوينات عند ارتفاع التنافس. وهذا المستوى من التعقد قد يرتفع خلال أسابيع و يؤدي دوماً إلى تقادم معدات الماينينغ من يوم الطلب إلى يوم التوريد الواقعي.

قال غاري يخ الشريك الإداري لشركة Binary Financial التي تستثمر التشغيلات في مجال البيتكوينات:

"إنه سباق التسلح يفوز فيه القادر على إنشاء شرائح أسرع مفعولية، وأكفأ في استخدام الطاقة وبمصروف أقل وبعد ذلك يقوم بتشيغلها بأسرع وقت ممكن".

وثمة عائق آخر بالنسبة للمتحمسين، ألا وهو التسعيرة الباهظة للطاقة الكهربائية في مختلف أرجاء العالم. فمثلاً في الولايات المتحدة يبلغ ثمن الكيلواط ـ الساعة 13 سنتاً في حين أنه في بريطانيا وألمانيا سعر الطاقة أغلى. أسست بعض الشركات مراكزها الصناعية للماينينغ في آيسلندا، حيث يجوز الحصول على الطاقة الحرارية الأرضية الرخيصة وكذلك في المناطق أخرى مثل القسم المركزي من ولاية واشنطن، حيث التسعيرات بالنسبة للصناعة المنخفضة وكذلك حيث بنت مراكز بياناتها شركات مثل Microsoft وYahoo! وغيرها.

رداً على هذا أخذ المستخرجون الفرديون يتوحدون على شكل مجموعات مثل GHash.IO ، حيث يستخدمون بالإجماع القدرات الحاسوبية ويقسمون الأرباح فيما بينهم.

في غضون ذلك بدأت الشركات مثل BitFury وKnCMiners ببيع حق الوصول إلى مراكز بياناتها عبر الخدمات السحابية، وأضحى هذا أسهل من معالجة طلبات المشترين عديمي الصبر لمعدات ماينينغ. أضحى الماينينغ السحابي نتيجة منطقية لتطور بائعي معدات ماينينغ ولكن هذا في حاجة إلى تنويع التجارة في مختلف المجالات كتطوير الشرائح وأدارة مراكز البيانات الكبيرة.

يبدو أن أقوى صفعة بالنسبة للمستخرجين الصغار كانت انخفاض سعر البيتكوين، فبعد ارتفاعه العنيف من 99 إلى 1147 دولار في العام الماضي انخفض سعر البيتكوين في هذا الأسبوع إلى 344 دولار وهذا ما يعادل الانخفاض بنسبة 70% من ذروة المؤشر.

يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض السعر هو السباق في استخراج بيتكوينات، فبما أن المستخرجين كانوا يبيعون البيتكون المحصول عليها على شكل مكافأة بغرض شراء تهجيزات جديدة زادت الكميات من العرض في السوق.

أدى الضغط المضاعف على شكل زيادة حجم المدفوعات إلى الماينينغ وكذلك انخفاض أسعار البيتكوينات إلى اضطرار بعض اللاعبين الصغار إلى الخروج من السباق. قال يخ:

"إنها تجارة ذات كثافة رأسمال عالية، وإن المصروفات على الماينينغ قد تزيد عن دخول بعض المستخرجين لذا يضطر بعض المشاركين على الخروج من اللعب".

يؤدي استسسلام بعض المستخرجين الصغار إلى أحداث قلما ما تقع في مجال ماينينغ وبيتكوين، فإن عامل الصعوبة الذي يتغير طبقاً لحجم القدرة الحاسوبية المستخدمة في شبكة البيتكوينات انخفض في الأسبوع الماضي وذلك لأن معظم المستخرجين قد أطفؤوا التجهيزات القديمة للماينينغ.

يحتمل أن منتجي الشرائح الخاصة لاستخراج البيتكوينات سيواجهون عما قريب نفس الصعوبات التي تواجهها حالياً - وفقاً لقانون مور - الشركات العملاقة مثل Intel وAMD. بيد أن وحدات المعالجة المركزية الأكثر سرعة حتى الآن تزيد عملية الماينينغ تعقيداً، أما المعدات القديمة والبطيئة فستنفصل عن الشبكة. كلما زاد عدد المستخرجين الخارجين من اللعب زاد توحد أعمال استخراج بيتكوين حول اللاعبين الباقين.

يمثل الاحتكار خطراً أكيداً على معظم الأسواق لكن إمكانية ظهور احتكار في مجال ماينينغ البيتكوين تكاد تكون مرعبة بسبب حساسية المنظومة المعروفة كهجوم 51%.

إذا سيطرت شركة واحدة على أكثر من نصف القدرات الحاسوبية فهي ستسطيع أن تستغل هيمنتها لإجراء عمليات النصب و إنشاء تشويش للاعبين الآخرين.

أضحى تطور الأحداث هذا واقعاً لبضع ساعات في شهر يونيو من هذا العام حين بلغت مجموعة GHash مستوى مقلق بقدر 51%. وقد رد بعض المستخرجين من ضمن المجموعة على على هذا الخطر سريعاً ، فأخرجوا أجهزتهم من GHash. بعد ذلك وعدت الشركة الُمنظمة لمجموعة GHash بأن حصتها لن تزيد عن 40%. في الأشهر الأخيرة بدأت المجموعة الصينية Discus Fish تسبق GHash من حيث حصتها في الشبكة.

رغم كل هذه الاضطرابات من المرجح، أن توحد المستخرجين سيستمر في العام القادم. تقوم الشركات العاملة في الماينينغ السحابي بالاندماج في حين أن اللاعبين أمثال Cointerra يوسعون وجودهم في الأسواق ذات الصلة عن طريق ضم شركات أخرى. يقول رئيس BitFury فاليري فافيلوف، أن شركته قد أسست منذ فترة وجيزة قسماً استثمارياً للمشاركة في كافة مجالات النظام الاقتصادي للبيتكوين، بما في ذلك الأجهزة المنزلية القادرة على أن تأخذ على عاتقها بعض الحمولات المتعلقة بالماينينغ.

توجد مقولة، أنه في أثناء الحمى الذهبية تربح من بيع أدوات الحفر أكثر من استخراج الذهب نفسه. ونجد أن في عالم بيتكوين يحصلون على المال بالطريقتين في نفس الوقت، بالإضافة إلى طريقة شراء الشركات المختصة.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق