خمسة نتائج لارتفاع سعر الدولار
الصفحة الرئيسية مال

ينخفض سعر اليورو بسرعة مقابل الدولار بسبب أن الاتحاد الأوروبي يشهد ركودا اقتصاديا عميقا. ووينخفض سعر الجنيه الاسترليني انخفاضا ملموسا في الفترة التي سبقت إجراء الاستفتاء بشأن استقلال اسكتلاندا.وينخفض سعر الين لأن الاقتصاد الياباني حاليا قد وصل إلى حده الخطير حيث تقف اليابان وللمرة الثالثة على أبواب 10 سنوات متتالية من الركود الاقتصادي.

يمكننا أن نفسر هذا التراجع القوي عن مواقف رائدة كانت تحتلها اكبر العملات العالمية مقابل الدولار - يمكن أن تكون هناك آراء مختلفة حول هذا الشأن، ولكن هناك سبب بسيط جدا لكل هذا : الأمر ليس في أن العملات تفقد قوتها وتضعف مقابل العملة الامريكية بل السبب هو ان الدولار يسترجع قوته ويعزز مكانته خلال أكثر من 10 اسابيع ماضية على التوالي – ولم يحدث هذا منذ السنوات الـ17 الماضية.وإذا تساءلنا: لماذا؟ فيكون الجواب: لأسباب كثيرة.ولكن كل ما يحدث هو الحقيقة التي لا يمكننا إنكارها أبدا.

سوف يؤثر ذلك بقوة على الاقتصاد الأمريكي: المواد الخام ستنخفض في سعرها، ومعدل التضخم سينخفض، ستزداد أرباح الشركات، ولكن هناك نقطة مهمة جدا هي أن الدولار هو ليس عملة أمريكية فحسب بل عملة عالمية، .وسيؤثر تعزيز مكانتها على جميع اللاعبين في الساحة الاقتصادية العالمية. فما هي الانعكاسات المحتملة ؟

نقدم لكم 5 نقطات بَالغة الأهمية في هذا الصدد: الحد من التيسير الكمي في الدول الأوروبية ، تحفيز أكثر لاقتصاد الصين، ازدياد عدد عمليات الاستحواذ في السوق العالمية، استخدام طريقة الثورة للوصول إلى الهدف، وانخفاض الاهتمام بالعملات البديلة ومنها بيتكوين مثلا.

يمكننا تفسير ارتفاع سعرالدولار بأسباب كثيرة، وتؤثر على ذلك عوامل عديدة. من المحتمل أن الاقتصاد الأمريكي قد نجا من الأزمة المالية بشكل أفضل من أكبر الاقتصاديات العالمية الأخرى بفضل سياسات النظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولذلك تشهد الساحة الاقتصادية الأمريكية نموا سريعا اليوم. أو قد أدى إلى ذلك التغييرتطويرُ الاحتياطيات الضخمة للغاز الصخري. أوقد نجد تفسيرا في المثل القديم الذي يقول: في بلد العميان يكون الأعور ملكا؟...

كل من اليابان والاتحاد الأوروبي وبرطانيا يعانون من الديون وتكاليف نظام الرعاية الاجتماعية ومستوى شيخوخة السكان فيها، ولذلك في أي حال من الأحوال يسبق الاقتصاد الأمريكي منافسيه دائما.

مهما كان الوضع ستؤثر إعادة تقييم العملة الأمريكية على حالة الاقتصاد العالمي. ونلاحظ أنه هناك خمسة عواقب ونتائج مباشرة لذلك:

1. الحد من التيسير الكمي في منطقة اليورو التي تعانى كثيرا من الكساد والانكماش، ولذلك يقوم البنك المركزي الأوروبي بالحد من التيسير الكمي. وقد أعلن البنك المركزي مؤخرا أنه يحدد قائمة الأصول المقرر بيعها وانضمت ألمانيا إلى هذه الحسابات. ولكن يلاحَظ ارتفاع سعر الدولار على خلفية انخفاض سعر اليورو مما يؤثر إيجابيا على المصدرين الأوروبيين. بالطبع هذا لا يكفي لانعاش الوضع الاقتصادي ولكنه يكفي لتحفيزه وتوفر الظروف الملائمة لنموه، وهذا ما ينتظره المعارضون الاوروبيون لنقد البنك المركزي الأوروبي الذي قام بتوفير السيولة النقدية للنظام المالي.ويمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يتخذ خطوات أخرى ولكن الانتعاش الاقتصادي بالفعل يتطلب جهودا أكبر بكثير.

2. تحفيز اكثر لِلاقتصاد الصيني. حيث ستضطر الحكومة الصينية في حالة ارتفاع سعر الدولار أن تتخلى عن خطط تشجيع النمو الاقتصادي سنويا إلى % 7أو حتى أكثر.ولا خروج من هذا الوضع لسبب أن النظام المالي يعمل حاليا في حده الأقصى، وتبدأ موديلات النمو الاقتصادي السريع بالفشل. وعلى الرغم من كل ذلك لا بد أن الصين هي التي ستستفيد أكثر من ارتفاع سعر الدولار لأن الصين لها اليوم أكبر احتياطي للعملة الأمريكية في العالم، حيث وصل مستواها نهاية عام 2013 إلى 3.8 تريليون دولار، وهو ضعف ما كان عليه المجموع منذ خمس سنوات ماضية. وبالرغم من أنه قد تم تنويع جزئي لاحتياطياتها ولكن الجزء المتبقي الأكبر هو في العملة الأمريكية. وسيستفيد الاقتصاد الصيني كثيرا من ارتفاع سعر الدولار مما سيسهّل تحقيق زيادة الطلب في النظام المالي.

3. النشاط في سوق M&A. تشهد السوق العالمية عددا متزايدا من صفقات الاستحواذ والاندماج ويمكن أن يزداد هذا العدد بكثير في حالة ارتفاع سعر الدولار.وستستحوذ كبرى الشركات الأمريكية على كميات هائلة من المال حيث ستزداد الإيرادات والأرباح في السوق الأمريكية مما سيؤدي إلى ارتفاع الدولارات الأمريكية على الحسابات المصرفية بدرجة أكبر مما كان سابقا. أما أسواق الأسهم الأوروبية حاليا لا تزال تفتقر إلى الكثير مما ننشده، وفي فترة يشهد اليورو خلالها تراجعا هناك فرصة ممتازة لشراء الشركات الصناعية الألمانية و الفرنسية المنتجة للسلع الفاخرة وشركات التجزئة الإسبانية وغيرها...وسيكون من الغريب إذا لم تنتهز أكبر الشركات الأمريكية هذه الفرصة.

4. انطلاق الثورة: هناك صلة مباشرة بين سعر الدولار والسلع: كلما ارتفع سعر دولار كلما انخفض سعر السلع الأساسية. ولكننا نعيش اليوم في ظروف تتمسك فيها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة بزمام حكمها بشدة, وإذا لم تبقى لديها من المال تبدأ المشاكل الكبيرة. ولا ينبغي أن نندهش إذا كان ارتفاع سعر الدولار سببا لاندلاع الانتفاضات الشعبية.على سبيل المثال، ناخذ فنزويلا حيث حكومتها ليست واثقة من نفسها كثيرا، أو المملكة العربية السعودية التي تعاني عددا من المشاكل الداخلية، وتسود الفوضى على حدودها. وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يمكنه أن يشعر بأمان كامل: إذا لم تنجح مغامرته الأوكرانية فهناك احتمال سقوط النظام الروسي وحتى دون انخفاض ملموس لأسعار النفط.

5. انخفاض في اهتمام للبيتكوين. كان من المعتقد أن العملات البديلة وخاصة العملات الرقمية ستحل محل الأموال النقدية. ولا شك في أن العملات البديلة تكون منافسا قويا للدولار باعتباره العملة الرئيسية العالمية. تعود أسباب الشهرة العالمية والاهتمام المتزايد للبيتكوين والعملات البديلة الأخرى إلى النمو السريع للصفقات في سوق الأعمال الرقمية التي ليس لها أي حدود جغرافية.ف من المنطقي أن يملك الناس عملة إلكترونية بديلة.

شعبية العملات البديلة ازدادت كثيرا على خلفية عدم الثقة بالدولار. يجب القول أن البيتكوين كان من الوسائل الاستثمارية البديلة مثل الذهب في فترات انخفاض سعر الدولار. لذلك لا بد من أن العملات البديلة يمكن أن تتراجع بسعرها إذا ارتفع سعر الدولار.

من المعروف أن الدولار هو من أهم ركائز الاقتصاد العالمي و تؤثر تغيرات خفيفة في سعره على الأوضاع في العالم بشكل مباشر. ارتفاع سعرالدولار خلال السنوات الماضية ستكون له انعكاسات ملحوظة على مستوى العالم عموما وخاصة فيما يتعلق المجالات الخمس التي تم ذكرها أعلاه.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق