مربح جدا. ماذا تقول الدراسة الجديدة عن طريقة كسب المبالغ الهائلة؟

في السنوات الأخيرة مرةً في كل بضعة أشهر تنشر الجرائد تحقيقاتها عن الفضائح التي تتعلق بالتداول من الداخل، وكل مرة يدور الحديث حول المبالغ المالية التي لا تصدق.

وكما أعلن المدعي للمنطقة الجنوبية في نيويورك الأمريكية السيد بريت بحارارى عن سعي القضاء إلى التجارة من الداخل بالأوراق المالية في الأسواق، و قد يعتبر هذا إحدى أولوياته في الوقت الحالي. ولكن لدينا سؤال : لماذا من سنة إلى سنة حيث تنشر وسائل الإعلام معلومات حول عقوبات قاسية حقيقية تطبّق قانونا للمجريمين - تكتشف الوقائع الجديدة حول المخالفين الذين يعرفون كيف يمكن أن تنتهي هذه الأحوال في السجن؟

وكما تشير الدراسة الجديدة التي أجراها السيد كينّيت أخيرن من جامعة الأعمال في جنوب كاليفورنيا إلى أن المستثمر العادي يقوم باستثمار حوالي 200 ألف دولار باستخدام معلومات ونصائح سرية ويربح في هذه الصفقة ويحصل في النتيجة على ربح قدره حاولي 72 ألف دولار ما يعادل 35 %. وهذا المعدل يمكن أن نعتبره جيدا وخاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن المدة التي يتصرف خلالها المستثمر بالأسهم لا تتجاوز 21 يوما. وإذا قال أحد أن 35% ليس فائدة عالية جدا فيمكننا أن نشير له في هذا الصدد إلي أن المؤشر S&P سجل نموا بالنسبة 30 % في السنة الماضية مثلا، وهذا يعني أن مثل هذه الاستثمارات تعتبر آمنة جدا.

ومثل هذه الاستثنمارات من الداخل يمكن اكسب من خلالها الدخل الذي يصل متوسطه إلى 101 % خلال 9 أيام فقط، كما يقول أخيرن.

مثلا، بعد أن استخدم السيد ماتيو مارتومو الموظف الإداري السابق من SAC Capital المعلومات من الداخل تمت محاكمته لهذا السبب وفرضت عليه عقوبة بالسجن لمدة 9 سنوات مع مصادرة الجزء الأكبر من ثرواته التي اكتسبها أثناء عمله الصريح بصفة تاجر في الأسواق المالية. ما هي الجريمة التي ارتكبها؟ قدم السيد سيد غيلمان - وهو الخبير في مرض الزهايمر - إلى السيد مارتومي المعلومات السرية المتعلقة بتطوير الدواء الجديد من شركة الأدوية Elan وWyeth .وقد حصل الصندوق SAC على مبلغ هائل نتيجة هذه الصفقة قدره 275 مليون دولار من خلال بيع أسهم لشركات Elan وWyeth بعد حصول مارتومو على معلومات من غيلمان تقول أن نتائج التجارب الطبية للدواء كانت أسواء بكثير مما كان المتوقع من قبل.

وقد قام أخيرن بدراسة ملامح عامة للتجار الذين يستخدمون المعلومات من الداخل. ويشير في دراسته التى تضم تفاصيل التداولات من الداخل المسجلة في فترة ما بين عام 1996 و2013 حيث حدد أن المُخالف عادة هو رجل في 43 من عمره من عدد الأغنياء في البلاد. وتقول الدراسة أن النساء هن 10% فقط من التجار الذين يستخدمون المعلومات من الداخل عند التداول في السوق، وعند القيام بمثل هذه الصفقات تستخدم النساء المعلومات السرية التي تم الحصول عليها من النساء الأخريات. ويقول أخيرن أن مشاركي التجارة من الداخل ينظمون عصابات إجرامية تربط أعضاءها علاقات عائلية أو صداقة،و يشار إلى أنه في حوالي 74 % من عدد الجرائم المرتكبة باستخدام المعلومات من الداخل كانت من قبل العصابات المنظمة التي تعلرف بعضها منذ الطفولة. وحددت الدراسة أن الشخص الذي هو أقرب إلى مصدر المعلومات السرية يكسب أكثر من الآخرين وفي نفس الوقت يستثمر مبالغ أصغر ربما من أجل عدم الكشف على هويتهم.

وعند التحقيق في مثل هذه القضايا الجنائية المتعلقة بأعمال التجار من الداخل تستخدم الشرطة أساليب مختلفة، .وعلى سبيل المثال نشرت مجالة The New Yorker مقالة للصحفي باتريك ريدين الذي يكتب

هكذا تحاول الشرطة إجبارهم على الشهادة ضد قادتهم. هذه الاستراتيجية مثلا تم استخدامها عندما قامت شرطة نيويورك بالقبض على زعماء المافية في نيويورك. ولكنه توجد أساليب خاصة عند التجار أيضا، حيث عند تعاملهم مع الشرطة يستعملون الطرق المختلفة مثل الكلمات المشفرة لعرقلة فهم المحادثات الهاتفية والبريد الإلكتروني.

ولكن هنا فرق بين أنشطة المافيا والتجار من الداخل حيث يسمى المختصون هذه التجارة بجريمةً دون الضحايا بسبب أنها لا تستعمل طريق العنف ولذلك الشرطة كانت تهمل مثل هذه الجرائم منذ اعترافها جريمةً في عام 1930. والاختلاف الآخر هو في أن التجار يمثلون طبقات عليا من المجتمع،كما يلاحظ أخيرن.

هذه الحملة الموجة ضد هذا النوع من التجارة الغير قانونية التي يعاقب عليها اليوم بالسجن لمدة طويلة هو دليل على أن الأغنياء لا يمكنهم أن يعتمدوا على أن القانون يمكن استخدامه لصالحهم بعد.