التنبؤ للماضي أفضل
الصفحة الرئيسية مال

حذر بعض الخبراء في عام 2010 من أن التيسير الكمي ‎(QE)‎ سوف يتسبب في قفزة قوية لمعدل التضخم، ولكن بالرغم من أنه لم يزداد هذا المعدل بشكل ملحوظ لا يزال الكثيرون يتظرون نموه وعندهم أكثر من حجة واحدة بهذا الشأن. إن الحجة الأكثر إثارة وضعفا في نفس الوقت لديهم تكمن في أن التنبؤ بحدثٍ ما يصبح أكثر خطرا من الحدث نفسه عادة. وهذا ما يقوله بهذا الصدد المموّل والاقتصادي الكبير السيد كليف إيسنيس في مقالته RealClearMarkets :

عندما تحذرون من خطر لا يتحقق في نهاية المطاف - حتى إذا لم تقدروا تفسيره و قمتم بتوضيحه بأنه كان مجرد احتمال، لا أكثر ولا أقل،و إذا قدمتم الحجج الكثيرة حول أسباب عدم تحقق هذا الخطر – في أي حال من الأحوال أنتم توافقون على الاعتراف به أمام الجميع.

لم نقم بالتنبؤ على الرغم من أننا نعرف جيدا كيف يمكن التنبؤ بشيء وقمنا بذلك مرات كثيرة. قمنا بالتحذير من الخطر فقط.

وإذا تصورنا أن احتمال وقوع الزلزال مثلا ازداد بأكثر من 10 مرات لا يمكن أن نعتبر هذا الاحتمال عاليا. لا.علينا أن نحذر فقط من أنه في حال وقوع زلزال سوف تخسرون كثيرا. إذا لم ترى المخاطر فيمكنك أن تبقى صامتا أو تتقدم بالتنبؤات والتوقعات التي لا أساس لها. برأي أن التنبؤ الصريح والمفتوح لاحتمال وقوع الخطر هو عبارة عن شيء ما بين "لا أعرف، سوف تكون الأوضاع هكذا أو هكذا، ولكن في أي حال سوف تتهموني بالكذب" أو "أقسم بكل سمعتي سوف تسير الأوضاع هكذا"... أعتقد أن الفرق واضح؟

لا شك من أن الفرق بين هذين الموقفين صغير جدا. ويجمع العديد من الاختلافات غير الواضحة من نظرة أولى.

  • أولا، هل من الضروري أن نصدق شخصا يقول عن توقعاته فيما يتعلق بالمخاطر وليس الوقائع؟ المثال الآخر: إذا حدثتم عن احتمال وقوع زلزال ب1% ولم يحدث الزلزال (أو حتى حدث) فكيف يمكننا تقييم هذا التنبؤ؟؟قام الاقتصادي وعالم الإجتماع السيد ماتّ إيغليسياس في حديث أدلى به لقناة Vox بتفسيره لهذا الموقف على أساس تنبؤات بنتائج الانتخابات . مثال جيد جدا.عموما، يجب على من يقوم بالتنبؤ أن يقدم عددا من تنبؤاته ليكون من الممكن أن نحدد نسبة التوقعات الصحيحة التي تطابقت مع الأحداث الفعلية. يجب القول أن هذا يعتبر من المستحيل تقريبا، وفيما يتعلق بالتيسير الكمي والأحداث الاقتصادية – هذا مستحيل تماما.
  • ثانيا التنبؤ شيء، وتعديل طريقة التنبؤ على أساس الوقائع الفعلية هو شيء آخر. ويكتب بريد دينغ عن هذا في كتابه. في عام 2010 حين كان التضخم يهم الجميع بسبب احتمال كبير لارتفاعه الخطيرفي ذلك الوقت، لكن لماذا علينا أن نتعامل مع التضخم في عام 2014 بنفس الدراماتيكية؟!هذا لا يجوز. إذا لم يتحقق التنبؤ ماذا يجب على الاقتصادي أن يعمل؟ يقوم بتعديل كامل لنموذج التقييم له أو اعتبار التنبؤ غير الصحيح خطأ من الأخطاء فقط؟
  • ثالثا، دعونا نتصور إذا مثلا في عام 2027 ازداد معدل التضخم ارتفاعا كبيرا ومفاجئا لسبب غير معروف. وفي عام 2010 كان بعض الاقتصاديين يقولون أن سياسة التيسير الكمي التي يمارسها بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف تؤدي إلى هذه النتيجة المؤسفة عاجلا أو آجلا، على الرغم من أن هناك حوالي 17 سنة ما بين التنبؤ والواقع، فينبغي الأخذ بالاعتبار أن النموذج الاقتصادي يمكنه أحيانا أن يختلف عن الواقع كثيرا، ولكن لا يجوز أن نهمل أو نقلل من أهمية الأثار الاقتصادية المنتظرة.
  • رابعا، من هو الذي يقوم بالتحذير وانطلاقا واستنادا من أي بيانات؟؟ عندما كان الاقتصاديون في عام 2010 يحذرون من ارتفاع سريع لمستوى التضخم كانوا يعتمدون فقط على خبرات الولايات المتحدة الأمريكية في السبعينات من القرن الماضي و كانوا ينطلقون في حساباتهم من خبرات اليابان التي كانت تمارس سياسة التيسير الكمي الاقتصادي أكثر من مرة عندما كان التضخم لا يزيد عن 1%.

والآن السؤال الأهم:

في حالة الاعتماد على تنبؤات الاقتصاديين الذين يخطؤون في توقعاتهم أكثر مما تتحقق تنبؤاتهم – هل يمكن الثقة في توقعاتهم بالفعل؟؟ وهل هم الخبراء والمختصون بالفعل؟ أو يقدمون للمستثمرين نفس النصائح العامة بالتكرار؟

لا يجوز أن نعتمد على مثل هذه التنبؤات لسبب بسيط جدا: ليس لدينا اليوم وسائل التعرف على خبراء التنبؤات الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها حقا. ونرى اليوم الكثيرين من لديهم السمعة والبلاغة والقدرة القيمة على الاعتراف بأخطائهم والإشارة إلى أخطاء الآخرين. هذا ما يوجد لدينا اليوم. لذلك نستمتع بما هو موجود لدينا وننتظر شيئا أفضل.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق