كان بول ماكري مونتغوميري عالما اقتصاديا مشهورا ألف الكثير من المنشورات حول مسألة التنبؤ لتصرفات الأسواق المالية .وقد اشتهر أيضا مونغوميري بنظريته حول الإشارات التي تدل على تغيرات محتملة في الأسواق وإحدى هذه الإشارات – هي غلاف المجلة.ما المقصود بذلك؟تأتي الفكرة من الاعتقاد أن محرري المجلات الكبرى يعرفون عن أي توجهات استثمارية ساخنة في حين تفقد قوتها وتأثيرها إطلاقا، يعني في آخر لحظاتها. وكما يقول مونتغوميري، هناك ثلاث أهم قواعد لتقييم الإشارة من غلاف المجلة:
- أولا يجب أن تكون هذه المجالة من عدد المجلات الاجتماعية والسياسية وليس مخصصة لدوائر البزنس.
- وثانيا يجب أن يدور الحديث حول الفكرة التي أصبحت معروفة على نطاق واسع حتى هذه اللحظة.
- وثالثا قبل أن يتم اختيارها كصورة لغلاف عدد المجلة يجب أن يشهد سعر الأصول التي كرست لها مقالة أو صورة غلاف المجلة ارتفاعا كثبيرا في الأسواق.
على سبيل المثال يمكننا أن ننظر إلى غلاف مجلة تايم خلال اخر 30 عاما لنبحث إذا كان هناك أي علاقة بين الغلاف والسوق المالية. عندما اختارت تايم المديرَ العام لشركة Amazon.com السيد جيف بيزوس شخصيةً لعام 1999 تزامن هذا مع الوقت الذي شهدنا فيه فقاعة دوت كوم. واختيار مارك تسوكيربيرغ شخصية لعام 2010 من قبل مجلة تايم لم يفيد لا السيد تسوكيربرغ نفسه ولا مساهمي شركة Facebook وفي عام 2005 قيمت مجلة تايم سوق العقارات تقييما عاليا ونحن نعرف تماما ماذا حدث بعد ذلك في السوق العقارات.
والسؤال الذي يُطرح هنا ليس علاقة مجلة تايم فحسب، بل أي من وسائل الإعلام المطبوعة غير المخصصة للأعمال والبزنس. جدير بالإشارة إلى أنه عندما يلقي المحررون نظرتهم على أي من الأصول لن يكون في هذه اللحظة في السوق العدد الكافي من المستثمرين القادرين على رفع سعر هذه الأصول.وقبل بداية بيع الأسهم اللشركات التي تظهر من وقت إلى آخر على غلاف المجلات يجب ألا ننسى أن هذه الإشارة في حقيقة الأمر لا يمكن الاعتماد عليها فيما يخص ببعض الشركات العالمية، مثلا شركة Apple . بيزوس وتسوكيربيرغ كانا رمزين لقطاعات دوت كوم وشبكات التواصل الاجتماعي في وقتهما وليس رمزين لشركتيهما فقط.
إذا بدأ النقاش حول أي من الأسئلة الاستثمارية في الصحافة الشعبية لا يمكن أن نتكلم أو حتى نتوقع أن يرتفع سعرها في السوق. بالعكس تماما.
هذا الشيء يمكن أن نشهده في المشروبات الغازية أو الرسوم الكاريكاتورية السياسية. وهنا يمكننا أن نولي اهتمامنا على غلاف آخر لعدد من مجلة The Economist الذي نرى عليه الببغاء الميت وهنا نشير إلى كلمات مونتي بايتون الذي يكتب ما يلي: " الببغاء ليس موجودا،الببغاء لا يوجد ، قد توفي ولا يعيش بعد في هذا الكون. ليرحمه الله أصبح الببغاء السابق".
هنا نرى إشارة خفية إلى تلك الأخطاء التي تم ارتكابها في السياسية الاقتصادية بشكل خاص والتي نرى انعكاساتها السلبية الآن في دول أوروبا وخصوصا في ألمانيا التي ترتعش من رعب التضخم وعواقبه المهددة للأمن الاقتصادي، وهذه الأوضاع بالتحديد نقرأها في صورة الببغاء الميت.ونرى على الغلاف أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل التي تقدم تعليقها على الأوضاع الاقتصادية في المنطقة الأوروبية حيث تقول أنها "تستريح فقط".
ظاهرة التضخم في أوروبا مثل الببغاء الميت "ترتاح قليلا". لذلك تعارض ألمانيا اليوم اتخاذ الحوافز الاقتصادية الإضافية.
وكيف قرأ المراقبون هذه الرسالة في الصورة ؟ شاهدوا فيها إشارة للعودة إلى الأوراق الأوروبية المالية. ولكن لا يمكن استعمال هذا الغلاف من المجلة المذكورة كأي نوع من الأساس لتبرير أي قرارات مهما كانت.بالرغم من أنها فعلا تعبر عن الواقع الحقيقي بطريقة خاصة لا تزال تبقى هذه الصورة الواقعية غلافا للمجلة المختصة في موضوع المال والأعمال وهذا غير مناسب. نفس الشيء يمكن أن نقوله عن الغلاف المعروف تحت عنوان "موت الأسهم" لمجلة BusinessWeek ، عدد 13 أغسطس عام 1979:
ليس هذا مثالا جيدا لأن BusinessWeek أيضا من وسائل الإعلام المخصصة للأعمال. ويقول الصحفي من Wall Street Journal السيد جاستين لاهارت في هذا الصدد ما يلي: "ذلك الغلاف من العدد الذي تم إصداره في أغسطس عام 1979 لم يكن خاطئا.جدير بالذكر أنه حيث أصدر هذا العدد من المجلة كان مؤشر Dow Jones على مستوى 867 نقطة. وبعد مرور ثلاث سنوات انخفض سعره إلى مستوى 779 نقطة. إذا قمنا بحسابات دقيقة وأخذنا بالاعتبار دور التضخم فممكن أن نلاحظ أن المؤشر قد تراجع بالنسبة 32 %" . ومع ذلك إذا مثلا استثمرتم أموالكم في السوق المالية في تلك الأيام أصبحتم اليوم واحدا من الأغنياء بلا شك.وربما ينبغي أن نستفيد من هذه الخبرة ونشتري اليوم الأسهم الأوروبية كما في حال Business Week. لا أحد يعرف.أو ربما أفضل اللحظات لم تأت بعد. ولكن يذكرنا هذان الغلافان أنه لكل شيء في هذه الدنيا نهايته. وحتى للمعتقدات الأكثر استقرارا. كل شيء سوف ينتهي.نحتاج إلى الوقت فقط لنفهم هذه الحكمة.