الرجل الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط
الصفحة الرئيسية مال

يبقى قاسم سليماني قائد قوة القدس الرهيبة في الخفاء، مع أنه الشخص الذي يقال عنه أنه يلعب الدور الحاسم في مساعدة الجيش العراقي المتعثر في استرجاع الأراضي التي خسرها.

البقاء في الظل ليس استراتيجية جديدة بالنسبة لسليماني البالغ من العمر 57 سنة، فهو نادراً ما يظهر في الصور، وهذه الصفة تنسجم مع مزاعم تقول بوجوده في بغداد خلال الأسبوعين الماضيين وما تنفيه الجهات الرسمية. وبعد مساعدته للرئيس السوري بشار الأسد في قهر مكاسب المتمردين السنيين في الحرب الأهلية الدائرة في ذاك البلد حين بدا أن الأسد قد انتهى، اكتسب سليماني سمعة أعظم ضابط أمن في الشرق الأوسط.

وبينما يصرح عدد من وسائل الإعلام أن الجنرال الغامض موجود حالياً في العراق حيث فشلت قوات رئيس الوزراء نوري المالكي حتى الآن في صد هجوم المقاتلين السنيين، نجد عدداً من أوجه التشابه في الوضع السياسي.

يوم الإثنين أعلن الجهاديون الذين يحاصرون المالكي عن إقامة «الخلافة»، أي نظام حكم إسلامي لم يكن موجوداً منذ أيام العثمانيين. ورغم قلة عددهم، قاموا باحتلال الموصل ثاني أكبر مدن العراق ويقاتلون من أجل تكريت بعد انتصارهم في الشمال الذي أثار الذهول بسرعته وبساطته حيث كانت القوات العراقية تتلاشى عند كل مواجهة.

ومع الإنهيار الواضح للقوات العسكرية العراقية وجود المقاتلين السنيين الذين باتوا معروفين باسم الدولة الإسلامية قرب حدود إيران يثير مخاوف طهران.

حصل تقارب بين إيران والعراق، اللذين يربط بينهما المذهب الشيعي في الإسلام، على المستويين الحكومي والأمني بعد الإطاحة بالقائد السني صدام حسين خلال غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في سنة 2003.

انضم سليماني، الرجل قصير القامة المثير للرهبة، إلى القوات العسكرية العراقية خلال الحرب التي شنها صدام على بلده في سنة 1980، وكانت نزاعاً دام ثماني سنوات وترك أكثر من مليون قتيل. بعدئذ أُرسِل سليماني إلى حدود إيران الشرقية لمكافحة مهربي المخدرات من أفغانستان.

«الشهيد الحي»

تم تعيينه قائدا لقوة القدس في سنة 1988، وفي مايو 2005 وصفه القائد الأعلى آية الله علي خامنئي السلطة العليا في البلاد بأنه «الشهيد الحي». إن قوة القدس، وهي فرع من حرس الثورة، تنظيم سري للغاية ينفذ مهاماً أمنية حساسة خارج البلاد، مثل الاستطلاع والعمليات الخاصة والعمل السياسي الذي يعتبر ضرورياً لحماية الجمهورية الإسلامية.

وفي تلك الحالات النادرة التي ألقى سليماني فيها كلمات أمام الجمهور، كان حماسه الواضح يتماشى مع جو اللغز المحيط بشخصيته. ويظهر في صوره النادرة وجه رجل له نظرة ثاقبة محاط بلحية مشذبة بعناية بدأ الشيب ينتشر فيها.

أكدت كلماته نفوذ إيران على المستوى الإقليمي. قال سليماني في كلمة بثتها وسائل الإعلام الإيرانية في يناير 2012:

«لإيران حضور في جنوب لبنان والعراق. في الواقع، تتأثر هاتين المنطقتين بالفكر الإيراني والسلوك الإيراني».

وبعد سنتين ذهب إلى أبعد من ذلك: «لا تستطيع أي قوة أو أي بلد عدا إيران قيادة العالم الإسلامي اليوم... بفضل دعم إيران للحركات والمقاتلين الثوريين والإسلاميين ودفاعها عن المسلمين ضد المعتدين».

سليماني والمالكي

قال مصدر دبلوماسي لوكالة AFP:

«إنه يعرف سوريا وكأنه ولد فيها، ومعرفته بالعراق جيدة جداً. ويحظى باحترام تام بين أعضاء قوة القدس بفضل سيرته السابقة».

يمكن تفسير وجود سليماني في العراق – ما تنفيه وزارة الخارجية في طهران – بأنه يقوم بمهمة مماثلة لتلك التي قام بها في سوريا. علاوة على ذلك، سليماني لديه سوابق مع المالكي.

يقال أن سليماني قام بتنظيم اجتماع في مدينة قم المقدسة – التي تبعد ساعتين بالسيارة عن طهران – أثناء الأزمة السياسية بعد الانتخابات العامة العراقية المثيرة للجدل في سنة 2010.

وفي ذلك الاجتماع وافق مقتضى الصدر – الذي كان يوماً قائداً لميليشيا جيش المهدي فتحول إلى قائد سياسي يقطن طوعاً في المنفى في إيران في ذلك الوقت – على دعم المالكي في سعيه للحصول على كرسي رئيس الوزراء. بهذه الصفقة انتهى تحول توجه السلطة السياسية في بغداد من واشنطن إلى طهران، وتبع ذلك بعد سنة الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق.

وقال نائب رئيس الوزراء صالح المطلك عن سليماني في سنة 2011:

«جميع الشخصيات المهمة في العراق تذهب لمقابلته».

تحتل النشاطات السرية لقوة القدس بانتظام عناوين الصحف الأجنبية الرئيسية. لقد اتهمت القوات العسكرية الأمريكية سليماني في سنة 2008 بتدريب فرق الاغتيال العراقية، وقالت إسرائيل أنه قام بتنظيم الهجمات على السائحين الإسرائيليين في صيف 2012.

قال مسؤول أمريكي كبير لجريدة الغارديان في سنة 2011:

«إنه حقاً مثل كايزر سوزه»، بالإشارة إلى الشخصية الخفية التي صورها كيفين سبيسي في فيلمه «المشتبه بهم المعتادون».

واستطرد المسؤول قائلاً عن قائد قوة القدس: «لم يكن أحد يعرف عنه من هو، وهذا الرجل مثله تماما. إنه في كل مكان، وفي نفس الوقت غير موجود في أي مكان».

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق