لا فائدة من الإحصاء
الصفحة الرئيسية مال

لماذا لا نستطيع أن نعتمد على بيانات الإحصائيات؟ يجاوب السيد مرغان خاوزيل من The Motley Fool على هذا السؤال الشيق.

أثناء الحملة الانتخابية للرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008 حدث شيء غريب.

كما أظهرت استطلاعات الرأي العام عبر الهاتف التي أجريت قبيل الانتخابات مباشرة أن المنتخبين سوف يدلوا بأصواتهم إلى جون ماكيين.ولكن وقفا لنتائج الانتخابات الرسمية أصبح باراك أوباما رئيسا شرعيا للولايات المتحدة.

فماذا حدث؟ بالطبع لا يمكن الحصول على البيانات إحصائية مثالية، وعند إجراء الاستطلاع للرأي العام عبر الهاتف في عام 2008 ارتكب المنظمون خطأ بأنهم في الكثير من الأحيان اتصلوا على أرقام الهواتف الأرضية فقط ولم يتصلوا بالهواتف المحمولة.

و أصبح هذا سببا للخطأ.هنا ما كتبه الخبير في الشؤون السياسية والإحصائيات السيد نايت سيلفير :

"يستخدم حوالي 30% من المواطنين الأمريكيين هواتف محمولة فقط وهم ليسوا كبارا في السن ويسكنون في المدن ووضعهم المالي ليس مستقرا إطلاقا وهناك احتمال كبير أنهم أتوا من دول أفريقية أو من أمريكا اللاتينية ويتكلمون باللغة الإسبانية.هذه هي صورتهم العامة بالمقارنة مع إجماليالمنتخبين.ولم يأخذهم بالاعتبار منظمو هذا التصويت الهاتفي. ويمكن الإشارة أيضا إلى أن هؤلاء المناخبون يمكن أن يتنموا إلى مؤيدي الحزب الديموقراطي الأمريكي".

في الوضع المثالي يجب أن تشمل استطلاعات الرأي العام هذه قبل الانتخابات جميع المنتخبين بشكل عام. ولكن هذا أمر صعب ومكلف للغاية. ولذلك يستخدم المنظمون عادة عينة صغيرة للاعتماد عليها وللحصول منها على نتائج متوسطة.

للأسف لا يحدث ذلك في الكثير من الأحيان حيث تعتبر مثل هذه البيانات من العينات الصغيرة غير كافية لتحليل نتائجها والحصول على البيانات الإحصائية الموضوعية. تعطي مثل هذه العينات نتائج لا يمكن اعتبارها متوسطة ولا يمكن الاعتماد عليها في أي شكل من الأشكال.

:من المهمّ أن نذكر ذلك عند القيام بتحليل الأوضاع في الأسواق. والحقيقة في ما يلي:

ليس لدينا بيانات مناسبة للحصول على الاستنتاجات المعقولة.

خلال 156 السنة الأخيرة قبل الحرب الأهلية في الولايات المتحدة شهدت البلاد 33 ركودا اقتصاديا.وهذا العدد ليس كبيرا. لكن يمكن الشك في البيانات التي تتوفر لدينا والتي ترتبط بواقع هذه التقلبات الاقتصادية.على سبيل المثال، تتراوح تقييمات حجم الانكماش الاقتصادي خلال فترة الركود في عام 1920 ما بين 2.4% إلى 6.9% أي ما يعادل مقدار الفرق بين الركود الاقتصادي المتوسط والقوي. وحسب المعطيات الموثوق بها لفترة 50 سنة أخيرة شهدت الولايات المتحدة 7 حالات للركود الاقتصادي فقط.

كيف يمكن التعامل مع مثل هذه المعلومات المتضاربة فيما يتعلق بفترات الركود الاقتصادي المتوسط؟ ما هي مدة هذا الركود؟ وكم مرة يمكن أن يقع الركود الاقتصادي؟ كيف يؤثر الركود على مستوى البطالة؟ نتحدث عن موجات الركود الاقتصادية السبع التي حدثت خلال 50 سنة الأخيرة. وأيضا أكرر هنا أنه لا يمكن الاعتماد على هذه البيانات بشكل جدي بسبب عدم وجود حجم كاف من البيانات قابل للتحليل.

كيفية الحسابات

خلال 100 سنة أخيرة شهد العالم حربين عالميتين ولا أحد اليوم لا يمكنه القول إن مدة متوسط الحرب العالمية لم تقل عن 5 سنوات وأدت إلى ما يقارب 60 مليون ضحية.هذا مستحيل.ولا أحد يقول أيضا إن العالم اليوم على وشك الدخول إلى حرب عالمية جديدة انطلاقا من معطيات إحصائية. من البديهي أن كل ما نعرفه عن الحرب العالمية الأولى والثانية ليس كافيا للحصول على مؤشرات متوسطة صالحة لتقديم التنبؤ حول موعد الحرب العالمية الثالثة مثلا أو أي معلومات إضافية أخرى بهذا الشأن.

هذا صحيح أيضا إذا نظرنا إلى طبيعة التقلبات في الأسواق. مثلا منذ عام 1928 كانت تنخفض قيمة مؤشر S&P 500 بنسبة أكثر من 30% 9 مرات وتم تسجيل تراجع بنسبة 50% 3 مرات. ولكن هذه البيانات لا تكفي للوصول إلى استنتاجات حول هبوط السوق حيث أنه هناك الكثير من ينظرون إلى حالات التراجع السابقة في الأسواق لتوقع وحتى تنبؤ التقلبات القادمة.

من الصعب إيجاد الجواب المناسب لهذا السؤال. بلا شك أن الأسواق تشهد تغيرات كثيرة ولذلك الاعتماد على الكميات الكبيرة من المعطيات الإحصائية لا يؤدي إلى نتيجة مرجوة أيضا.

لم يشمل مؤشر S&P 500 قبل عام 1976 أسهم الشركات المالية التي تبلغ نسبتها حاليا 16% من قيمة المؤشر. ولم تكن هناك أسهم الشركات التكنولوجية منذ 50 عاما، أما اليوم فنسبتها ما يقارب 20%. ومع ذلك تتغير قواعد إجراء الحسابات وقواعد تقديم المعلومات والمراجعة المالية وتوفير السيلولة وما إلى ذلك. ومنذ 40 عاما بدأ العالم يستخدم حسابات تقاعدية يوجد عليها تريليونات الدولارات حاليا. يدل كل هذا على أنه من الصعب مقارنة حالة الأسواق اليوم بالأسواق في الماضي.

يمكن أن يؤدي التعديل وتغيير العينة إلى نتائج مختلفة ولذلك هناك خطر في أنه يصبح ممكنا إثبات كل شيء دون الاستثناء تماما.

مثلا إذا أخذنا مؤشرات تقييمية للاقتصادي من جامعة ييل روبرت شيلير نجدها تدل على نسبة السعر للربحية مع الأخذ بالاعتبار تعديلات السعر نتيجة تغيرات الدورة الاقتصادية. ومنذ عام 1871 كان هذا المؤشر على مستوى 16.6 واليوم يعادل لـ26 وهذا برأينا معدل مرتفع للغاية. لكن منذ عام 1957 عندما ظهر مؤشر S&P 500 كان المعدل الاقتصادي الذي يستخدمه السيد شيلي في حساباته على مستوى 20 تقريبا. ومنذ عام 1990 حيث بدأت فترة العولمة بشكلها النشيط ازدادت نسبة الأسهم التكنولوجية في قيمة المؤشر S&P 500 واستقر المعدل على مستواه المتوسط بـ25.3. وإذا أخذنا كل ذلك بالاعتبار هل تعتبر قيمة الأسهم مرتفعة للغاية فعلا؟

هل كان في استطاعتنا معرفة كل شيء عن الاقتصاد والأسواق إذا توفرت لدينا معطيات دقيقة مثالية لمدة لا تقل عن 10 آلاف سنة؟ ما رأيكم؟

لو كان ذلك ممكنا فأعتقد أننا غيرنا رأينا كثيرا فيما يتعلق بمعرفتنا حول حالات الركود المتوسط والهبوط المتوسط والتقلبات في السوق.

ربما عرفنا أن 100 سنة الأخيرة كانت عهدا بأرباح عالية وفترة ناجحة اقتصاديا أو بالعكس، غير ناجحة إطلاقا بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية. أوعرفنا شيئا جديدا عن حالات الركودالاقتصادي.من يعرف؟

الحقيقة في أنني لا أعرف ولا أحد يعرف ولكني متأكد أن هذه البيانات المكتشفة الجديدة يمكن أن تدهشنا كثيرا.

المصدر: Motley fool

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق