تحديد سعر الأسهم
الصفحة الرئيسية مال

أتظنون أنفسكم تفهمون شيئاً في سعر الأوراق المالية؟ إذا كان الأمر كذلك فإنها غطرسة. الإداري الاستثماري بين كارلسون يشاركنا أفكاره عن سبب صعوبة تحديد السعر الداخلي للأسهم وأية طريقة أفضل للإقبال على هذه القضية.

قال بنجامين غرام: "في سوق الأوراق المالية ليست معايير القيمة هي التي تحدد سعر الأسهم بل سعر الأسهم هو الذي يحدد معايير القيمة".

الجمعة الماضية قمت بمحادثة عبر Twitter مع مدوني المفضل الذي يُسمي نفسه باسم مستعار حول التقليل النسبي للأوراق المالية في الدول النامية بالمقارنة مع أسهم الشركات الأمريكية، فقدم العديد من أسباب احتمال بقاء هذا التأخر، ولم أستطع أن أعترضه ولا في أي بند من البنود، لأنها كلها كانت معقولة.

كدت أرد عليه بعبارة مألوفة: "أتظن أن كل هذه الأسباب محسوبة في سعر الأسهم؟"، ولكني امتنعت عن ذلك في الوقت المناسب وأدركت أن هذا من أسوأ الحجج عند مناقشة الأسواق. عندما أسمع مثل هذه الحجج أهز رأسي بعدم الموافقة لأنه في حقيقة الأمر لا أحد يعرف إلى ماذا يعود سعر ورقة مالية أو السوق أو فئة الأصول.

لكي تؤكدوا وبكل ثقة أنكم تعرفون ما هو أساس السعر لا بد من معرفة قسمي معادلة تكوين السعر:

  • السعر الداخلي لأداة الاستثمار المدروسة.
  • مواقف قصيرة المدى لدى المشاركين الآخرين في السوق.

يجوز تقييم هذين العاملين بناء على المعطيات الموجودة ولكن لا أحد يستطيع التنبؤ بتغيرها بالدقة التامة التي لا غنى عنها لإدراك ما الذي أثر على السعر وما الذي لم يؤثر بعد.

كتب جيمس أوسبورن عن صعوبة تحديد السعر الداخلي:

"إذا أردتم القول أن السعر الداخلي لسهم ما 45 دولارا وذلك لأن المستثمرين كانوا دوماً مستعدين لدفع هذا المبلغ نظراً للدخل المتوفر من هذه الورقة، لذا فيجب شراؤها حتى لو كان سعرها 30 دولارا، أنا سأطرح سؤالاً: لماذا السوق غير مستعدة لدفع هذا المبلغ من أجل الحصول على نفس الدخل المضمون اليوم؟ في نهاية الأمر السوق هي التي تحدد السعر الداخلي. إن التصريح، بأن السوق اليوم تحدد السعر الداخلي للأسهم بصورة خاطئة ولكن في المستقبل سيكون التقييم صحيحاً لا يخلو من تناقضات".

طريقة بافيت

أفضل ما يجوز أن يتوقعه المستثمر هو هامش الأمان الذي يستخدمانه غرام و وورين بافيت، ولكن حتى هذا الهامش يحتاج إلى الإقبال بصبر ونظام. كتب بافيت مذكرته الشهيرة في جريدة New York Times بعد شهر من انهيار Lehman Brothers في خريف عام 2008 صرح فيها:

"اشتروا الأمريكي فأنا أفعل ذلك".

انخفض مؤشر S&P 500 آنئذاك بنسبة 40% تقريباً من ذروته التي بلغها بعام قبل هذا، ولكن هذا ما قاله بافيت وقتذاك:

"اسمحوا لي أن أشرح لكم فكرة واحدة: أنا عاجز عن التنبؤ بالحركات قصيرة المدى لسوق الأوراق المالية. أنا لا أعلم قط هل سترتفع أم ستنخفض أسعار الأسهم بعد شهر أو بعد عام. ولكن من المرجح جداً أن السوق سترتفع وربما بسرعة شديدة، وهذا سيحدث قبل نمو المزاج أو الاقتصاد. فبينما أنتم تنتظرون عودة الطيور سينتهي الربيع".

تبين أنه كان محقاً في كلا البندين، فقد انهارت السوق بنسبة 30% بعد أن كتب مذكرته، وبعد خمسة أشهر انخفضت إلى قيمتها الدنيا. أنا لا أدعي بأن الأسواق النامية تدعو بتحمس إلى شراء الأسهم وهي على هذا المستوى مثلما قال بافيت عن أسهم الشركات الأمريكية في خريف عام 2008، فهذا شيء مبالغ فيه لأن مؤشر السعر في السوق القابلة للتنمية لفترة طويلة يتحول من المطلق إلى النسبي.

كما أن أسهم شركات الطاقة أيضاً غير مقدرة نسبياً وذلك لأنها تعرضت لتأثير انخفاض أسعار النفط في هذا العام. يجوز تقديم الكثير من البراهين الدالة على عدم استحقاق شراء هذه الأوراق حالياً وهذا يخص الأسواق النامية كذلك. إنه من السهل دوماً إيجاد أسباب وجيهة للامتناع عن شراء أية أسهم إذا قللوا من تقديرها أو أنها مرت يوماً بانخفاض شديد. فالأدوات الاستثمارية لا تترخص أو تنهار دون سبب.

ذاك هو سبب هذه الصعوبة الكبيرة للاستثمار التقييمي، لأنكم تسيرون ضد التيار وإلى المفرمة. لا أحد قط يشعر بثقة تامة عند شرائه الأصول غير المقدرة لأنها غالباً ما تعاني من مشكلات كثيرة.

بيد أن بافيت لم يقل "تم الوصول إلى أدنى المستويات فاشتروا اليوم وإلا ستخسروا"، بل قال أن الأصول باتت مثيرة للاهتمام، وبما أنه شعر بوجود هامش الأمان جاء الوقت المناسب للشراء التدريجي للأوراق المالية. في حقيقة الأمر أفضل شراء الذي قاما به مانغير وبافيت أثناء الأزمة حدث بعد خمسة أشهر وفي اليوم بالذات حين سقطت السوق إلى القاع، اشترا أسهم Wells Fargo. في ذاك اليوم بلغ سعر كل سهم في مصرف بافيت المفضل 8 دولارات أما الآن فزاد عن الخمسين.

حين أدركوا وجود هامش الأمان بدؤوا شراء الأسهم، وقد استخدما إلى حد ما متوسط سعر الدولار لدخول السوق والأسهم قيد الانخفاض.

برأيي هذه هي الصفة المميزة لقيمة المستثمر أي اللاعب المستعد لشراء الأسهم والأصول أو الإيداع فيها لأنها تستحق الدخول إلى محفظته حتى ولو استمرت أسعارها في الانخفاض بعد أن بدأ هو شراءها. وسيعرف السعر الأدنى الحقيقي مؤخراً. الأدوات الاستثمارية الرخيصة معرضة لأن تصبح أكثر رخصة.

لست متأكداً من أن الأسواق النامية أو أسهم شركات الطاقة سترتفع كثيراً بالمقارنة مع المستوى الحالي، كل شيء يتعلق بآفاقكم المؤقتة. لا أعرف ما الذي هو "محسوب في القيمة" أو كيف يخطط المستثمرون توزيع رأسمالهم في هذه المجالات في المستقبل. مع ذلك أنا أعتبر أنه إذا أردتم الاشتراك في أية من هذه الأوراق أو استخدام أية مؤشرات نسبية أخرى لهذه الأسباب وتعتبرون أنفسكم مستثمرين تقيميين، فأفضل طريقة لتجنب المخاطر هي إجراء المشتريات تدريجياً ودورياً. والطريقة الأخرى هي تشكيل محفظة متنوعة لأنكم لا تعرفون متى سيتغير الموقف بالنسبة للمتأخرين.

التنويع التدريجي بالأسعار المنخفضة هو حلم كل مستثمر تقييمي بشرط وجود رأسمال كافي. كما أنها إحدى أصعب الخيارات لأن في حقيقة الأمر لا أحد يعرف ما هو أساس سعر الأوراق المالية.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق