ريتشارد برانسون: "الزعامة تبدأ في البيت"
Mark Greenberg
الصفحة الرئيسية مال

البيئة الاجتماعية والمعاهد التعليمية وظروف العمل كلها عوامل تؤثر فينا كأشخاص، ومع ذلك ندرك ذلك أم لا، لكن المكان الحقيقي حيث تتشكل شخصيتنا هو البيت. أنا شخصياً أصبحت ما أصبحت بفضل والداي.

في بعض الأحيان قد تأتي أهم دروس القيادة في الأوضاع غير المتوقعة أبداً. بالطبع كثير من خصال القائد موجودة وراثياً فلا نستطيع الإنكار أننا لسنا إلا نتيجة تربيتنا وبيئتنا. كما يقول المثل التفاحة لا تسقط بعيداً عن شجرتها. كل من يعرف أمي إيفا وأبي تيد يعرفون أني كذلك غير مستثني منهم، فأنا أتمتع بكثير من الخصال التي ورثتها عن والداي ومعظمها خصال جيدة، ولكن ثمة بعض الصفات المميزة التي أثرت علي في أثناء طفولتي بنفس القوة التي تؤثر هي الآن على أولادي.

منذ طفولتي وأنا أتذكر أن والدتي كانت في حركة دائمة. يبدو أنها كانت تتمتع بخيال غير محدود لخلق أفكار تجارية جديدة. لا أظن أنها كانت تعتبر نفسها سيدة أعمال فقط لأنني غير متأكد هل كان هذا المصطلح موجوداً وقتذاك أم لا. ولكن على أية حال كانت هي تجسيداً لـ"المشاريع". إيفا هي إنسانة كالريح. بغض النظر عن الذي كانت تمارسه آنذاك ولكنها كانت تدير كل العمليات بنفسها، ابتداءً من تنمية فكرة وتجسيدها، وانتهاءً بربط العلاقات مع الموردين والموزعين. ولم يكن لأحد الحق في التدخل لأن هذا كان شأنها هي فقط لا غير. أتذكر كم كنت متعجباً بمشروعها الناجح لصناعة علب خشبية للمناديل وسلة للأوراق. وقد وصلت هذه المنتجات إلى رفوف بعض المتاجر الفخمة ولو أنها واقعة في بلدات صغيرة. كانت أمي مثابرة دوماً وعلمتني ألا أندم على كل ما فعلته. إذا كانت سلعة ما لا أحد يريد شراءها كانت تشطبها وتستخرج درساً من ذلك، وبعد ذلك تبقى مثابرة على تجربة شيء جديد. كنا أنا وأخواتي مستخدمين عندها بمثابة تشغيل الأطفال مجاناً أي "التشغيل حباً" كما سمت هي ذلك عندما كانت تكلفنا بأعمال بسيطة. من الظاهر أنني لم أكن أدرك ذلك وقتذاك لكن كل ما كان يحدث في بيتنا أثر تأثيراً عجيباً على نشأتي المقبلة.

إيفا برينسون

لم تتغير إيفا كثيراً رغم أن عمرها الآن قد بلغ ... لقد علمتني ألا أتكلم أبداً عن عمر المرأة إذاً فلنقل أنها حالياً في حدود الثمانين. كانت في شبابها راقصة وبعد ذلك توظفت كمضيفة في British South American Airlines. وكان هذا حين كانوا يضطرون إلى لبس أقنعة الأوكسجين أثناء عبور جبال الأنديز. منذ ذلك الحين لم تكن تتوقف مطلقاً. أنا أيضاً لا أحب الجلوس كثيراً ولكنني أعترف أنني عاجز تارة عن مضاهاتها.

أحد الأحداث الأخيرة باتت هامة جداً، فقد أعلنت هي فجأة عن رغبتها في تنظيم مباراة خيرية للعب البولو. هل توافقونني أن هذا غير متوقع من إمرأة في الثمانين من عمرها. أتظنون أنها أرادت القيام بذلك قرب منزلها؟ أبداً لا بل في المملكة المغربية. وقد اندهشت من ذلك ولكني لم أٌصدم فقلت لها أن الفكرة تبدو متهورة وهيهات أن هذه الخطة ستكون ذات مصلحة. فاستمعت إلي بانتباه ولكن فعلت كل شيء كما أرادت. مرت المباراة بنجاح كبير وحصلنا منها على ربع مليون دولار. وبدلاً من أن أقول لها "أرأيت يا أمي؟ ألم أقل لكي؟" لم يبق علي إلا أن أتعجب باجتهاداتها وأن أقول بهمس لا يكاد يسمع:

"أحسنت يا أمي".

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق