أدى قرار المصرف الوطني السويسري حول إيقاف تثبيت سعر الفرنك بالنسبة لليورو إلى عواقب كبيرة. لقد هدأت الضجة بعض الشيء لذا نستطيع أن نراجع كل شيء بهدوء وأن نتوصل إلى استنتاجات من الحالة التي وقعت.
في شهر يناير دخل المصرف المركزي السويسري التاريخ وذلك بإيقاف التثبيت سعر العملة في البلاد بالنسبة لليورو. فتعزز الفرنك السويسري بنسبة 30% دفعة واحدة بالنسبة للسلة العالمية من العملات، وقد فوجئ بذلك المستثمرون العالميون وأدى هذا إلى إفلاس صناديق التحوط كما وأدى إلى تصفية الأعمال التجارية لدى بعض الوسطاء. كل هذه القصة تحيجنا على طرح العديد من الأسئلة، وهذه البعض منها:
- تم القضاء على كثير من صناديق التحوط ذات عملة عالمية وذلك من قبل العاصفة الفجائية من البورصة. يجب الإشارة للدفاع عنها أن هذا لم يحدث سابقاً قط، فهل يجوز أن نتهمهم بالشيء الذي حدث؟
طبعاً. وبالمناسبة يوجد مجال كامل من الأبحاث المتعلقة بدراسة الأحداث لم يسبق وقوعها، وتسمى بـ"التاريخ" وتتركز على المفاجآت التي تحدث باستمرار.
إن واجب صناديق التحوط هو الاستعداد للأحداث المفاجئة. ولهذا صرح وارين بافيت أن خليفه يجب أن يكون "الإنسان القادر وراثياً على استكشاف وإبعاد المخاطر الكبيرة بما في ذلك التي لم تحدث قبلئذ".
- دعونا نناقش بفكر سليم. لقد أشاد المدير المالي لـ Goldman Sachs هاروي شوارتس أن ما حدث شبيه بحدث متعلق بالانحراف المعياري بعشرين سيغما، وهذا يعني في الإحصاءات أن احتمال ظهوره هو مرة واحدة كل أربعة مليارات سنة.
هذا تأكيد سخيف. إن العجز في الديون الروسية سنة 1998 ومن ثم انهيار الرهن العقاري في عام 2008، وبعد ذلك الهروب من سندات النفايات في الصيف الماضي، وكذلك تصرفات المصرف المركزي السويسري، كل هذه الأحداث حسب نماذج وول ستريت يجوز أن تصنف كأحداث تقع مرة في كل عدة مليارات من الأعوام. إذا كانت هذه الوقائع تحدث في الحقيقة مرة كل أربع سنوات من الراجح أن هذه النماذج غير صحيحة.
- وبأي تردد يجب أن تقع هذه الأحداث غير العادية؟
لا داعي للتوقع أن الأحداث من هذا القبيل تقع (أو لا تقع) بجدول زمني معين، فطبيعتها تقول العكس، كما أنه لمن الخطر افتراض استمرارية مثل هذه الأحداث ومحاولة التنبؤ عليها.
- لكن تجارة العملة خطرة من تلقاء نفسها؟
حسب أبحاث Forex Magnates كل ثلاثة أشهر 60% من التجار المشاركين في فوركس يفقدون أموالهم.
- ولماذا؟
ثمة عدة أسباب. فأسعار العمل مبنية على المضاربات وليس على العمليات من قبيل "البيع والشراء". يتمتع المستثمرون الكبار دوماً ببيانات حديثة وكاملة بالمقارنة مع التجار الصغار، وهذا ما يخفض من احتمال ربحكم. يسر وسطاء العمل تقديم للتجار يد العون على شكل قروض التي تضخم موقفهم (ومخاطرهم) حتى السماء، لذا فإن أخطاء طفيفة قد تؤدي إلى خسائر كارثية.
- ماذا يحدث حيث تستخدمون العون على شكل قرض 50: 1، أما سعر العملة فتغير بنسبة 30% خلال ليلة واحدة؟
هذا الشيء نفسه إذا صببت الوقود على الأموال وبعد ذلك أشعلت كبريتة.
- ولماذا يستمر الناس في تجارة العملة؟
ولماذا يوجد أشخاص يدخنون سيجارة وراء سيجارة ويلعبون في الكازينوهات؟ ببساطة، يوجد كثير من الناس يميلون إلى التخريب الذاتي.
أظهر البحث الذي أجري في العام الماضي في مصرف Citi أن 84% من تجار العملة يظنون أنهم قادرون على الحصول على أرباح مرة كل شهر وفي الحقيقة 90% منهم مخطؤون.
- أنا لا أتاجر بالعملة، فهل سيؤثر علي تغير قيمة الفرنك السويسري؟
هل أخذت أقساط الرهن العقاري؟ هل يدفع لك مديرك الراتب باليورو؟ هل تخطط لزيارة جنيف عما قريب؟ إذا نعم فسيؤثر، وإذا لا فلن يؤثر.
تعلموا على أخطاء غيركم وتقدموا إلى الأمام.