لا تزال الاستثمارات دون التدخل المباشر في تداولاتها أكثر ربحا و أمانا من أي إدارة نشيطة مباشرة.
إن تقلبات أسعار الأسهم في البورصة التي توفر للسوق إمكانية النمو باستمرار شهدت في الفترة الآخيرة تباطؤا واستقرارا نسبيا.وكما شاهدنا في السنوات الأخيرة الماضية النمو المستقر الطويل الأمد من الصعب جدا توقعه والاعتماد عليه. ولكن البعض لا يزالون يتنبؤون بالعودة إلى الإدارة المباشرة للحقيبة الاستثمارية. وحتى السيد جوش براون الذي يعتبر من أكير ناقدي الجوء إلى خدمات الصناديق الاستثمارية قد يغير رأيه فيما يخص هذا الشأن الحساس جدا.
ولكن بالرغم من بعض التغيرات في تقييم هذا المنهج لإدارة الاستثمارات ليس من الصعب أن نتوقع أن طريقة الإدارة النشيطة المباشرة سوف تصبح أكثر طلبا وتفضيلا من قبل المستثمرين. إن كل العوامل التي تصبح بفضلها الإدارة المالية المباشرة أكثر ربحا لا تزال تلعب دورها الفاعل والفعال بالإضافة إلى نشوء عوامل هامة جديدة.
وقبل كل شيء يجب الإدراك أن السوق بنفسها هي التي تضع القواعد ولذلك السوق تلعب ضد الذين يختارون الأسهم بأنفسهم حيث أن البعض يتهم في السياسات المالية التي يمارسها النظام الاحتياطي الفدرالي الأمريكي الديناميكية الضعيفة جدا لأدوات الاستثمار المختلفة. في السنة الماضية خف حجم التقلبات في البورصة وفي الوقت الأخير تعود موجة جديدة. ويقول السيد جاستين فوكس من وكالة Bloomberg ما يلي: يبدو أن العالم بأكمله يلعب ضد الذين يقومون بممارسة الإدارة المالية.
ويشير أيضا إلى عامل آخر أكثر أهمية وخطرا في نفس الوقت. نشر المحلل المالي لاري سويدراو مؤخرا كتابه تحت عنوان: "ألفا تخت خطر التقلص" (The Incredible Shrinking Alpha: And What You Can Do to Escape Its Clutches) حيث يكتب المؤلف فيه أنه كلما كثر عدد المستثمرين الخاصين الذين قدموا أموالهم بإدارة الصناديق الاستثمارية كلما قل عدد المستثمرين الناشئين الذين يمكنهم أن يتضرروا من اللاعبين المحترفين في السوق والبورصة.وهذا فعلا هام جدا.
لا شك أن السيد جاستين فوكس ومؤيدوه على حق ولكنهم ربما لا يرون الصورة من البعد. لم يلغ أحد قوانين وقواعد الاقتصاد الكي. وأثار الكتاب للسيد لاري سويدراو غضب عدد من المحترفين في القطاع الاستثماري العالمي. ولكن هناك بعض الأسباب الهامة التي تقنعنا يأن الآن ليس الوقت المناسب لتقديم الأموال تحت إدارة الصناديق الاستثمارية المباشرة. إذا كان الإداريون الماليون يختارون أسهما صحيحة ويكسبون أموالا لكم عن طريقها فلا يمكن اعتبارهم إداريين ماليين ناشطين.
لا يمكن المجادلة في أن الصناديق الاستثمارية النشيطة تعرف كيفية العمل الناجح. بالرغم من الرأي الشائع حول هذا الصدد تمكن المحترفون من الفوز على السوق في معظم الأوقات. نعم، المحترفون موجودون ونجاحاتهم ليس بسبب حظهم السعيد فقط.
الأمر هنا في أنه في حال تحقيق المحترفين نتائج أفضل بالمقارنة مع النتائج التي تحققها السوق بشكل عام يحصلون على العمولة من عملائهم فقط ولكن مقدار هذه العمولة عادة يصل إلى مستوى حيث يبقى إجمالي أرباح العملاء أقل من عدد المستثمرين الذين قدموا أموالهم لإدارة الصناديق الاستثمارية. ويبين لنا التاريخ أن المحترفين في اختيار الأسهم المناسبة للاستثمار فيها كانوا يحققون أرباحا متواضعة لعملائهم حتى في فترة ما قبل الارتفاع القياسي الذي سجلته أهم المؤشرات للأوراق المالية في البورصة. وهذا ما يقوله أيضا السيد سايمون ليك الذي يقدم دلائله على صدق موقفه في كتابه "سراب صناديق التحوط".
إذا كان الإداري المالي المحترف يعرف طريقة الفوز على السوق والاستفادة الأقصى منها لماذا يجب عليه أن يعطي نسبا من الأرباح المحققة إلى العملاء؟ لا يحتاج إلى ذلك حيث أنه كمحترف لديه طرقه الخاصة وميزاته الفريدة في التعامل مع السوق والإدارة الاستثمارية وإذا فتح كل الأسرار إلى السوق فسوف تتحول ألفا (الربح أكثر من ربح السوق) إلى بيتا (متوسط الأرباح). وإذا كان المستثمر مزعوجا من المستوى العالي للعمولة ورفض خدمة يقدمها له الإداري المالي المحترف فكان له من الصعب جدا أن يجد آخرا. لذلك يسعى الإداري المحترف أن يحصل من العميل أقصى حد من العمولة.
ولكن هناك مشكلة أخرى أيضا. من أكثر كان عدد الأصول المالية تحت إداراكم المباشرة من أصعب كان الفوز على السوق لأنه في مثل هذه الحالة يتمتع بعدد محدود من إمكانيات الاستفادة من عدم فعاليته.وعندما كانت فكرة الإداري المالي صحيحة وناجحة يلاحظونها العديد من المستثمرين ويقدمون له أموالهم لإجراء إدارتها بشكل مباشر. وهذا بالتأكيد يقلل من أرباحه حتى إذا كان الإداري محترفا إذ يلاحظ عودة الأرباح إلى متوسط حجمها في مثل هذه الحالة. يبدو أن الفائز يخسر من نشاطه بنفسه.
وفي حقيقة الأمرفكرة تقديم المال للإدارة لم تكن مميزة وناجحة أبدا حيث أن المستثمرين الذين لا يفضلون المشاركة الدائمة في تداولات الأسهم في البورصة يختارون الصناديق الاستثمارية ويعتبرون قرارهم صحيحا ومعقولا في ظل كل الوقائع التي تثتب الميزات والصفات الناحجة لمثل هذه الطريقة في الاستثمار. ويضيف السيد لاري سويدراو أنه أصبح من الصعب في الوقت الحالي لجميع المحترفين اختيار الأسهم المناسبة ليحققوا نتائج أعلى من نتائج تحققها السوق وحتى إذا لن نأخد بعين الاعتبار العمولة.
يعني ذلك أنه بكلمات أخرى لا يمكن التوقع في سنة 2015 أي نمو نشيط للصناديق الاستثمارية بغض النظر عن حجم التقلبات في سعر الأسهم المتداولة في البورصة والعوامل الأخرى التي تحددها سياسة النظام الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بشكل عام.