الأسواق تسبب الشكوك
الصفحة الرئيسية مال

إن الخروج من منطقة الراحة والنظر إلى الموقف من الزاوية البصرية الأخرى يكاد يكون مستحيلاً ولكن هذا الشيء ضروري.

أكثر الأشياء التي تزعج عند التعامل مع الأسواق هي أن المستثمرين سرعان ما يستلمون ردود الفعل في قراراتهم. في أي وقت أثناء الشراء أو البيع يجوز معاينة الأسعار والمعرفة ما إذا ارتفعت أو انخفضت أسعار السندات أو الأسهم.

الأسعار دوماً على مرأى خلال خمسة أيام في الأسبوع وكل يوم ست ساعات ونصف حين الأسواق تعمل. إن محاولات استخدام الأسعار اليومية لقياس مستوى الذكاء قد تكون خطرة. في بعض الأحيان أنتم تحددون اتجاه السوق بصورة صحيحة ولأسباب غير صحيحة. في بعض الأحيان يحالفكم الحظ. غالباً ما تكون تغيرات أسعار الاستثمارات قصيرة الأمد أو حتى كل السوق دون أية أسباب جوهرية وإنما مجرد تقلبات عشوائية.

السوق ليس مكاناً مناسباً أبداً للبحث عن تأكيدات على صوابك، ففي معظم الأوقات تكون السوق خادعة. يجوز أن نتمتع باستراتيجية ممتازة لاتخاذ قرارات ومع ذلك نكثر في ارتكاب أخطاء. وقد يحدث أنه عند الاستراتيجية الخاطئة (أو عدم وجودها بالأساس) ستبرهن نسبة الإيرادات والمصروفات على صوابكم. وقد أشاد جورج سوروس ذات مرة:

"إنني ثري فقط لأنني أعرف متى أنا غير محق. بعبارة بسيطة لقد حافظت على بقائي فقط لقدرتي على الاعتراف بأخطائي".

ومع ذلك ثمة مستثمرين متأكدين من صوابهم بغض النظر عما يحدث في السوق، وهم يرفضون أية حجج. إذا اتجهت السوق ضدهم فهم بدلاً من مراجعة نظرهم حول وضعهم الراهن يتعاندون، وإذا لم تسير الأمور وفقاً لخططهم فهم يتهمون الظروف الخارجية. أما إذا سارت الأسواق طبقاً لموقفهم الاستثماري وأخذت تأتي بالإيرادات فهؤلاء المستثمرون يظنون أن تغير الأسعار تشهد على فراستهم.

أمثال هؤلاء الناس يرتبطون مع السوق بعلاقات شخصية وهذا ما لا بد من تجنبه إذا أردتم اتخاذ قرارات عقلانية. لا يمكن أن يكون أحد دوماً على صواب. إذا أنتم غير مستعدين على الاعتراف باحتمال الخطأ أو سوء الحظ فسيصعب عليكم كثيراً أن تكسبوا شيئاً من السوق.

في الثمانينات كان الرئيس الأسطوري لصندوق التحوط راي داليو متأكداً من أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الأزمة. وهذا هو الدرس الذي اكتسبه هو حين عرف أن افتراضاته ليس لها مبرر:

"لقد علمتني هذه الحادثة إلى كم لمن المهم الخوف من الخطأ المحتمل بغض النظر عن تأكدي من أني على صواب. لقد أزعمت البحث عن أذكى الناس من بين الذين لم يشاركونني رأيي لكي أتعرف على استدلالاتهم. وفقط بعد أن أفهم تماماً وجهة نظرهم كان بإمكاني أن أقرر أأقبلها أم أرفضها. بعد أن التزمت بهذه العملية لسنوات أنا لم أرفع فرصي على الرؤية الصحيحة للوضع حسب بل وتعلمت أشياء كثيرة".

إن إمكانية تقدير الوضع مهمة من كل جوانب الحياة وعلى وجه الخصوص بالنسبة للسوق حيث حتى أكثر الناس ذكاء كثير ما يرتكبون أخطاء. ففي ظروف غزارة البيانات المتاحة من السهل دوماً إيجاد ما يشهد على صحة وجهة نظركم كيفما كانت.

يفضل أن تكون الاقتناعات صلبة ولكن لا داعي للتمسك بها بقوة شديدة. من الصعب التصور كم مرة من المرات ستكشفون أبحاث جديدة وكذلك الآراء والوقائع التي ستجبركم على مراجعة اعتقاداتكم. لا بد من التعلم المستمر بغرض التحسن والحفاظ على وضوح الرؤية.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق