ذئب من وول تويت: الآلات تتدخل في التجارة
الصفحة الرئيسية مال, تعلم التداول

روى سيت ستيفنسون مؤلف Slate كيف تحرم أجهزة الكمبيوتر التجار الصادقين من رزقهم.

يوم الجمعة في وسط النهار في السابع والعشرين من شهر مارس يبدو أن أحداً قد حصل على 2.4 مليون دولار من خلال تويت. وقد تم نشر هذا الإعلان من قبل دانا ماتيولي صحفية في Wall Street Journal:

تقوم Intel بمحادثات حول شراء Altera، وستكون هذه أكبر صفقة في تاريخ Intel.

Altera منتجة الشرائح، وبأسرع مما تقدر عليه ردود الفعل لدى الإنسان قام شخص ما أو شيء ما بشراء اختيارات معاملة رخيصة الثمن على فعل هذه الشركة بمبلغ 110530 دولار. وبعد بضع دقائق فقط بدأت أسهم Altera ترتفع ولم يتوقف هذا الاتفاع إلا في نهاية النهار. عندما انتهى هذا النمو العنيف تبين أن صفقة شراء اختيار المعاملات الرخيصة قد جاءت بـ2.4 مليون دولار من الربح. وقد ظن الجميع مباشرة بأن برنامج ما اسمه بوت قد قرأ تويت فكامل معناه وقام بالصفقة مباشرة مستنداً على الخوارزمية المدرجة فيه. قرأ الروبوت تويت فاتخذ القرار قبل أن يفكر الباقون عما يحدث أساساً.

ولكن في السادس من شهر أبريل دحضت وكالة Reuters الافتراض الأول، فقد أخبرت الوكالة بأن الصفقة قد تمت بـ19 ثانية قبل تويت وبعد ثانية واحدة من ظهور العنوان في شريط الأخبار Dow Jones Newswire.

أنا أعرف الشخص الذي كان الطرف الآخر من الصفقة، وقد قال أن شيئا من هذا المثيل يحدث معه ليس لأول مرة. إنه متأكد من أن أحداً قد أنشأ خوارزمية جديدة سريعة جداً لدرجة أنه يخاف الآن على منصبه في العمل.

صديقي صانع السوق على وول ستريت وهو يعمل في سوق اختيار معاملات. يجوزمنه شراء اختيار معاملة سيحق لكم بموجبه في المستقبل شراء أسهم الشركة بالسعر الذي اتفقتم عليه الآن. لنقل أنه في هذه اللحظة بالذات تباع الأسهم بثلاثين دولار. أنتم اشتريتم حزمة من اختيارات معاملة يحق لكم بموجبها أن تشتروا في أي وقت خلال ساعة قادمة الأسهم بخمس وثلاثين دولار. لا أحد يحتاج الآن إلى اختيار هذه المعاملة وهذا سبب رخصها الشديد، ولكن إذا وصل سعر سهم خلال ساعة إلى 40 دولار فستتحول إلى ثروة.

ليس من السهل توضيح بالأصابع ما هو العمل اليومي الذي يمارسه صديقي، ولكن يجوز أن نتصور بأنه وكيل مراهنات، وواجبه هو قبول رهان على حركة الأسعار إلى الأعلى وإلى الأسفل. ينحصر واجبه بتحديد مستوى الرهانات التي تعكس الفرص الحقيقية. لكن إذا كان الإنسان الذي راهن يعرف ما لا يعرفه أحد غيره (مثلاً بأن نجم فريق كرة القدم لن يشارك في مباراة يوم الأحد أو بأن Intel تنوي شراء هذا الفريق) فهذا قد يوقع صديقي في خسارة كبيرة.

يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر مارس في وقت العصر لاحظ صديقي شيئاً غريباً، فقد انتشرت إشاعة (وعقبتها إخبارات في وكالات الأنباء) بأن Exxon بمقدرتها شراء شركة Whiting Petroleum. وعقب ذلك جاء أحد بسرعة غير سرعة الإنسان إلى سوق اختيار معاملات. تم إيقاف البيع ولكن قبل ذلك حدث كل شيء. وقد قال صديقي "أنا شخصياً خسرت مئة ألف دولار بثانية واحدة"، أما شركته فخسرت أكثر. وماذا عن شاري اختيار المعاملات؟ "أتوقع أنه حصل على 1-2 مليون دولار، وهذا شيء لا بأس به إذا وقع هذا خلال ثانية واحدة".

في السابع والعشرين من شهر مارس حدثت صفقة شهيرة بمبلغ 2.4 مليون دولار على النبأ من Altera، ووقع ذلك من جديد في 1 أبريل حين ظهرت شائعات عن اندماج شركة الأدوية Receptos. ارتفعت قيمة أسهم Receptos ولكن قبل ذلك لحق أحد شراء اختيارات معاملة بمبلغ كبير (خسرت شركة صديقي على هاتين الصفقتين 30 ألف دولار فقط أما غيره فكانوا أسوأ حظاً منه). في كل الأحداث كهذه رداً على تويت أو إخطار في شريط الأنباء (غالباً ما يكون تحديد مصدر معين صعباً) يظهر شاري.

هل يجوز أن نفترض بأن هذا إنسان حقيقي وليس آلي؟ صديقي لا يؤمن بهذا. صعوبة الطلب يحول دون تنفيذه من قبل إنسان بهذه السرعة:

"ليس بمقدوري أن أقرأ خبراً وأفهمه وأستوعبه وبعد ذلك أضغط على زر "شراء" فهذا يحتاج إلى وقت طويل. أما عندهم فسرعة غير طبيعية وغير إنسانية. بعد ظهور خبر بثلاث ثواني يحدث شراء".

قد تكون وراء هذه الصفقات الثلاث مؤسسات مختلفة. ومن جديد صديقي لا يؤمن بهذا الشيء. إنه يقول بأن كل هذه الصفقات الثلاث قامت بها شركة Lime Brokerage. لقد كانت تتصرف ليس باسمها وإنما كوسيط، لكن صديقي متأكد أنه في كل الأحوال الثلاثة كان يقف وراء Lime Brokerage شخص واحد. يقول صديقي:

"ينحصر عملي في البحث عن الانتظام، وهذه الأحداث تتشكل في صورة واحدة. إنهم نفس الأشخاص".

لقد تكلمت مع توني هاك المدير التنفيذي لشركة Lime Brokerage فعبر عن ارتيابه في أن هذا الشخص كان أحد عملاء الشركة. ومن اعترافه بأنه لا يجوز إبعاد هذه الإمكانية فسر بأن التجارة جزء صغير من أعمال Lime Brokerage: "هذه الأحداث لا تليق بعملائنا من حيث طابعها وحجمها".

اتصلت بصديقي من جديد وبعد ذلك بـ Lime Brokerage مرة ثانية. الآن أستطيع أن أقول بثبات أنني رأيت التسجيل عن الصفقة التي أجريت في Miami Options Exchange، إذاً Lime Brokerage هي إحدى المشاركين في البورصة من بين 41 مشارك. لقد طلبوا مهلة ولكن بعد عدة أيام وبعد إرسال عدة طلبات لم أستلم أي رد.

كلمة جديدة في الحروب التجارية

إذا كنتم قد قرأتم كتاب مارك لويس " Flash Boys: ثورة عالية التردد في وول ستريت" فستتصورون كيف تكون الحروب التجارية عالية التردد. ولكن هنا القصة تختلف بعض الشيء. عندما يجد التجار ذات تردد عالي أنه ليس ثمة أحد يهتم بشراء أسهم بخمسة دولارات كانوا يلحقون بواسطة خدعات تكنولوجية على شرائها وبعد ذلك بيعها مباشرة للجهة المهتمة بالأمر بـ5.1 دولار فيفعلون ذلك عدد من المرات حتى يحصلوا من كمية هائلة من معاملات صغيرة جداً على ربح لا يستهان به.

وحالياً نحن نناقش الصفقات التي أجريت بناء على إشاعات. بما أن اختيار المعاملات هي أداة مشتقة أي أنتم لا تشترون الأسهم نفسها بل تشترون الحق على شراء أسهم فيجوز بواسطتها الحصول على ربح كبير بموارد قليلة. تتميز الصفقات المعينة بأنها أجريت في نهاية يوم التجارة حين لم يبق لنفاذ فترة اختيارات معاملة سوى عدة دقائق. الاحتمال بأن سهماً ما في الدقائق الأخيرة من الدورة التجارية سيرتفع بشدة ضئيل جداً. وهذا هو سبب الرخصة الشديدة لاختيارات المعاملة الموشكة على نفاذ فترتها، والرهان الصحيح يأتي بإيراد كبير جداً. لو أن شاري اختيارات معاملة لدى Altera اكتفى فقط بالحصول على أسهم الشركة بنفس المبلغ وبعد ذلك باعها في نهاية النهار لكان قد حصل فقط على 34 ألف دولار، أما استخدام اختيارات معاملة فستسنح له بالحصول على 2.4 مليون دولار.

لسنا منافسين لتجار البوت

البوتات التي تحلل الأنباء وبعد ذلك تشتري اختيارات المعاملة موجودة منذ سنوات طويلة. أما Bloomberg و Dow Jones وغيرها من وكالات الأنباء فتقوم حتى ببيع اشتراكات على شريط الأنباء الخاصة المخصصة ليس للناس بل لأجهزة الكمبيوتر. تقدم المعلومات إلى هناك بحيث يجوز قرأتها آلياً. أخبر في السابق عن صناديق التحوط التي تقوم بالبيع بناء على الشائعات التي تظهر في Twitter. في الحال مع Altera تمكن محرك البحث البوت من قراءة الشائع وفهمه ومن بعد ذلك تحقيق الاستراتيجية اللازمة لشراء اختيارات معاملة. بالنسبة لصديقي هذا مستوى جديد من التنافس، فيقول:

"في السابق كان هذا عبارة عن سباق فكان بمقدرونا أن نربح أو أن نخسر، ولكننا بلا حول ولا قوة أمام الذي ظهر الآن".

وسائل كهذه ابتعدت كثيراً عن الأسباب النظرية لوجود اختيارات المعاملة. فمهمتها الوحيدة هي ضمان التأمين (التحوط) من الخسائر المحتملة عند شراء أسهم. يوفر صناع السوق البيئة التي يجوز بها شراء مثل هذا التأمين. أما محرك البحث البوت فينظر إلى السوق وكأنها لعبة الروليت ويعرف بالضبط في أي قطاع ستتوقف الكرة. يقول صديقي:

"ذاك الذي لديه ما نسميه بـ"سيناريو المستقبل" يقوم بنهبكم السافر. نعم هذا شيء قانوني تماماً ويجوز القول أن هذا يتم بصدق لأن صاحب جهاز الكمبيوتر السريع يقبض كل شيء. ولكن تصوروا لو أنه في عام 1995 حين كانت اختيارات معاملة مؤمن عليها قالوا لكم بأن شركة ما أنتجت جهاز كمبيوتر الذي يقدر على قراءة إشاعات وبعد ثانية يقوم بشراء يحصل بموجبه على مليون دولار لبدا هذا جنوناً، ومع ذلك فهذا الذي يحدث الآن".

من أجل الإنصاف ينبغي القول بأن أصحاب البوتات أيضا يخاطرون. قال باول تيتلوك أستاذ كلية إدارة أعمال لجامعة كولومبيا:

"التجارة الآلية المستندة على تحليل محتويات الإنترنت تجارة تنافسية جداً. ثمة أمثلة كثيرة عن إفلاس شركات".

تحتمل البوتات السير البغيض للأحداث. لقد روى لي تيتلوك قصة حين ظهر في عام 2008 بشكل غير معروف خبر عن إفلاس شركة United Airlines الذي وقع منذ ست سنوات. بما أن خوارزميات البوتات اتخذتها على محمل الجد انخفضت أسعار أسهم شركة الطيران هذه بنسبة 76%، وفي آخر النهار عادت الأسعار إلى سابقتها تقريباً.

عموماً لا يجد تيتلوك سبباً للاضطراب. إذا في آخر الأمر لم يبق في السوق إلا البوتات اللاعبة ضد بعضها البعض فماذا في ذلك؟ يتضح أن الفائزون هم أفضل المبرمجين وليس أصحاب أسرع رد فعل أو علاقات شخصية. وإذا كانت البرامج تتاجر بصورة أفضل بموجب الأخبار فليس مفهوماً أين المشكلة، إذا هذا يعني أن أسعار الأسهم سترد على المعطيات بصورة أسرع وأدق.

ثمة مخاطرة أخرى ألا وهي بأن القليل من أفضل البوتات ستخرج من اللعب سائر المشاركين. هذا قد يؤدي إلى تقلص السوق فستصبح نتيجة ذلك أقل فائدة بكثير. أشاد كينيت آهيرن أستاذ كلية إدارة أعمال لدى جامعة كاليفورنيا الجنوبية:

"إذا كان الجميع ينالون نفس المعلومات ولكن يختلفون في تفسيرها عندئذ توفر السوق سعراً عادلاً. ولكن إذا كان الحد الأدنى للمشاركة مرتفعاً جداً فهذا قد يؤدي إلى انحراف الأسعار عن التوازن. على أية حال هذا الوضع قد لا يطول أمده. إلى الآن لم أر دلائل قوية بما فيها الكفاية لصالح تنظيم السوق في هذه القضية. كالعادة ينبغي التفكير هل سينجح المنظم أفضل من السوق أم لا".

لا يتوجب عليكم التعاطف مع صديقي وشركته، بل العكس الصحيح عليكم تقييم براعة مؤلف الخوارزمية الذي يعرف كيف يكسب على التويتات. بالطبع يصعب على صديقي الموافقة على وجهة النظر كهذه فهو يشعر بأن أحداً قد وضع يده في جيبه. يقول هو: "هذا كالاتجار الداخلي على الأنباء".

المصدر: Slate

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق