التخلف عن الدفع في الصين: الحبكات والتحقيقات
الصفحة الرئيسية مال

قدمت «اللحمة» الصينية للعالم درساً بمليار دولار.

عندما تخلف أحد أكبر المتعهدين الصينيين عن تسديد التزاماته بالعملة الصعبة، كان ذلك درساً للصناديق المالية العالمية كلفته أكثر من مليار دولار، ويتمنى المستثمرون أن يفهموا ما الذي حصل أصلاً.

تشير المعلومات التي جمعتها Bloomberg أن السعر السوقي لستة سندات خارجية لشركة Kaisa Group Holdings Ltd قد هبط بقدر 1.2 مليار دولار منذ أكتوبر عندما ظهرت العلامات الأولى للمشكلات التي آلت إلى تخلف عن الدفع يوم الإثنين. ويعزى سبب انحطاط شركة كانت تبلغ عائداتها منذ عشرة أشهر فقط 1.5 مليار دولار إلى تدابير مكافحة الفساد والكشف الناقص عن المعلومات المالية والإدارة المزاجية. ولكن لا تستطيع أي واحدة من أكبر الشركات المالية العالمية أن تجزم بالسبب الحقيقي.

قال رايموند تشيا رئيس شعبة دراسات سياسات التسليف في منطقة آسيا (عدا اليابان) في شركة Schroder Investment Management Ltd من سنغافورة، والتي تدير سندات بقيمة 468 مليار دولار، بما فيه سندات صينية:

«شركة كانت ناجحة أمس لم تستطع أن تفي بالتزاماتها. هذا يمكن أن يحدث مع أي شركة كانت في أي لحظة إذا كنا نتحدث عن الصين».

إن المراهنات في تخمين المخاطر المالية في الصين التي سماها مدير الصندوق بيل غروس «لحمة مشبوهة» للأسواق النامية، لم يكن يوماً بهذه الحدة. يتوجب على الحكومة دعم الاقتصاد في ظروف النمو البطيء في العقدين الأخيرين ونمو أسعار الأسهم أعلى من المستوى المتوسط العالمي حتى لو اضطر الأمر إلى مخالفة القوانين من أجل خفض نمو ديون الشركات. بنهاية سنة 2013 بلغت ديون الشركات الصينية 14.2 تريليون دولار سابقة بذلك الشركات الأمريكية التي تدين 13.1 تريليون، حسب تقرير Standard & Poor الصادر في يونيو.

مدللون عند الدولة

أعلنت Kaisa تخلفها عن الدفع عندما لم تستطع تسديد 52 مليون دولار من الكوبونات بموجب سندين من أصل إجمالي ديون 10.5 مليار دولار في نهاية سنة 2014. ويوم الثلاثاء صار منتج المحولات Baoding Tianwei Group Co. أول شركة حكومية في الصين تعلن تخلفها عن الدفع بموجب سندات صينية داخلية.

اعتادت الأسواق المالية العالمية على خرق حقوق اللاعبين على خلفية تلميحات السياسيين أن الضمانات الحكومية لسندات الشركات سيتم سحبها تدريجياً على مدى سنتين. كان مؤشر Shanghai Composite يوم الإثنين يقترب من ذروته على مدى سبع سنوات، وهبطت أسعار التسليف بين البنوك في الصين إلى أدنى حد لها خلال أربعة أشهر بعد أن خفض البنك المركزي في العطلة الماضية المتطلبات لسيولة البنوك.

تمت الاستفادة من الدرس

يصعب على مدراء الصناديق العالمية قبول الطبيعة غير الشفافة لحملة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ ضد الفساد وبالمثل غياب الشفافية في التمويل. قال غروس الذي ترك Pacific Investment Management Co. في سبتمبر 2014 لينتقل إلى Janus Capital Group، قال عن اقتصاد الصين في فبراير السنة الماضية أن «أحداً لا يعلم مم تتألف هذه اللحمة، ولو أنها تحوي بالتأكيد قليلاً من السجق».

إن تخلف Kaisa عن الدفع «لقن المستثمرين في الخارج درساً»، وسيطالبون الآن بعلاوات مجازفة أعلى مقابل السندات الصينية ويرفضون الشركات ذات وضع ائتماني ضعيف، وفق رأي فرانكو لان، محلل Moody’s Investors Service في هونغ كونغ. حسب قوله، فإن إصدار المتعهدين الصينيين الذين تقوم Moody’s بتخمينهم لسندات في الخارج قد هبط 50٪ تقريباً خلال الربع الأول.

يصرح هو جون هيوك رئيس شعبة الدخل العالمي الثابت في Mirae Asset Global Investments Co. في نيويورك التي تدير 64 مليار دولار من كل أنحاء العالم:

«عندما نفكر بالشركات الصينية، كان العامل السياسي عادةً إيجابياً بحتاً؛ أما الآن فيتحول إلى عامل حيادي، ويجب أن نكون أكثر حذراً».

تعود أول علامة من علامات سقوط Kaisa إلى السنة الماضية حين أصدرت الشركة في 17 أكتوبر تصريحاً تنفي فيها إشاعات اختفاء رئيسها كووك يينغ شينغ. وبعد أسبوع أعلنت الحكومة أن الرئيس السابق لمصلحة الأمن في شينجين جيانغ زون يو موقوف قيد التحقيق.

التحقيق في الفساد

أبلغت مصادر مطلعة على الوضع في يناير أن إدارة Kaisa خضعت للاستجواب لكشف علاقاتهم المحتملة مع جيانغ الذي كان أمين فرع الحزب في منطقة لونغانغ التي تم فيها تجميد إقرار مبيع تعهدات الشركة. في 31 ديسمبر أعلن مدير الشركة استقالته متحججاً بمشاكل صحية، وفي يناير باع الحصة المسيطرة التي تملكها أسرته إلى شركة Sunac China Holdings Ltd.

ومع تراكم مشاكل Kaisa قام الدائنون المحليون بلا تلكؤ بتجميد أصولها، بينما بقي أصحاب السندات الخارجية ينتظرون. فوقعت الشركة بالنتيجة في فخ نقص الموارد، إذ لم تكن تستطيع بيع شققها حتى بعد أن ألغت سلطات شينجين بعض التقييدات لأن المحاكم كانت لا تزال تمنع المبيعات. ولم يفسر أحد أسباب هذه العجلة في فرض القيود.

تضاعفت ديون Kaisa بسبب سعر الفائدة خلال الفترة من يونيو إلى ديسمبر 2014. في هذه السنة كانت أسهم الشركة تباع بالدولار واليوان بما بين 29.6٪ و85٪ من سعرها الاسمي. ولم تنجح صفقة شراء الشركة من قبل Sunac China Holdings Limited التي كان من الممكن أن تنقذ الوضع لأن المتعهد المنافس يصر على إعادة هيكلة الديون شرطاً للشراء، وهذا ما يرفضه الدائنون قبل صدور التقرير السنوي.

أبلغت مصادر مطلعة على مجريات الأمور الشهر الماضي أن خلال التحقيق الأولي تبين أن Kaisa في سنة 2014 عانت من خسائر بدل الأرباح المتوقعة، وأكدت Kaisa الربح السلبي لاحقاً. وفوق كل شيء، عاد الرئيس كووك إلى إدارة الشركة في 13 أبريل.

صرح مدير Sunac سون هونغ بين في مارس أن أصحاب السندات لا يدركون مدى خطورة وضع Kaisa، عندما شرح لماذا لن يدفع ديون غيره في حال آلت الشركة إلى إدارته. ويعارضه المحللون: كيف يمكن الناس أن يفهموا هذا؟ يتساءل جيفري غاو المحلل في Nomura Holdings Inc.:

«ما هي أوضاع أصولهم؟ ماذا في التقرير السنوي؟ لماذا عاد مديرهم؟ حقاً لا نعرف شيئاً من هذا».

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق