دواء يشفيك من التداول معصوب العينين
الصفحة الرئيسية مال, تعلم التداول

الجدول الزمني الأمثل لكشف المعلومات حول حجم المراكز القصيرة.

تجرى الصفقات في الظروف الراهنة لسوق الأوراق الأمريكي بسرعة الضوء؛ ولكن المستثمرين يضطرون إلى انتظار المعلومات الحاسمة في اتخاذ القرار مدة أسبوعين.

إن «حجم المراكز القصيرة المفتوحة»، وهي إحصاءات وول ستريت عن عدد المتداولين الذين ينتظرون هبوط سعر أسهم معينة، من أفضل المؤشرات التي تنبئ بتغير سعر سهم معين. ولكن المعلومات الرسمية من البورصات غالباً ما تتأخر في الوصول، وذلك يعرقل العمل في الظروف التي تكون الأولوية فيها للسرعة.

إن أهمية المعلومات عن حجم المراكز القصيرة تدفع صناديق التحوط إلى جمع التقديرات الجارية للمؤشرات من سماسرتهم بل يدفعون لهم مقابل ذلك. أما المشاركون الآخرون في السوق فلا تتاح لهم إلا المعلومات التاريخية بتأخير زماني كبير، والتداول بناء على مثل هذه المعلومات يشبه الطيران معصوب العينين: إذا كان موقفك من سهم ما يختلف عن موقف أغلبية المتداولين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى كارثة.

يؤكد ديفيد طويل مؤسس Maglan Capital، صندوق التحوط في نيويورك ذو رأس مال 75 مليون دولار:

«إذا استثمرت في سهم ذي حجم كبير من المراكز المفتوحة، فإن المعلومات التي عمرها أسبوعان لا فائدة منها».

ومثال آخر على عدم التوافق بين لوائح تنظيم سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية البالغ حجمه 25 تريليون دولار وبين بنيته الحالية هو توسع الشرخ بين المتداولين العاديين وبين المستثمرين الذين لديهم كمبيوترات قديرة وتتاح لهم المعلومات التي تعطيهم امتيازاً على غيرهم. وهذا يعكس أيضاً تزايد انحراف السوق مما يؤذي صغار المستثمرين.

وتقول المنظمة ذاتية التنظيم لقطاع الأموال FINRA التي تحصل على معلومات البورصة من 150 شركة في وول ستريت أن تسريع تحديث الإحصاءات سيؤدي إلى تزايد الأخطاء.

المستثمرون الغافلون

لاحظ الممثل الرسمي لـFINRA جيمس سماراغديس:

«إن تحليل البيانات خلال الأيام الخمسة السابقة للنشر عنصر حاسم في ضمان معولية الإحصاءات المنشورة».

كانت تصل معلومات متضاربة عن شركة معالجة الأخشاب Lumber Liquidators Holdings (NYSE: LL) حول وجود مادة فورمالدهيد المحظورة في بعض منتجاتها مثل الأرضيات الخشبية؛ وتداول أسهم هذه الشركة باعتبار الإحصاءات المتأخرة يمكن أن يكون قد أدى إلى خسائر عند المستثمرين الغافلين عن هذه المعلومات.

في نهاية يناير ظهرت في قواعد البيانات المتاحة مقابل أجر طفرة المراكز القصيرة لأسهم Lumber Liquidators بلغت رقماً قياسياً، بينما البيانات الرسمية المتاحة مجاناً لم يظهر فيها نمو المراكز إلا بعد ثلاثة أسابيع. وخلال هذه الفترة ارتفع سعر أسهم هذه الشركة بقدر 15٪، فوصلت في 23 فبراير إلى أعلى مستوى لها عند 69.22 دولار، وبعد ذلك انهارت الأسعار.

أذيعت في 1 مارس في برنامج «60 دقيقة» على قناة CBS معلومات عن أن أرضيات Lumber Liquidators تحوي مواد سامة ومقابلة مع رئيس صندوق التحوط ويتني تيلسون الذي سارع إلى فتح مراكز قصيرة لأسهم الشركة في أكتوبر. فأدت هذه الادعاءات، مع أن Lumber Liquidators قد نفت صحتها، إلى انهيار أسعار الأسهم، فخسرت الشركة خلال بضعة أيام نصف قيمتها السوقية.

التنبؤ بتغير أسعار الأوراق

أعلنت Lumber Liquidators الأسبوع الماضي عن إيقاف مبيع الأرضيات المصنوعة في الصين وتغيير المدير المالي. وكان سعر أسهم الشركة الجمعة الماضي 28.14 دولار.

ويعتبر مؤسس شركة Agecroft Partners والمستشار الاستثماري دونالد ستاينبورغ هذا الوضع «ميزة معلوماتية [لكبار اللاعبين] على حساب صغار المستثمرين».

إن ميزة الحصول على معلومات حديثة عن حجم المراكز القصيرة ميزة هامة. نشر ديفيد راباخ وماتيو رينغنبرغ وغوفو جو من جامعة سانت لويس في فبراير بحثاً يثبت وجود علاقة مباشرة بين حجم المراكز القصيرة المفتوحة لسهم معين واحتمال هبوط سعره. ويؤكد الباحثون أن المتداولين الذين يفتحون المراكز القصيرة ينبئون بتغير الأسعار أفضل من المستثمرين الذين يركزون على الأسهم التي ترتفع أسعارها، ويعود ذلك إلى صعوبة الحسابات وزيادة المجازفة وارتفاع تكاليف فتح المراكز المفتوحة.

تتاح المعلومات الحديثة عن الحجم الجاري للمراكز القصيرة المفتوحة لبعض اللاعبين؛ فالبنوك مثل Credit Suisse وJPMorgan Chase & Co يرسلون تقارير يومية وأسبوعية إلى عملائهم من صناديق التحوط، وينعكس في هذه التقارير حجم المراكز القصيرة المفتوحة لبعض الأسهم والقطاعات وعدد الأسهم المشتراة من أجل إغلاق المراكز وكذلك الأسهم ذات سعر تسليف مرتفع للمركز القصير.

معايير كشف المعلومات

يستطيع المستثمرون القادرون على الدفع وغير المرتبطين بالبنوك الكبرى اللجوء إلى مقدمي الإحصاءات مثل Markit أو SunGard Data Systems. هؤلاء المقدمين يجمعون البيانات من صناديق الاستثمار المشترك وصناديق التحوط وشركات الإيداع والسماسرة عن عدد الأسهم المسلفة والمستلفة، وينشرون المعلومات المجمعة بين المشتركين من خلال خدمات وكالة Bloomberg، وهي من مالكي هاتين الشركتين.

يطبق في أوروبا منذ سنة 2012 متطلب قانوني يقضي بكشف المعلومات عن المراكز القصيرة في اليوم التالي؛ وحسب رأي تشارلز جونز، أستاذ المالية في Columbia Business School في نيويورك، ساهم إدخال هذه القاعدة في تصغير الفجوة بين سعر الطلب والعرض لكل سهم وزيادة حجم التداولات.

أما السلطات الناظمة في الولايات المتحدة فقد قصرت فترة الكشف عن المعلومات عن المراكز القصيرة في سنة 2007 إلى أسبوعين، وشرعت مؤخراً بمراجعة هذه الفترة نحو تسريع كشف البيانات. نشرت في يونيو دراسة لجنة الأوراق المالية والأسواق في الولايات المتحدة تقول أن الحصول على البيانات في الزمن الحقيقي يمكن أن يقلل من الغش في المبيعات القصيرة، إلا أنه قد يؤدي أيضاً إلى تعرقل التجارة بسبب نمو حالات نسخ الصفقات واستباق السماسرة للأحداث (front-running، أي استباق الأحداث، ممارسة لاأخلاقية من جانب السمسار عندما يعقد صفقات استناداً إلى معلومات هامة قبل وصولها إلى العملاء).

واستنتجت اللجنة أن المنافع من الحصول على المعلومات في الزمن الحقيقي محدودة؛ إلا أن رينغنبرغ يعتقد أن جدول كشف المعلومات الحالي بعيد عن المثالي أيضاً، ويقول:

«ما أريد تحقيقه فعلاً هو الاتفاق مع اللجنة أو جهة أخرى حول إجراء تجربة مشتركة تسمح بتحديد الجدول الأمثل [لكشف البيانات عن حجم المراكز القصيرة]».

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق