إن الارتفاع العنيف لأسهم الشركات الصينية يربك المحللين.
فقط في الصين يجوز التنبؤ على أكبر قفزة سوق الأوراق المالية في العالم ومع ذلك تبدو متشائماً.
منذ سنة كان يؤكد المحللون الذين بحثوا 50 أكبر شركات بشانغهاي وشانتشجان بأن أسهمها سترتفع بنسبة 28%. وقد توضح أن هذا التنبؤ لا يجوز أن نسميه متفائلاً حتى على وجه التقريب وذلك لأن رفع القيود الحكومية والحمى المالية بين مستثمري التجزئة قد زاد في نهاية الأسبوع الماضي الأسهم الصينية بنسبة استثنائية وهي 111%.
منذ ذاك الحين يحاول المحللون أن يعدلوا أنفسهم على وجه السرعة ويدققوا تنبؤاتهم وبعد ذلك يرون كيف تتفوق الأسهم على المؤشرات المنبأة بهم ويبادرون في التدقيق مراراً وتكراراً. كما أن النمو السريع الذي سبق كثيراً مما كان متوقعاً يصعب الآن كثيراً عمل المحللين الذين يحاولون تقييم آفاق الشركات التي تقوم الآن بالمبيعات على مستوى الحد الأقصى خلال سنوات كثيرة بالإضافة إلى تحفيز السوق من قبل الدولة. وكانت لي سياولو محللة الأوراق المالية لدى Capital Securities Corp. بشنغهاي قد قالت:
"الآن هذه السوق تنمو على حساب الرأسمال الداخل فيها ولكن عند دراسة إمكانيات أية شركة لا بد من حسبان مؤشراتها الأساسية. نحن لا نستطيع أن نتصور تقريرا دون استناد على أي شيء، لذا فالسوق اليوم معقدة بصورة خاصة للتحليل وتجعلني أتردد. إذا كان تزايد سرعة الأصول يتفوق على الحدود المعقولة فسيستمر في النمو حتى لو أنني قيمته بقيمة قليلة".
هذه اللحظة الحرجة
حسب معطيات Bloomberg أضحت لي في العام الماضي إحدى أفضل المحللين في مجال عشر شركات على الأقل بما في ذلك منتج النقل بالسكك الحديدية CSR Corp (OTCMKTS: CSRGF).
في شهر أغسطس كانت أسهم هذه الشركة الواقعة في بكين تباع بـ5.13 يوانات أو 0.83 دولار، خلال السنة القادمة نبأت لي على زيادتها بنسبة 21% أي حتى 6.2 يوانات. في شهر أكتوبر رفعت هذا المستوى إلى 7 يوانات، وفي ديسمبر إلى 11 وفي مارس إلى 18. بلغت قيمة الأسهم ذروتها حين وصلت إلى 35.88 يوان بشهر قبل وقف المبيعات لأن الشركة الآن على وشك الانتهاء من عملية الاندماج مع شركة من بكين China CNR Corp.
إن الإيداع المتنامي بسرعة من قبل المستثمرين الصينيين المستقلين يساهم على النمو الخطير للسوق. تبلغ نسبة الأشخاص حوالي 80% من بين المشاركين في سوق الأوراق المالية وحساب الرأسمال برصيد يبلغ الصفر، وحسب إخبارات مؤسسة الإيداع المقاصة للصين (CSDC) إنها تنمو بسرعة قصوى منذ عام 2008. تقول لي:
"السوق مغمورة بالأموال، وإن إجراء التنبؤ من جديد في هذه اللحظة شيء غير مريح أبداً".
السكك الحديدية الصينية
ليس ثمة شركة مناسبة لتوضيح صعوبة التنبؤ على حالة السوق كشركة China Railway Group (HKG: 390). فمنذ سنة نبأ المحللون لها النمو بنسبة 19% خلال 12 شهرا. نمت الأسهم بنسبة 707% فرفعت بذلك رأسملة السوق إلى 377 مليار يوان (61 مليار دولار) ووضعتها على مستوى واحد مع المؤسسات الأمريكية كمثل Hewlett-Packard (NYSE: HPQ) و MetLife (NYSE: MET).
لقد نبأ المحللون النمو العام لمؤشر FTSE China A50 بنسبة 28% وكان هذا أعلى نمو متوقع بين 45 من المؤشرات العالمية الرئيسية.
في حين أن السلطات التنظيمية تتخد التدابير لمنع المضاربات تسعى كذلك نحو توسيع دور أسواق الأوراق المالية في مساعدة الشركات على جلب الموارد عند انخفاض توسع الائتمان من قبل الحكومة. منذ شهر أبريل أسرعت بكين عملية مراجعة طلبات الشركات على التوزيع التمهيدي العام للأسهم. في هذا العام خرجت إلى المبيعات أكثر من 120 شركة جديدة وهذا يكاد يساوي عدد الشركات المسجلة حديثاً خلال عام 2014 بأسره.
هذا وقد ضبطت السلطات الصينية العلاقات بين بورصة شنغهاي وهونغ كونغ في شهر نوفمبر ما جعل السوق الداخلية أكثر انفتاحاً للاستثمارات الدولية.
طلب جديد
قال ديفيد ريدل رئيس مركز التحليل بنيويورك Riedel Research Group:
"وجود المبالغ الأكبر للرأسمال وكذلك الشركات الصينية والدولية المستعدة للاستثمار في السوق تسبب طلبا على الأسهم لم يسبق له مثيل".
في 11 مايو خفض المصرف الصيني الشعبي سعر الفائدة الرئيسية لثالث مرة خلال نصف سنة كما وقلص بمرتين معيار الاحتياطات لمؤسسات الإقراض في هذا العام ما أدى إلى عودة ثاني اقتصاد في العالم إلى النمو. إن احتمالات التحفيز المقبل من قبل الحكومة تستمر في جذب المشترين وبفضل هذا زاد مؤشر بورصة الأسهم بشنغهاي بنسبة 8.1%.
حتى في مثل هذا الوضع يبدأ المحللون بتقديم تنبؤات معتدلة بخصوص النمو المقبل. حسب تنبؤ Bloomberg إن 50 أكبر شركة صينية ستنمو خلال الأشهر الإثني عشر المقبلة فقط بنسبة 2.7% انطلاقاً من حالتها الواقعة في 22 مايو.
ولو أن توصيات المحللين يجب أن تعتمد بالدرجة الأولى على العناصر مثل الإيراد المحتمل وكفاءة الرئاسة لا بد من الأخذ بالحسبان الظروف الخارجية، وهذا برأي ريدل الذي يعمل له في الصين أربعة محللين قائمين بالأبحاث للسوق الداخلية للأوراق المالية.
حسبما قال: "كل تحليل يجب أن يرتكز على الدلائل الأساسية للشركات، ولكن ينبغي على المحللين كذلك الأخذ بالحسبان تقدير شركات شبيهة واستعداد المستثمرين على استثمار مواردهم في نوع معين من المؤسسات".