Société Générale ينبه: فقدان المال في هذا العام "لا مفر منه" لأننا لم ننتبه إلى "الفيل الاقتصادي".
منذ يوم الجمعة الماضي ينظر العالم المالي كله إلى اليونان كاتماً أنفاسه، وينظر بانتباه أقل بكثير إلى كيف تفرغ من الهواء الفقاعة في سوق الأوراق المالية الصينية.
وفعلاً التلهية عن الدراما التراجيدية الكوميدية اليونانية تكاد تكون مستحيلة، فهذا كأن تراقب التصادم وجهاً لوجه بين قطارين سريعين في حركة بطيئة.
يوم الأحد الماضي أدرك العالم فجأة بأن عجز اليونان عن دفع الديون له عواقب واقعية تماماً. امتلأت الشبكات الاجتماعية باللوحات السريالية كالطوابير أمام ماكينات الصراف الآلي والرفوف الفارغة في متاجرالتغذية والطوابير الطويلة في محطات البنزين. توضح أن اليونان لها أهمية كبيرة وحين تم الإعلان عن مراقبة حركة الرأسمال ذعر المستثمرون وانتقلت سوق الأسهم في كل العالم إلى الانخفاض.
أما المصرف الصيني الشعبي فكأنه تعمد أن يقوم في هذا الوقت بالذات بمحاولة يائسة للحفاظ على سوق الأسهم الراهنة في البلاد بتخفيض غداة ذلك سعر فائدة الإقراض وسعر RRR (لأول مرة منذ عام 2008 كان السعران منخفضين في يوم واحد).
لنعد إلى يوم الأربعاء. الأسواق ما زالت مركزة على اليونان والصين، ولو أننا دوماً مستعدون أن نصرح من جديد بأن خروج اليونان المحتمل من منطقة اليورو وانهيار الفقاعة في سوق الأسهم الصينية يمثلان خطراً واقعياً للأسواق المالية العالمية، تنبه Société Générale المستثمرين بألا يغفلوا عن المشكلات "الواقعية" التي تهدد قطع النمو الاقتصادي وإيقاف نمو الأرباح.
"ما زال الوضع في اليونان جدياً وجديراً بالانتباه، ولكنه يصدنا عن مشكلات أخطر من ذلك في أماكن أخرى. فمثلاً سوق الأسهم الصينية من الدرجة أ فقدت حوالي ترليونين دولار من رأسملة السوق خلال عدة أسابيع، ولو أن الارتفاع الذي حل عقب ذلك بالتساوي كان عجيباً، الإفراط في استخدام كتف الإقراض يعني أن الانهيار الجديد سيكون مؤلماً أكثر.
كما أن ربحية مؤشر MSCI World أيضاً انخفضت بنسبة 5% تقريباً بالحساب السنوي، أما التنبؤ المتفق عليه على الربح من السهم في عام 2015 فلا يفترض أي نمو، وفي الوقت حين انخفض ربح الشركات الأمريكية حسب معطيات الإبلاغات الداخلية انخفضت بالنسبة للذروة بـ5%، انخفض الربح المحسوب بمعايير التقارير الحسابية بنسبة 20%! وها لم نلحظ الفيل (على شكل تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي).
وثمة كذلك براهين كثيرة على أن المطلعين يسعون نحو إغلاق مواقفهم. حسب معطيات Bloomberg قامت شركات الاستثمارات المباشرة في الربع الثاني من العام بتوزيع أكثر مما كان في أي وقت، أما الحجم العام لـ IPO فبلغ 220 مليار دولار وهذا أكثر مما هو في أية مرحلة مماثلة خلال السنوات العشر الأخيرة. ولو أنه في الولايات المتحدة تعلن باستمرار البرامج الجديدة لإصدار الأسهم العكسي التي تبقى ميزانياتها تضرب أرقاماً قياسية، فإن شراء الأسهم الذي تم واقعياً، كما هو بائن من التقارير الرسمية لدى الشركة، في اتجاه هبوطي".
قيل في مقال Bloomberg أنه بعد مضي سنتين بعد أن قرر رجل الأعمال ليون بلاك "أن يبيع كل شيء" جرى مجراه زملاؤه "البصيرين" دوماً حين يصل الأمر إلى "اختيار الوقت المناسب لاستخراج الربح".
"كانت الشركتان مثل Blackstone Group LP و TPG Capital Managementتتضاربان على أسواق الأسهم العالية قياسياً في كل العالم، غالباً على شكل بيع أسهم مؤسساتها التي مرت بـ IPO. وقامت شركات الاستثمارات المباشرة في كل العالم في الربع الثاني من العام بـ97 توزيع للأسهم وهذا أكثر من أية فترة أخرى ممتدة لثلاثة أشهر.
منذ أن أعطى بلاك تعليقاً في شهر أبريل عام 2013 نما مؤشر MSCI World بنسبة 18% نافخا فقاعة التقديرات أكثر من ذلك. والآن تلحظ الأخطار من كل مكان وهي قادرة على إسقاط السوق في كل العالم ابتداء من أزمة الديون لدى اليونان وبورتوريكو وانتهاء بالرفع المحتمل من أسعار الفوائد في الولايات المتحدة.
يقول ليز بايير مؤسس الشركة الاستشارية Class V Group والمختص في IPO: "من الواضح أننا نقع في محيط التقديرات المبالغة. يعتبر المطلعون وهم الذين يرون الوضع كاملاً أكثر من غيرهم بأن الآن جاءت اللحظة المناسبة لاستخراج ولو أي ربح".
خلال عام 2015 باعت شركات الاستثمارات المباشرة أسهم مؤسساتها بمبلغ 73 مليار دولار وهي كمية قياسية للفترة كهذه.
قال كالي دافيس أحد رؤساء إدارة أسواق رأسمال الشركة لأمريكا الشمالية والجنوبية Credit Suisse Group AG: "تهتم الشركات الاستثمارية اليوم بالتحويل أسهم الشركات التي مرت بالتوزيع المعتاد إلى النقد أكثر من إصدار الأسهم الجديدة بواسطة IPO. الأسواثق مفتوحة، أما الممولون الماليون فبصيرون إلى حد الكفاية حين يأتي الأمر إلى اختيار اللحظة المناسبة لاستخراج ربح".
ومن ثم تشيد Société Générale أنه "لقد كانت هذه الأشهر الثلاثة هي الأسوأ بالنسبة للسندات السيادية في كل العالم منذ فترة الصدمة التي أحدثتها سياسة النظام الاحتياطي الفدرالي في الربع الثاني من عام 2013، مثل الفشل الذي وقع أثناء موجة بيع السندات في الربع الأول من عام 1994!".
لماذا؟ ليس لأن المستثمرين قد غيروا علاقتهم تجاه المخاطر لاحساسهم بالارتفاع الأساسي في الاقتصاد العالمي، وإنما مجرد لأن قيمة الأصول كانت مبالغة:
"ولو أنه في الأسابيع الأخيرة كانت المؤشرات الاقتصادية أكثر تفاؤلاً، نشك من أن الامتناع عن السندات السيادية والأسهم البديلة كان من جراء الموجة الجديدة من التحمس بصدد النمو الاقتصادي. الأرجح أن هذه الأسواق ارتفعت عالياً جداً وبسرعة كبيرة جداً فقط ".
إذاً ما الذي تنصحه Société Générale والتداول العالمي "في حالة اكتئاب" (مقتبس من Bank Of America Merrill Lynch) والمصارف المركزية نفذت أفكارها (وأصولها) مع ارتفاع الطلب الإجمالي بمساعدة النقود الورقية المطبوعة حديثاً؟ الجواب بسيط: حاولوا ألا تفقدوا كثيراً.
"وبالإيجاز المستثمرون يفقدون أموالهم، وهذا ما يذهلنا نحن كذلك في ظروف السعر الحالي للأصول وسرعة نمو الاقتصاد والانهيار العام للأرباح. في عام 2015 "تحقيق النجاح" يعني "فقدان أقل قدر ممكن من المال".