كيف يستفيد المتداولون الناجحون من اليوميات؟
الصفحة الرئيسية مال, النمو_الشخصي

استفاد الكثيرون من الخبراء الماليين من اليوميات في نجاحهم. وشرح العلماء كيف يعمل ذلك.

اليوميات قد تكون أشيع أداة دعم نفسي بين المتاجرين ومديري الحافظات، فهي ليست فقط طريقة ممتازة لمتابعة ما نفعله ولماذا نفعل ذلك، إنما أيضاً أداة قديرة للتعلم.

ولكن بعد انتهاء فترة التعلم قلة هم من يستمرون في تدوين أفعالهم اليومية، ففي ظروف السوق الديناميكية وعالية المتطلبات لا يبقى عند الناس الوقت المطلوب. وخارج المجال المالي تظهر هذه النزعة بجلاء أكثر، واليوم يصعب أن تجد شخصاً يدون يومياته باستمرار ويستخدمها للنمو العقلي والمهني.

إلا أن اليوميات مفيدة بفعل عدد من الأسباب التي لها أساس علمي، سواء كان التدوين بالقلم على الورق أم باستعمال وسائل تكنولوجية أكثر تعقيداً، وإليكم أهمها:

السبب الأول: اليوميات تعكس واقعنا وتشكِّله

يمكن أن تحكي التدوينات الكثير عنا وعن حالتنا العقلية، كما تؤثر على الانفعالات وكيفية إدراكنا للعالم.

وجد جيمس بينبيكر أن الإنسان يعبِّر عن شخصيته بواسطة اللغة. وبيَّن باحثون آخرون أن مقاومة التوتر والإخفاق تنعكس في الكلمات التي نميل إلى استخدامها أكثر.

يفضل الناس المستقرون نفسياً استخدام الأفعال مثل «أفعلُ» أو «أعملُ» أو «أنشئُ»، وكثيراً ما تستخدَم هذه الكلمات لوصف الأهداف والنوايا. أما الناس الأقل استقراراً فيميلون إلى ملء يومياتهم بتعابير انفعالية؛ فمثلاً، أكثر ما يكتب المتاجرون المبتدئون في يومياتهم عن الفرح بعد صفقات مربحة والحزن من الخسائر.

كشفت البحوث التالية التي أجراها بينبيكر أن التعبير الكتابي عن الانفعالات له تأثير علاجي، حيث أدى إلى تحسن الصحة عند الناس الذين يعانون من توتر نفسي، ولا سيما عندما تسمح الممارسات الكتابية برؤية المشاكل من منظور جديد. إن اللغة لا تعكس الواقع فحسب إنما تساهم أيضاً في تشكيله.

وفي دراسة أخرى طُلِب إلى المشاركين أن يكتبوا يوميات «الامتنان»، أي يسجلوا كل ما يمكن أن يكونوا شاكرين عليه. أدت هذه الممارسة البسيطة إلى ثمار جيدة، حيث لاحظ المشاركون تحسن الصحة والنوم والمزاج. اكتشف روبرت إيمونس في دراسته أن الممارسات الكتابية التي تركز على الانفعالات العميقة تعطي نتائج إيجابية ملموسة.

إن تلك التدوينات التي يلجأ إليها الناس بعد سلسلة من الإخفاقات والتي يسجلون فيها ما سار على غير ما يرام فقط لا تفيد كثيراً؛ فالأفكار التي يعبَّر عنها كتابياً لا تعكس الواقع فحسب، إنما تساهم كذلك في تشكيله، والتركيز المستمر على المشاكل تؤدي إلى تكريس القلق.

إن المحادثة الباطنة تصبح ملموسة متى تم تسجيلها، ويمكن أن تتحول اليوميات، إذا ما استعملت بالطريقة الصحيحة، إلى مرآة سيكولوجية تبين لنا من نحن ومن نستطيع أن نصبح.

السبب الثاني: اليوميات تحسن جودة التعلم

لوحظ منذ بضع سنوات من خلال استطلاع غير رسمي للمتاجرين أن أقلهم نجاحاً يستخدمون التدوين للتفريج عن النفس، فيسجلون حوادث النهار ويكتبون أفكارهم وعواطفهم.

أما المتاجرون الناجحون فكانوا يكتبون بالدرجة الأولى عن أهدافهم المستقبلية، وصارت مثل هذه اليوميات أساساً للممارسة الواعية: تقييم الخبرة وجهود التصويب وتحليل نتائجها.

وبفضل هذه الملاحظات تم تطوير شاكلة يمكن أن تفيد في ظروف كثيرة. يجب على الكاتب أن يجيب عن ستة أسئلة في كل تدوينة:

  • ما الذي كان أكبر نجاح لي اليوم وكيف حققته؟
  • ما الذي كان أكبر إخفاق لي اليوم ولماذا؟
  • ماذا سأفعل غداً لتثبيت نجاحي؟
  • ما هي الخطوات التي سأقوم بها غداً لتجنب الإخفاق؟
  • ما مدى تحقيقي لأهداف النماء الذاتي التي حددتها لنفسي البارحة؟
  • ما مدى نجاح الخطوات المتخذة لتجنب الإخفاق التي حددتها لنفسي البارحة؟

يتحول تقييم الذات في هذه الحالة إلى أهداف قابلة للتحقيق. اليوميات الفعالة لا تقتصر على تدوين ما حدث، بل يربط ذلك بالحاضر والمستقبل.

وصف سيف فونتين بينوك في مقالته عن علم النفس الإيجابي تدريباً من أجل «البحث عن الذات المثلى». إذا تجاوزنا ذلك وحوّلنا التدريب إلى عملية مستمرة نحصل على «يوميات فعالة». ومع الزمن يعتاد الكاتب على التوجه نحو المثل الأعلى، وعلاوة على ذلك يطور عند نفسه مهارات تطوير هذا المثل الأعلى.

أداة لمعرفة الذات

كثيراً ما نترك التدوين لأن الكتابات تطول وتأخذ وقتاً طويلاً. يمكن حل هذه المشكلة بعدة طرائق، مثلاً، بتحويل التدوين إلى عادة: القيام بالتدوين كل يوم في نفس الوقت ونفس المكان طوال شهر.

ولكن لا تنس أن اليوميات تسمح بإدراك وتبنيد المحادثة الباطنة، وهي من أهم أدوات معرفة الذات، ويمكن أن تتجسد فيها أفكارنا الخفية. وقد يكون هذا السبب الأخير هو الأهم بين الأسباب العديدة التي تدعو إلى التدوين.

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق