أسعار النفط ترتفع، المؤشرات تبلغ أرقاما قياسيا، المحللون سعداء من نتائج اجتماع أوبك. لكن الرابح يمكن أن يكون مختلفا تماما.
تحتفل أوبك بنتائج اجتماعاتها في فيينا، إذ أنها أبهرت العالم بأول اتفاق لتجميد إنتاج النفط خلال آخر سنوات. ربع الأسعار بـ10%؟ تم. الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران؟ تم. التعاون بين أوبك وروسيا؟ تم. استطاعت أوبك أن تعود للحياة مرة أخرى وهذا يستحق الاحتفال.
لتحتفل أوبك الآن طالما تستطيع أن تفعل هذا.
بعد عدة ساعات من اللقاء انضم المحللون إلى الفرحة العارمة. كتب نيل بيفيريدج من .Sanford C. Bernstein & Co: "هذه هي عودة أوبك"، يضيف مارتين ريتس من Morgan Stanley: "إنهم عادوا"، ويعلق .Tudor, Pickering, Holt & Co: "أوبك تقود".
لكن أبيشيك ديشباندة من الشركة اللندنية Natixis لا يتقاسم الفرحة الكلية:
"أوبك عادت"، لكنه يحذر: "كونوا على حذر".
لا أحد يحب المتشائمين لكن ديشباندة على حق، لا يجب انتظار الكثير من الاتفاق حول تقليص الإنتاج بـ1.2 مليون برميل يوميا. وهناك العديد من الأسباب لهذا وأوضحها هو ميل أعضاء أوبك ذاتهم للكذب.
في الوقت الحالي يقوم القطاع الذي شهدت هبوطا حادا بدعم قطاع الطاقة في S&P 500 (INDEX:US500). نمت مؤشرات هذا القطاع يوم الأربعاء لأكثر من 5% إلى أعلى مستوى لها خلال سنة ونصف. ويستمر الاحتفال لأن عمالقة السوق كـ Exxon MobiExxon Mobil Corp. (NYSE: XOM) و Total SA (EPA: FP) لن تضطر للتوفير منذ الآن. في حال استمر الوضع على ما هو عليه سيتم قبول المشاريع التي تم تأجيلها منذ عدة أشهر.
التوصل إلى اتفاق
ستربح منظمة الدول المصدرة للنفط نفسها وبالقدر الأكبر من الاتفاق الذي تم التوصل إليه. يؤكد أمريتا سين، المحلل الأول في Energy Aspects Ltd أنه حتى "بنسبة كذب صغيرة" سيؤدي الاتفاق إلى تقليل المخزون النفطي بدلا من النمو المتوقع له في النصف الأول من عام 2017. سيدفع هذا أسعار النفط للنمو. أعرب ممثلو أوبك عن أملهم بأن سعر النفط سيقترب من 60 دولارا للبرميل في ليلة رأس السنة. سيكون هذا سببا آخر للاحتفال باعتبار أن الأسعار في شهر يناير الماضي كانت أقل من 30 دولارا للبرميل.
لنعد إلى التحذيرات. على الرغم من النجاح في فيينا لا يزال الطريق أمام أوبك طويلا لحل المشاكل القديمة. تعتمد الاتفاقيات على النوايا الجادة لجميع المشاركين، بينما جاهزية الدول الأهم، على سبيل المثال العراق، لتخفيض الإنتاج تثير الشكوك. إيران التي حصلت على سماح لزيادة حجم الإنتاج بشرط توقفها عند 90 ألف برميل في اليوم، قادرة أيضا على أن تتخذ خطوات غير متوقعة.
يقول سبينسر ويلتش، مدير شركة الدراسات IHS Energy:
"لا يزال أعضاء أوبك يتناقشون حول حجم الإنتاج لذلك سيكون من الصعب مراقبة تنفيذ الاتفاقية".
تنفيذ الوعود
عادة ما تنفذ المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الخليج العربي، الإمارات العربية المتحدة والكويت، وعودها. لكن هذا لا يصح بالنسبة للدول الأخرى، خاصة في فترة الأسعار المنخفضة. يتوقع المحللون الذين ينظرون إلى الوضع بتشاؤم أنه بعد شهرين من تخفيض الإنتاج ستعود فنزويلا وأنغولا للاستفادة من نمو الأسعار وستزيدان من توريداتها لكي تحسنان وضعهما الاقتصادي.
لا يضم الاتفاق ليبيا ونيجيريا لأنهما لا تزالان تحاولان أن تتواصلا إلى نظام إنتاج غير متقطع. بزيادة حجم إنتاجهما سيستطيع المشاركون الآخرون أن يعيدوا النظر في مشاركتهم في الاتفاق. ستعود أوبك لمناقشة هذه المسألة في نهاية مايو.
روسيا والمكسيك لا تدخلان في أوبك، لكنهما وافقتا على تخفيض الإنتاج بـ500 ألف برميل يوميا. قد يبدو هذا كتجميد للإنتاج أو تقليله بسبب مشاكل تقنية أكثر من مشاركة طوعية.
ارتفاع أسعار النفط يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الطلب عام 2017 وهذا سيلغي الفائدة من خفض الإنتاج. المخزون العالمي يبلغ مستوى قياسيا. بزيادة الأسعار سيبدأ التجار بالتخلص من المخزون شيئا فشيئا ما سيقلل من تأثير الاتفاق.
الفائز: النفط الصخري
كما يحدث عادة مع النتائج الغير متوقعة قد يكون المنتصر المفاجئ هو منافس أوبك القديم: النفط الصخري للولايات المتحدة الأمريكية.
حاولت أوبك في نهاية عام 2014 أن تنهي المنافسة عندما رفعت القيود عن إنتاجها. الشركات الأمريكية الآن مستعدة أن تأخذ بثأرها من جهتها. نمت أسهم شركة Continental Resources (NYSE: CLR)، التي أسسها مستشار دونالد ترامب هارولد هام، يوم الأربعاء بـ25%، وهذا هو رقم قياسي منذ عام 2008 عندما كان سعر برميل النفط يبلغ 150 دولارا وهذا أكثر بثلاث مرات من الآن.
عندما أعلنت أوبك لأول مرة في سبتمبر عن نواياها لتجميد الإنتاج استفادت الشركات الأمريكية من سباق الأسعار وقامت بتحويط الأسعار للعامين القادمين. تتوقع البنوك وتجار النفط ذات التحوط لهذه المرة أيضا. هذا يعني أن اتفاق أوبك سينقذ من حاولت أوبك قتله منذ عامين.
يقول جوزيف تريبكه، مؤسس Infill Thinking وهي شركة دراسات في دالاس:
"لنفترض أن أوبك ستنجح في الوصول إلى اتفاق حول التجميد. هذا يعني أن زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة عام 2017 ستكون مؤكدة".
يقلق بعض ممثلو أوبك من أن اتفاق هذا الإسبوع لن يكون إلا انتصارا على ورق، بينما ستحتل الشركات الأمريكية المنتجة للنفط حصة المملكة العربية السعودية والجزائر والدول الأخرى.
لكن الوقت لم يحل بعد. أغلب العاملين في القطاع يتفقون على أن عودة أوبك تستحق الاحتفال. حتى لو أهم المحتفلين هم منتجو النفط الصخري الأمريكيون.