متى سيأتي الوقت المناسب للاستثمار في البيتكوين
Rachael Crowe/Unsplash
الصفحة الرئيسية مال, بيتكوين

يبحث كاتب العمود ديفيد فيكلينغ في الأدلة السلبية والإيجابية على الاستثمار في البيتكوين ويحاول الفهم هل ستصبح العملات المشفرة أصولاً واقية أم لا في يوم من الأيام.

لنفرض أن الفقاعة في سوق البيتكوين طقت لتوها.

في بداية الشهر بلغ مؤشر البيتكوين 5000 دولار، ومن ذلك الوقت انخفض سعره بنسبة 16%. تصور لو أنه خلال الشهرين المقبلين سيستمر السعر في الانخفاض فيهبط إلى نصف سعره الأقصى. وبعد ارتفاع صغير يعود إلى الانخفاض من جديد وقبيل حلول عام 2020 ينخفض كذلك بقدر الثلث، فيصبح سعر البيتكوين أقل من 2000 دولار. خلال عشرين سنة سيحتفظ على نفس السعر ولن يعود أبداً إلى مستوى سبتمبر عام 2017 (مع بعض التعديلات إذا حسبنا التضخم).

هل يدل هذا التنبؤ على أن العملات الرقمية ليس لها مكان في حقيبة الاستثمار أم لا بد من منحها فرصة؟ الجواب يحتاج إلى تفكير وذلك لاحتواء الرسم البياني على مسار مماثل لمسار أسعار الذهب بعد أن مرت بذروتها في شهر يناير من عام 1980.

حسبما قال جون ماينارد كاينس: من الجائز أن تبقى الأسواق غير منطقية لفترة أطول مما التي تستطيع أنت خلالها الحفاظ على قدرتك المالية وذلك لأن محاولة إزاحة سائر المستثمرين من السوق عديمة الفائدة مثلها مثل مقاومة سير السوق. فبدلاً من التساؤل ما إذا كان لدى العملات الرقمية أي معنى من وجهة النظر الفلسفية لا بد من الاهتمام ما إذا كان هناك فحوى في الاستثمار فيها أم لا.

كما أشير سابقاً أفضل دليل لصالح الإيداع في العملات الرقمية هو الدليل نفسه الذي يشجع على شراء الذهب، ألا وهو الارتباط السلبي بين البيتكوين وسائر الأصول، وقدرته على النمو أثناء تدهور الأسهم وبالعكس. إذا كان ارتباطه السلبي مع الأسهم قادراً على التعويض في فترات تدهورها فهذا يعني أن هذا الأصل بمكان كبير من الأهمية لنمو الأرباح.

لنفرض أنك استثمرت في سلة عملات مع الذهب الذي هو بمثابة ما يسمى بالبيتا السلبية بالنسبة لحقيبتك الاستثمارية، زد إلى ذلك أن سعر هذه الأصول لا تزيد عن 3% من السعر الإجمالي للحقيبة. هل هذا شيء منطقي؟

يلجأ إلى هذه الحجة أولئك الذين يقولون بأن العملات المشفرة ليست لديها "قيمة أساسية". فالذهب فعلاً يستخدم في صناعة أدوات طبية وكهربائية وبالطبع لاصطناع الحلي المتنوعة منذ مهد الحضارة. وكذلك تمثل احتياطات الذهب في مصرف مركزي ما عشرات أطنان من البراهين على أن المعدن الأصفر أكثر قيمة بكثير من مجرد وهم.

ولكن ماا الذي يدعم السعر الأدنى للعملات الرقمية؟

قدم المدير العام لـ JPMorgan Chase & Co .جيمي دايمون في الأسبوع الماضي إحدى الأجوبة المحتملة على هذا السؤال في خطابه الحماسي حول البيتكوين:

"لو كنت في فنزويلا أو إكوادور أو كوريا الشمالية أو لو كنت تاجر مخدرات أو مغتالاً لكان من الأفضل لك استخدام البيتكوين بدلاً من الدولارات الأمريكية. عندئذ ستكون لدى العملات المشفرة فرصة ولكن محدودة إلى حد ما".

إلا أن الأمر ليس كذلك. إذ تدل شعبية البيتكوين في الصين على أن الناس الذين يعيشون في البلدان حيث لا توجد حرية حركة الرأسمال يعيرون اهتماماً كبيراً لحركة الموارد بعيداً عن أعين المراقبة الرسمية للعملة. يعيش في ظروف التشريع كهذا 40% من سكان العالم كما وتنتج في الظروف نفسها 20% من الناتج الإجمالي للعالم.

كما وتمثل هذه القطع الرمادية من الاقتصاد العالمي مصادر الطلب على الصفقات المجهولة.

حسب معطيات مجموعة المبادرة Tax Justice Network تخفي الملاذات الضريبية في كل العالم أكثر من 12 ترليون دولار. كما أن التداول العالمي لتجارة المخدرات قد يصل إلى 320 مليار دولار أو حوالي 1% من الناتج الإجمالي العالمي.

معظم الأوروبيين لم يروا في حياتهم عملة ورقية بقدر 500 يورو ومع ذلك فهي تتمتع بشعبية واسعة عند المجرمين. فهذه الأوراق النقدية بالذات تمثل 20% من نقد اليورو المتداول حتى في هذا اليوم، أي بعد مضي أكثر من عام منذ أن توقف المصرف المركزي الأوروبي من طباعتها. نعم يجوز أن تستخدم العملات الرقمية لغسل العائدات الإجرامية ولكن هذا يحدث حتى مع JPMorgan.

وإن وجود الطلب كهذا يدحض المخاوف بأن الطلب على العملات الرقمية سيعود إلى مستوى عام 2007 وهذا فقط إذا لم تتفق السلطات في العالم أجمعه على ملاحقة المشاركين في هذه السوق، زد إلى ذلك إذا كان هذا التوافق بين السلطات لم يسبق له مثيل.

تنحصر الحجة الأكثر جدية ضد العملات الرقمية ليس في أنها قد تفقد قيمتها وإنما أنها تحول دون تحوط المخاطر. منذ عام 2010 ظهر لدى الذهب وسندات الخزينة ترابط سلبي بينها وبين S&P 500 (INDEX: SPX). كما وقد أظهر التحليل التراجعي المتعدد الذي أجرته Bloomberg Gadfly أن البيتكوين بالعكس له ارتباط إيجابي. عدا ذلك إن سعر البيتكوين يتغير بصورة جذرية لدرجة أنه من المستبعد أن تنجح في وضع استراتيجية معقولة وطويلة الأمد بخصوص حقيبة أسهمك.

إذا صدقنا تفاخر المعجبين بالبيتكوين فإنهم يستثمرون في مؤشر وذلك لاعتبارهم بأن الاقتصاد المعتمد على أموال عادية قد أوشك على الانهيار. بيد أنهم يتمسكون بالبيتكوين كلما أثارت سوق الأسهم المتنامي شهوتهم على المخاطرة وبالعكس.

من حيث المبدأ كانت الأفضلية الأكثر للعملات الرقمية هي أنه ليست لها أية علاقة بكل ما يحدث في الاقتصاد الواقعي. وفي حقيقة الأمر توجد بين العالم الواقعي والرقمي علاقة وثيقة بفضل أكبر مرشد ألا وهو مزاج المستثمرين. وفقط تغير هذا المزاج يسمح للأموال الافتراضية سلب جزء من السوق من الذهب.

المصدر: Bloomberg

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق