نسرد لماذا مستقبل البيتكوين يختلف تماماً عما هو لدى أسهم شركات الإنترنت.
منذ مطلع العام ارتفع سعر البيتكوين (Bitcoin) بست مرات، ومنذ فترة تجاوز 6000 دولار. ليس من باب الدهش أن الكثير من الخبراء يعتبرون سباق الرالي العنيف هذا دليلاً على وجود فقاعة في سوق العملات المشفرة.
ينبغي الإشارة إلى أن السرعة التي ترتفع بها أسعار العملات المشفرة لوحظت في المرة الأخيرة أثناء فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينات. بيد أن القاعدة الأساسية عند البيتكوين تختلف تماماً عن التي لدى أسهم شركات الإنترنت، ومستقبله واعد.
1. وسيلة شرعية للتبادل
من بين أكبر مشكلات البيتكوين للوقت الأخير كان موقف الحذر الذي اتخذه تجاهه المشرعون والمنظمون الماليون، إذ أنهم يرتبكون من طبيعته اللامركزية وعلاقته مع العناصر الإجرامية في الشبكة المظلمة (داركنيت) في فجر وجوده.
على أي حال يتغير موقف السلطات بالتدريج، ففي شهر أبريل أباحت اليابان البيتكوين رسمياً بمثابة وسيلة دفع وهذا سرعان ما رفع من سعره وسرعة انتشاره في البلاد.
وفي الفلبين يستخدم السكان البيتكوين أكثر وأكثر في التحويلات المالية غير الغالية، وهذا لم يفلت من يقظة المصرف المركزي، ففي شهر فبراير صرح المصرف أنه سيتحكم بالبيتكوين، فمنح بذلك العملة المشفرة الوضع القانوني مستحسناً استخدامها للتحويلات المالية.
قد يصبح البيتكوين في المستقبل القريب وسيلة الدفع الكاملة في تلك البلدان. ويحتمل أن الأمور ستستمر في السير بهذا الاتجاه إذا أخذنا بالحسبان الطلب المتزايد على البيتكوينات من لدن المستثمرين ومستخدمي أنظمة الدفع عبر الإنترنت في كل العالم.
2. الطلب من لدن المؤسسات التجارية
في المراحل المبكرة من ظهور البيتكوين كانوا يقبلونه في حفنة صغيرة من المتاجر فقط (وغالباً ما كان أصحاب تلك المتاجر متحمسون للعملات المشفرة). في الوقت الراهن تغير الوضع جذرياً، فيجوز الآن إجراء مدفوعات بالبيتكوين مع شركات تكنولوجية رئيسية ومتاجر الإنترنيت.
أدى الارتفاع السريع لسعر البيتكوين والانتباه من لدن وسائل الإعلام والاعتراف به في بعض البلدان كاليابان إلى تزايد الاهتمام بالعملات المشفرة من لدن المؤسسات التجارية. الحجج لصالح البيتكوين في التجارة عبر الإنترنت قوية جداً وذلك لأن العمولة أخفض من تلك التي في بطاقات الائتمان، ومخاطر الاحتيال برد المدفوعات يقدر بالصفر. تسمح العملات المشفرة على تغطية المشترين القاطنين في مناطق حيث النظام المصرفي متخلف، وجذب عملاء جدد دهاة من الناحية الفنية.
كلما كان البيتكوين ينتشر أسرع كان الطلب على العملة الرقمية أعلى وأكثر استقراراً. وإذا حسبنا محدودية انتشارها في المجال التجاري فإن إمكانيات نموها فعلاً عظيمة.
3. الحفاظ على الثروة في البلدان التي تعاني من مشكلات اقتصادية
ثمة سبب آخر دال على أن البيتكوين ليس فقاعة، وهو أن الطلب على العملات المشفرة كبير في البلدان حيث المشكلات الاقتصادية.
مثلاً في فنزويلا وبوليفيا وزمبابوي يتم استخدام البيتكوين بغرض الحفاظ على المدخرات، كما أنه يستخدم بمثابة وسيلة الدفع البديلة في ظروف انخفاض قيمة العملة الوطنية. ويشهد على ذلك زيادة حجم التداول بالتناسب العكسي مع قيمة العملات المحلية والنمو الاقتصادي في الأقاليم المؤزمة.
يسمح البيتكوين للشركات والناس في البلدان حيث المراقبة لحركة الرأسمال صارمة استلام تحويلات نقدية من الخارج. بكلمة أخرى في كل مكان حيث تلحظ الأزمة الاقتصادية يزداد الطلب على البيتكوين وانتشاره.
4. أصبح البيتكوين معروفاً مؤخراً نسبياً
يجوز القول أن عام 2017 أصبح عاماً حين عرف الجمهور عن العملات المشفرة لأول مرة. لو أنك سألت أي عابر سبيل عن البيتكوين منذ خمس سنوات مثلاً لنظر إليك بارتباك. اليوم معظم الناس سمعوا عن البيتكوين، والبعض الآخر يعرفون حتى أن قيمته أغلى من الذهب.
والآن حين حاز البيتكوين على الشعبية أصبح الطلب المتوقع عليه من لدن المستثمرين الجدد ضخماً. كما أن المؤسسات الاستثمارية أيضاً أخذت تفكر عن استثمار المال في البيتكوين وغيره من العملات الرقمية.
5. كمية البيتكوينات محدودة
وأخيراً ينحصر السبب الرئيسي لهذا الغلاء الكبير للبيتكوين في أن الطلب المتزايد يصطدم بالعرض المحدود.
تم إعداد العملة المشفرة بالطريقة بحيث أن تبلغ الكمية القصوى للبيتكوينات 21 مليون. عدا ذلك إن سرعة إنشاء العملات جديدة تتناقص مع الزمن.
وهكذا فإن الطلب المتزايد على العملات المشفرة يواجه ليس فقط الكمية المحدودة بل والعرض المتناقص باستمرار.
تشير كل الدلائل على أن النقاش ما إذا كان البيتكوين فقاعة أم لا سيستمر. ومع ذلك فلا داعي للمقارنة بين العملات المشفرة وأسهم شركات الانترنت بسبب الاختلافات الجوهرية بين هذين النوعين من الأصول.