قلما يخيف المستثمر أكثر من فكرة الاستثمار الذي يبدو آمناً ومبشراً وبعد ذلك يتركه خاسراً كل شيء. مع الأسف تحدث أحداث كهذه وبكثرة ولا سيما عندما يشغل إداريو الصناديق هذه الحيل الملتوية. يبدو لك أن أموالك بأمان حتى آخر لحظة... «aaaand it's gone». هذا الدليل سيساعدك على إدراك المصيدة لكي لا تصبح فريسة سهلة.
التلاعب مع الجاذبية الاستثمارية
ما هو الأرعب من أن تنال ضربة في ظهرك من الشخص الذي كنت تثق به؟ ولكن هذا ما يحدث بالذات في حال التلاعب مع الجاذبية الاستثمارية
تصور انك وثقت بشخص ما لأنه من ضمن نفس المجموعة التي تنتمي إليها أنت، مثلاً درس في نفس المكان وعمل في نفس المكان وجاء من البلد الذي جئت أنت منه. من الراجح أن هذا سيحد من يقظتك. وإذا نصح لك في يوم من الأيام استثماراً ما فسيكون لديك إغراء كبير بأن تتخذ القرار دون مراجعة دقيقة لكل العوامل المالية بل وحتى الناصح نفسه.
كان جيمس غونيديس يخدم في قوات المشاة البحرية في العراق. بالطبع ظهر عنده الكثير من الأصدقاء من بين الزملاء بمن فيهم شخص يدعى كلايتون كون. بعد عودة كون إلى الولايات المتحدة أخذ يعمل مستشاراً في مجال الاستثمارات بشيكاغو. بالطبع استثمر غونيديس في صندوق التحوط التابع له بكل سرور. و بالتدريج سحب كون منه 400 ألف دولار تقريباً: كل المبلغ الذي ورثه غونيديس من والده المتوفى.
كان كون يؤكد له باستمرار أن استثماراته في حالة جيدة تماماً. لكن هذا كان كذباً. لقد خسر غونيديس كل أمواله. حسبما استنتجت لجنة الولايات المتحدة للأوراق المالية والبورصات لم يستثمر كون حتى نصف الموارد التي سحبها من عائلته وأصدقائه وسائر المستثمرين. في نهاية المطاف اعترف كون بذنبه في ارتكاب جريمة جنائية، وفي شهر يناير حكم عليه بالحبس لمدة 52 شهراً.
الضخ والتفريغ/ "غرفة المرجل"
في مثل هذا الحال يغرق المستثمر في دوامة الوعود الكاذبة والكلمات المشجعة. يفرض عليك وسيط ما متجرد من المبادئ (أو فريق كامل وهو الذي يسمى "غرفة المرجل") أوراق عديمة الفائدة ويوعد الربح المضمون مستشهداً بمعلومات "من الداخل".
الأمر أن المستثمرين الساذجين فعلاً يبدؤون في شرائها، فيزداد الطلب وما يليه من ارتفاع الأسعار، وفي يوم ما يخفض النصابون من أسهمهم فيكسبون ربحاً سهلاً (ويسببون بذلك انهياراً فورياً للأسعار التي تنزل عملياً إلى الصفر).
في غالب الأحيان يستخدم النصابون المواضيع التي هي على مسمع الجميع. فاليوم يجوز أن شخصاً ما في وول ستريت يروي بشغف للضحية المحتملة عن الشركة التي تعمل في مجال الوقاية من حرائق الغابات والحماية من الأعاصير وتنقية المياه. وفي الأسبوع القادم سيكون هذا شيئاً آخر مثلا السجائر الإلكترونية أو القنب الهندي الطبي، حسبما جاء في عناوين المواضيع.
لكل هذه الحكايات نهاية تكاد أن تكون واحدة: الأسهم تنهار والنصابون يختفون في الضباب.
الخيارات الثنائية
هذه الخدعة مرعبة أكثر من غيرها لأنها لا تبدو خدعة أبداً. في بادئ الأمر يظهر لك النصابون (الذين يجرؤون على تسمية أنفسهم بالخبراء في التعاملات) سهولة كسب المال من المتاجرة بالخيارات الثنائية.
الخيار الثنائي هو نوع من عقد الخيار الثابت حيث يعود دفع المال إلى السؤال "نعم أو لا". مثلاً هل سيرتفع ثمن أصول معينة أعلى من المبلغ المحدد أو سينزل أخفض منه. عندما تنفذ فترة صلاحية خيار ما فهو إما يأتي للمالك بالمبلغ المحدد سلفاً من المال أو لا يأتي إليه بشيء، عندئذ يخسر المستثمر المبلغ المودع.
الأمر هذا محفوف بالمخاطر في الحياة. والحيلة هي أن الضحية لا تتعامل أبداً مع الخيارات الواقعية. ينشئ النصابون منصات التداول المزيفة (التي تبدو واقعية جداً) و يضبطونها بحيث أن يشعر المستثمر أنه فعلاً يتاجر في البورصه وبنجاح.
تسير الأمور على أفضل وجه ريثما يقرر العميل الحصول على أمواله المكتسبة. في الغالب ترفض الشركة الطلبات الأولى مبررة ذلك بأسس خرافية (والتي تطلب بالطبع بأن يضع المستثمر على الحساب المزيد من المال). ولكن إذا كان العميل مصراً على طلبه عندئذ يختفي النصاب والمال معه.
إذا أردت أن تدرك من منهم النصاب ومن ليس به ننصحك بدراسة أسس التجارة والاستثمار.