ها قد مضى أكثر من 15 سنة منذ أن بلغ الدوت كوم ذروته حين كان يبدو أن المستثمرين كانوا قادرين على اختيار أية شركة في الجريدة عشوائياً ومضاعفة ودائعهم خلال أسابيع. أما الربح الذي تأتي به العملات المشفرة في عام 2017 فيعيد هذا الشعور بل وربما يقويه.
زادت الرسملة الإجمالية لسوق العملات المشفرة من 17,65 مليار دولار في بداية العام إلى 202,66 مليار دولار في الوقت الحالي. إنه مستوى خيالي للربح خلال عشرة أشهر ونصف. لنقارن: من أجل زيادة بعشرة أضعاف الودائع في S&P 500 وهي (INDEX: SPX) سيحتاج المستثمرون إلى عشرات السنين.
تبلغ رسملة البيتكوين (Bitcoin) الآن 109 مليار دولار، وفي نهاية الأسبوع الماضي حين ارتفع البيتكوين على علامة 7700 دولار وصلت الرسملة إلى 128 مليار دولار. إنها أعلى من رسملة الشركات الكثيرة من ضمن مؤشر Dow Jones وهو (INDEX: DJIA.INDEX). أما الايثريوم (ETH/USD) فهو العملة المشفرة الثانية من حيث الرسملة، ومنذ بداية العام ارتفع سعرها بنسبة 3600%.
لماذا تغلى العملات المشفرة بكل هذه السرعة في عام 2017
نجم النمو الملحوظ للبيتكوين والايثريوم منذ بداية العام عن العديد من العوامل الأساسية كظهور أخبار هامة بالنسبة للسوق وانفعالات المستثمرين. كما ولعبت في ذلك دورها الضجة المتعلقة بقدرة تكنولوجيا البلوكشين التي يجوز بموجبها إجراء المعاملات المالية دون وسيط بما في ذلك المصارف. والعامل الآخر هو ضعف الدولار الأمريكي الذي جعل بعض المستثمرين الباحثين عن الأدوات الاستثمارية الفعالة يهتمون بالعملات المشفرة.
فيما عدا الجوانب الأساسية أدت إلى ارتفاع أسعار العملات المشفرة بعض الأخبار. ففي أواخر أكتوبر وعدت بورصة المشتقات المالية CME Group تشغيل تجارة العقود الآجلة على البيتكوين قبل نهاية العام. كما أن وصول المستثمرين من المؤسسات إلى تجارة العقود الآجلة سيؤدي إلى زيادة السيولة والتخفيض من تطاير البيتكوين، أما CME Group فسيكون بإمكانها أن تكسب بفضل شهرة العملة المشفرة الكبرى. كما وأدى إلى زيادة شعبية العملات المشفرة الأخبار التي أفادت أن اليابان قد شرعت البيتكوين بمثابة وسيلة الدفع في شهر أبريل من هذا العام.
وكذلك أثرت على ديناميكية أسعار البيتكوين والايثريوم العوامل الانفعالية. بما أنه حتى الوقت الحالي لم تكن لدى المستثمرين من المؤسسات في الغالب إمكانية التجارة بالعملات المشفرة كان سعرها يحدده المستثمرون بالتجزئة، الذين يفسحون المجال لانفعالاتهم.
افسحوا الطريق لـ Amazon!
ولكن من بين الأخبار الأخيرة قد يكون الأكثر أعجوبة نبأ المنشور الفرعي DomainNameWire يفيد بأن شركة Amazon وهي (NASDAQ: AMZN) قد سجلت ثلاثة مجالات جديدة وهي: amazonethereum.com و amazoncryptocurrency.com و amazoncryptocurrencies.co. حسب معطيات CoinDesk تم تسجيل مجال amazonbitcoin.com منذ ثلاث سنوات تقريباً.
لأي غرض سجلت Amazon هذه المجالات؟ بأي حال من الأحوال إن الشركة دون ذلك تحصل على أموال ضخمة بفضل Amazon Web Services، ومنذ فترة اشترت شبكة محلات السوبرماركت للمواد الغذائية Whole Foods. فطيف الاتجاهات التي تطورها الشركة واسع جداً: من منصة التجارة الإلكترونية إلى الاستثمارات المتاحة في المشاريع في مجال الصحة، فيبدو أنه لا مجال أوسع من هذا.
ربما تحاول Amazon حماية علامتها التجارية كي تمنع أي شركة غيرها أو أي شخص اعتباري من الكسب من سوق العملات المشفرة في المستقبل.
عدا ذلك يجوز أنه فيما بعد ستحتوي هذه المواقع على خدمات يجوز بموجبها لـ Amazon استلام المدفوعات بالبيتكوينات أو الايثريوم. ولو أن باتريك غوتيه نائب رئيس Amazon Pay قد صرح بوضوح لـ CNBC في شهر أكتوبر أن الشركة في الفترة القريبة لا تنوي قبول البيتكوين وذلك لقلة الطلب الاستهلاكي على هذه الخدمة، ومع ذلك فموقف الشركة قد يتغير مع تزايد عدد الباعة الذين يقبلون البيتكوين بمثابة وسيلة دفع.
إذا أدت القائمة في CME إلى انخفاض السيولة فهذا قد يدفع كبار تجار التجزئة أمثال Amazon بأن يولوا وجوههم شطر البيتكوين.
عدا ذلك فبفضل السيولة النقدية الضخمة احتياطات الموارد لدى Amazon كبيرة لدرجة أنها تستطيع أن تتحمل تكاليف التجارب مع العملات المشفرة دون الخوف من العواقب السلبية.
لم يحن وقت الفرح
قبل أن نفرح من أن Amazon ستبدأ بالتعامل مع العملات المشفرة لا بد من التفكير ببعض الأمور.
أولاً إن ظهور التنظيم خبر غامض. فحين كانت CME Group تستعد لتشغيل العقود الآجلة على البيتكوين منعت الصين وكوريا الجنوبية ICO، وفيما عدا ذلك أمرت الصين إنهاء تجارة البيتكوينات في أكبر البورصات المشفرة في البلاد، كما وأعلنت عن خطط إغلاق التبادلات الداخلية بالعملات المشفرة. فإدخال التنظيم قد يدعم البيتكوين و/أو الايثريوم ومع ذلك قد يغلق أمامه أبواب بعض الأسواق الرئيسية.
تنحصر مشكلة أخرى جادة في أنه ليس لدى المستثمرين إمكانيات كبيرة للتصرف بالعملات المشفرة الموجودة لديهم. قد تستطيع بيع العملة المشفرة لقاء الدولار أو أية عملة عادية أخرى لتشتري سلع أو أية خدمات. ومع ذلك لا يوجد من بين كبار تجار التجزئة عدا Overstock.com من يقبل الإثريوم بمثابة الدفع وقليل منهم يقبلون البيتكوين. العيش على العملات المشفرة شبه مستحيل إلى أن يتغير الوضع، وهيهات أن Amazon ستجرؤ على الخطوة الحاسمة.
وأخيراً توجد دوماً مخاطرة أنه ولا أية من العملات المشفرة الكبيرة لن تدوم طويلاً، فقيمتها الحقيقية لا تنحصر في أنها وسائل متقدمة للدفع وإنما أنها تأسست على تكنولوجيا البلوكشين. في الوقت الحالي تقوم مشاريع البلوكشين على أساس Ethereum باختبار أكثر من 150 مؤسسة، أما بلوكشين البيتكوين فيبدو أنه ليس بهذه الدرجة من الشعبية حتى بعد الرفع من سعته التي يجب أن تسرع المعاملات وتخفيض النفقات. مجال دخول الصناعة ضيق جداً وهذا يعني جواز تبديل البيتكوين والايثريوم بشيء آخر.
لو أن Amazon دخلت فعلاً في صناعة العملات المشفرة لكان هذا حدثاً كبيراً بالنسبة للبيتكوين أو الايثريوم. ولكن بما أن هذا لم يحدث بعد فعلى المستثمرين إدراك المخاطر الجسيمة المتعلقة بالاستثمار في العملات المشفرة.