لماذا لن يصبح البيتكوين بديلاً عن الذهب
دونات سوروكين \ تاس
الصفحة الرئيسية مال

يبقى الذهب جذاباً لصنف معين من المشترين رغم الانخفاض الملحوظ للطلب برأي كاتب العمود لدى ‏FT‏ جون ديزارد.‏

في الوقت الحالي عملياً كل فئات الأصول في الولايات المتحدة تتعرض لاهتمام هائل من لدن المستثمرين. يتم إيداع النقود بكميات هائلة لدرجة أن الربحية المستحقة على هذا في المستقبل مشكوك فيها. ومن بين الحالات الاستثنائية النادرة هي العملات الذهبية. حسب معطيات شركة الاستشارات CPM Group خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام انخفضت مبيعات العملات الذهبية المسكوكة في الولايات المتحدة بنسبة 66,4%. دور السك في البلدان الأخرى غالباً ما لا تقوم بالإحصاء الدقيق للرواج، ولكن في بعض الحالات الخاصة يلحظ أن مبيعات العملات قد انخفضت كثيراً.

إنه انخفاض ملحوظ نوعاً ما للطلب، عدا ذلك ففي عام 2017 ارتفعت أسعار الجملة للذهب ‎(COMEX: GC)‎ بنسبة 11% تقريباً، كما وارتفع الطلب على أسهم الصناديق المتداولة في البورصة والعقود الآجلة على المعادن الثمينة.

إن الاهتمام بالعملات الذهبية تتزامن غالباً (ولكن ليس على وجه الدوام) مع المحافظة السياسية والفوضوية التحررية. كما أن سائر علامات اقتراب "نهاية العالم" ضعيفة أيضاً. في هذا العام انخفضت الطلبات المقدمة إلى مكتب التحقيقات الفدرالي على التحقق من الهوية عند شراء الأسلحة بنسبة 15% أي إلى 20,3 مليون طلب، وهذا أكثر فقط بعشرة أضعاف من العدد الإجمالي للجيش الصيني بما في ذلك جنود الاحتياط. كما أن الوضع السياسي في البلاد يجعل الحشرة الذهبية الحقيقية تظن أن الولايات المتحدة تميل أكثر وأكثر نحو السلامية والاشتراكية.

إن انخفاض الطلب على العملات الذهبية ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها تجار المعادن الثمينة. في هذا العام رفعت النيابة العامة الفدرالية بميامي القضية ضد ثلاثة موظفي NTR Metals مصنع معالجة الذهب المحلي. وقد اتهموهم بالمؤامرة بغرض غسل المال. اعتبرت النيابة العامة أنهم أخفوا نشوء وأصحاب "الذهب بمبلغ مليارات دولارات الذي قبضوه بطريقة إجرامية". في الفترة ما بين 2012 و2015 أدخلت المجموعة إلى الولايات المتحدة المعدن الثمين بمبلغ 3.6 مليار دولار. اعتبر أن الذهب قد تم استخراجه من مناجم غير شرعية وكذلك حصل عليه من تجار مخدرات ببيرو وبوليفيا والإكوادور.

لقد تم اتهام الرجال لكن الحكم لم يصدر بعد. هذا قد يكون صفعة لسوق الذهب في ميامي وذلك لأن المشاركين فيها قد يحسبوا أن المجرمين قد تعاونوا مع التحقيق، وهذه ليست أخبار سارة لشركائهم في الأعمال وزملائهم في الصناعة. إذا حكمنا من خلال كل هذا فإن السلطات الفدرالية متأكدة أن نشاط NTR Metals ليس إلا قطرة في بحر الإتجار غير المشروع للذهب الذي تزايد كثيراً في الآونة الأخيرة.

ميامي من أكبر الولايات من حيث استيراد الذهب في أمريكا. يأتي الجزء الأساسي من السبائك من أمريكا اللاتينية. وقد استخدم تجار المخدرات المعدن الثمين منذ البداية لغسل دخولهم، ولكن منذ خمس سنوات أدركوا أن تجارة الذهب بصورة غير شرعية مربحة أكثر بكثير. فبخلاف مهربي الكوكايين يستغل مصدرو الذهب افتراض الشرعية.

الأمر ليس فقط في أن المعدن تابع لأرباب المخدرات لذا فهم لا يعلنون عن عوائدهم في بلادهم. يتم استخراج الجزء الأساسي من قبل العمال في ظروف سيئة جداً، أما الطرق الخشنة للتنقية فتضر البيئة المحيطة كثيراً.

حسب العادة القانون يعمل ببطء ولكن بلا هوادة. لا بد أن السلطات الفدرالية مستاءة من بلوغ التجارة غير الشرعية للذهب هذا الحجم لذا تحاول الآن التعويض عما فاتها من الوقت.

بالطبع الناحية الأخرى تتطور أيضاً، أما الاعتقالات والإدانات فعجزت عن وضع حد لتجارة المخدرات، لذا فقضية NTR Metals مثلها مثل سائر الملاحقات لن تقطع الاستيراد غير القانوني للذهب. كما أن الصعوبات الفنية تحول دون اكتشاف أصل الذهب للسهولة النسبية في تنقيته من الشوائب. وفيما بعد سيمر الذهب عبر الدول الأقل "انتباهاً" حيث المنتجون المرخصون أكثر "فهماً".

في السابق كانوا يظنون أن المعدن الثمين قادر على تبديل البيتكوين ‎(Bitcoin: BITCOIN)‎ وغيره من العملات المشفرة، لكن الأمر ليس كذلك. توجد أمثلة على التحقيق الناجح في الجرائم المتعلقة باستخدام العملات المشفرة، وبالفعل إن تبديل كميات ضخمة من العملات الرقمية بالمال الكلاسيكي أو حتى الذهب أصعب بكثير.

يمكن دوماً إيجاد طريقة بيع الذهب بـ100 مليون دولار، ولكن كيف يتم تحويل البيتكوين إلى نفس المبلغ بالدولار أو وضعه على الحساب المصرفي؟

بكلمة أخرى ستبقى تجارة الذهب والعملات الذهبية غير الشرعية كما هي. قال جيفري كريستيان الشريك الإداري لدى CPM Group أن انخفاض المبيعات في دار السك بالولايات المتحدة بنسبة 66% لا يعني أن المستثمرين يشترونها بكميات أقل، بل انهم يشترونها في السوق الثانوية.

حسبما قال إن طلب المستثمرين الإجمالي على العملات أعلى بمرتين من الطلب على منتجات دور السك.

ومن أسباب ذلك رغبة المستثمرين في التوفير على النفقات. تبلغ العمولة الإدارية لصندوق البورصة 0.4% من صافي سعر الأصول في السنة، وستكلف كل عملية البيع والشراء عشرات النقاط الأساسية. في حال شراء العملات الذهبية من التاجر مباشرة لا بد من دفع الرسوم الزائدة 3-4% (أو أضعاف ذلك في السوق السوداء). بكلمة أخرى قد تؤدي التكاليف إلى فقدان الإيراد السنوي الكامل.

وفي المستقبل سيزداد قسط الذهب المروج عبر الإنترنت. كما أن لعبة صيد الفئران بين السلطات والمستوردين غير الشرعيين ستصبح متطورة أكثر، أما العملات المشفرة فيبدو أنها لن تبدل المعدن الثمين في عملية غسل المال.

المصدر: Financial Times

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق