إذا استوعبت ولو ثلاثة من البنود الخمسة سبقت كثيراً معظم الناس.
نسيم طالب هو أحد أبرز مفكري عصرنا. غالباً ما يحدث أن الآراء التي يعبر عنها تبدو غريبة للوهلة الأولى، لكن الزمن يظهر أنه كان على حق.
قبل أن ينشر نسيم طالب أفضل كتبه ("المخدوعين من قبل الصدفة"، "البجعة السوداء"، "عكس الهشاشة") كان تاجراً وحصل على ملايين من رهانه على الأحداث النادرة ولكن مهمة بالنسبة للسوق، بما في ذلك "الاثنين الأسود" في عام 1987.
سيتم نشر كتاب طالب القادم بعنوان "المخاطرة الشخصية" (Skin in the Game) في نهاية شهر فبراير فقط ، ولكن بما أنه ينشر علناً مسودات الفصول في Medium لدينا إمكانية التعرف عليها. في هذا الكتاب يسلط الضوء على دائرة واسعة جداً من المواضيع، فنقدم خمسة مواضيع تهم المستثمرين أكثر من غيرها.
لا تخلط بين عائد السوق ومحفظتك
من الخطر توقع دخلاً مماثلاً للذي كان في السوق سابقاً
كتب طالب: "إذا كان على المستثمر في نهاية الأمر تخفيض مبلغ الاستثمار بسبب ظروف الحياة كالزواج أو الخروج إلى التقاعد، فهذا يعني أن دخله لن يعادل دخل السوق".
نستنتج من ذلك ظرفين هامين: أ) كل واحد منا يحتاج إلى حصالة تكفيه نصف عام في حال عدم وجود دخل، ب) لا داعي لاستثمار الموارد التي قد تحتاج إليها في السنوات الخمس القريبة، وإلا ستضطر عاجلاً أم آجلاً كاسفاً وآسفاً على إعادة الموارد من السوق وفقدان الربح.
معظم التحريفات الإدراكية ليست بتحريفات إدراكية
نسمع ونستخدم تعابير جميلة مثل "خوف من الخسارة" و"تأثير الربط" وكلها مكرسة لتفسر لنا أسباب الأخطاء في الاستثمار.
يقول طالب بكل بساطة: "برأيي ليس هنالك ثمة خوف من المخاطرة".
إنه يقصد أننا نقوم بترشيد القرارات بعد حدوث الحوادث، ففي البداية نقوم باختبار متغيرة واحدة في ظروف مخبرية ومن ثم نستنبط النتائج في العالم الواقعي وهنا تبدأ المشاكل. خلال كل تاريخ البشرية كان الذي "يخاف من المخاطرة" أي يتصرف وفقاً لمفاهيمنا الحالية "بصورة غير عقلانية" يتمتع بفرص أكثر للبقاء ونقل مورثاته لذريته.
وهذا يؤدي إلى الاستنتاج المذهل التالي:
"العقلانية هي ليست الشيء الذي له تفسير لفظي وإنما هي فقط ما يساعد على البقاء ويحمي من الإفلاس. العقلانية هي التحكم بالمخاطر ولا أكثر".
ويكمل طالب متكلماً عن الأسهم على وجه التحديد:
"السوق هي عبارة عن دار سينما ضخم ذات باب صغير. إذا تذكرنا هذا يصبح من السهل تمييز الشخص الذي لا يفهم أبداً فيما يتحدث عنه (كالصحفي المالي المتوسط)، فهو حتماً ينظر إلى شيء واحد فقط، إما إلى حجم الباب وإما إلى حجم دار السينما".
هنا لا بد من العودة إلى بندنا الأول: إذا ليس لديك احتياط نقدي ستحاول في فترة الانهيار المرور عبر ذلك الباب الصغير بعواقب وخيمة لمحفظتك".
المخاطرة ليست بمشكلة ما دامت غير مميتة
لا يقصد طالب أنه لا ينبغي علينا المخاطرة أبداً، وإنما يقصد أنه لا ينبغي تحمل المخاطر التي قد تكون نهايتها كارثية. علينا العيش بحيث أن الأخطاء المحتملة تجلب عواقب جادة لدرجة أنه يكون بوسعنا التعلم منها، ومن جهة أخرى يجب ألا تكون عواقبها جادة جداً وإلا ستشيع جثماننا.
كما وكتب: "القفز من الدكة في الطفولة شيء ممتع، أما القفز من الطابق العشرين فهيهات أنك ستجد فيه نفس المتعة. الإصابات الطفيفة قد تكون مفيدة، ولكن الطفيفة فقط. نعم يمكن أن نسمي الخوف من بعض الأحداث بالذعر، ولكن ليس من كلها. فالمخاطرة شيء والسير على حافة الجرف شيء آخر".
ابحث عن البساطة والمصلحة الشخصية في اللعبة
بالطبع نستميل للحلول الاستثمارية المعقدة وذلك لأننا غالباً ما لا نميز بين البساطة والسهولة. عند ذلك آلية الحصول على الرأسمال بسيطة جداً: يجب أن تنفق أقل مما تكسب, ومن ثم تستثمر الفرق، وانتهى الأمر. المشكلة واحدة فقط: من الصعب بيع كتاب عن الاستثمارات الذي يحتوي على جملة واحدة فقط.
كتب طالب: "الناس الذين يُنتقون ويُدفع لهم لقاء البحث عن حلول معقدة ليست لديهم أية دوافع للدعوة إلى حلول بسيطة. إذا كنت بحاجة إلى نتيجة فلا تدفع قط لقاء صعوبة التوصل إليها".
لهذا السبب من المهم جداً عند قراءة نصيحة استثمارية قراءة شيء ما عن صاحب هذه النصيحة. إذا كان هذا الشخص يعرض فكرة ما ولم يشارك فيها شخصياً وعموماً لا يمتلك أي سجل حافل فكر مرتين هل يستحق الإصغاء إليه.
من أجل ماذا تصبح ثرياً
في عالم طالب الهدف النهائي هو ليس الثروة وإنما الحرية، لذا يفضل أن يسمي نفسه اليوم بالمتبطل. يمكن العثور في كتابه الكثير من الأماكن حيث يظهر موقفاً غير تقليدي للثروة ومنها:
- "حين يصبح الناس أثرياء يفقدون سيطرتهم على أذواقهم وتفضيلاتهم، فيبدلونها بأذواق وتفضيلات غيرهم. إنهم يعقدون حياتهم دون حاجة فيملؤونها بالمعاناة".
- "أنا متأكد أن أفضل معيشة لمعظم الناس حين يحيط بهم ناس من أمثالهم وفي الأحياء حيث يرون جيرانهم ويشعرون بدفئهم. ومع ذلك حين يكسبون المال ينتقلون تحت ضغط المجتمع إلى قصور عديمة الحياة والدفء حيث لا يسمعك أحد من الجيران".
- "يمكن تحديد الحرية كدرجة من درجات الاستقلال عن تقدير الغير"
هذه الدروس مكرسة لتجعلنا ليس فقط أفضل مستثمرين بل ولتساعدنا كذلك على إدراك الهدف الذي نسعى إليه.