يساعد جلب الموارد بالعملات المشفرة على التهرب من الأحكام التي أقرها النظام المصرفي العالمي لمقاومة تمويل الإرهاب وغسل المال.
حين أرادت منظمة "الصدقة" التي تقوم "بالدعم المتعلق بالجهاد" أن تحسن من الظروف المعيشية لدى المسلحين في سوريا في نهاية العام الماضي التجأت إلى طريقة تمويل جديدة ألا وهي البيتكوين.
كتب ممثلوها في ماسنجر Telegram ما يلي:
"في الوقت الحالي لا يوجد ملجأ لحماية الغذاء والذخيرة من المطر".
يوجد في Twitter "الصدقة" مقطع فيديو حيث تعرض أرضية قذرة مغطاة بالبطانيات وعليها أكياس خبز وقنابل يدوية. ينتهي المقطع بالدعوة: "تبرعوا بشكل مجهول بواسطة العملة المشفرة" وعنوان محفظة البيتكوين. حتى الآن جمع الفريق حوالي ألف دولار.
منذ فترة أثار جمع العملات المشفرة من قبل مجموعات جهادية انتباه السلطات الأمريكية. في شهر يناير قدم النائب تيد باد مشروع قانون حول إنشاء قسم هادف لمكافحة استخدام العملات المشفرة من قبل الإرهابيين. كما وصرح وزير المالية ستيفن منوشين أثناء إلقاء كلمته أمام اللجنة المصرفية لمجلس الشيوخ بأن ديوانه يخطط للقيام بالتحقيق المناسب.
في غضون ذلك تزداد شعبية العملات المشفرة بين الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط. منذ فترة في هذا الشهر قامت "الحقيقة" وهي القناة التلفزيونية لدى "القاعدة" بضم برنامج Tech Talk حيث يحدثون عن أسس البيتكوين إلى شبكة البث.
تستغل الجماعات الإرهابية والأشخاص المتعاطفون معها مشكلات التشريع. فالعملات المشفرة تساعد على تجنب الحدود التي وضعها النظام المصرفي العالمي بغرض مكافحة الإرهاب وغسل المال. قال حسن عبده ممثل "الصدقة" ما يلي:
"العملات المشفرة سريعة وفعالة وتساعد على تخفيض النفقات كثيراً والتهرب من المراقبة بخلاف وسائل المدفوعات المعتادة. وهكذا نحن وممولونا نحافظ على مجهولية كاملة".
يقوم يايا فانوسي المحلل الأسبق في وكالة المخابرات المركزية ومدير المركز التحليلي لمكافحة الإرهاب Foundation for Defense of Democracies منذ أشهر بمراقبة حسابات البيتكوين لدى "الصدقة". حسبما قال من الصعب التأكيد على حقيقة جماعات كهذه في الشبكة وذلك لأنهم يتسترون تحت أسماء مستعارة ويستخدمون تكنولوجيا خاصة لحماية البيانات الشخصية. قال مايل سميث موظف مركز الأبحاث New America القائم بدراسة التسلح التكنولوجي للإرهابيين ما يلي:
"من المحتمل كثيراً أنهم يحاولون ليس مجرد جلب مائة مائتين دولار بل وإنشاء شبكة كاملة من المتعاطفين".
برأي فانوسي وسميث يقف وراء "الصدقة" وجمع العملات المشفرة منحدرون واقعيون من الشرق الأوسط. يقول ممثل الجماعة أن أعضاءها موجودون في شمال سوريا، أما موقعهم فيؤكد أنها لا تدعم داعش وأعضائها.
في السابق كانت هنالك حالات استخدام العملات المشفرة لتمويل داعش. في عام 2015 تم اتهام مراهق من فرجينيا ألا وهوعلي شكري أمين بالمؤامرة الهادفة تقديم إعانة مادية لمنظمة إرهابية أجنبية. مع أنه فقط كتب في Twitter كيف تحول البيتكوينات إلى حساب تلك الجماعة. حكمت المحكمة الفدرالية على أمين بالحبس مدته 11 سنة.
تؤكد حكومة الولايات المتحدة أن زوبيا شاهناز فنية من نيويورك سرقت في العام الماضي من المؤسسات المالية أكثر من 85 ألف دولار فحولتها إلى عملات مشفرة وأرسلتها إلى أشخاص مرتبطين بداعش على حساب شركات زائفة في الصين وباكستان وتركيا. اتهمتها النيابة العامة بالاحتيال وتمويل الإرهاب وغسل المال.
يؤكد ممثل "الصدقة" حسن عبده أن المنظمة إلى الآن ليس لديها ملتزمين في سوريا يتعاملون مع العملات المشفرة، ويشدد على أن التبرعات تأتي من أرجاء العالم المختلفة تماماً.
تستخدم العملات المشفرة مثل البيتكوين السجل الرقمي المسمى بـ"البلوكشين". توفر عمله شبكة متفرعة من الكمبيوترات. يمكن تبادل العملات المشفرة دون مشاركة المصارف والبورصات التي يتوجب عليها شرعياً تحديد هويات العملاء. قال أركادي بوخ محامي من نيويورك كان يمثل سابقاً مصالح المشتبهين بالإرهاب وهجمات القراصنة ما يلي:
"أكاد أسمي هذا بالثورة في غسل المال".
البلوكشين شفاف تماماً بيد أنه من الصعب إلى حد ما التعرف على شخصيات أصحاب البيتكوينات. أما في سائر العملات المشفرة المحمية أكثر فيتعذر ذلك تماماً. يعتبر فانوسي أن السلطات تأخرت كثيراً في تنظيم العملات الرقمية.
وقد عرف مروان خياط موظف Middle East Media Research Institute من المركز التحليلي لواشنطن الذي يقوم بمراقبة النشاط عبر الإنترنت لدى الجهاديين عن جمع موارد من قبل جماعة "الصدقة" لأول مرة في شهر نوفمبر. كانت المنظمة تجمع البيتكوينات على "تحسين الظروف المعيشية" بما فيها دورات المياه الجديدة لكي "لا يضطر الإخوان على الذهاب إلى تحت الأشجار للتبول والتغوط، ففي بعض الأحيان يكون هذا صعباً جداً".
يستطيع المستخدمون بواسطة بورصة العملات المشفرة تحويل العملات الرقمية إلى العادية وإخراجها إلى بطاقة بلاستيكية مرتبطة أو حساب مصرفي ومن ثم سحبها من صرافات آلية عادية.
في شهر نوفمبر نشرت "الصدقة" فيديو في قناة Telegram حيث يظهر سقف جديد وجدران وتحصينات. قال شخص متلثم:
"حالياً يأكل وينام إخواننا في ظروف أفضل بكثير من السابق".
منذ ذاك الحين وسعت المنظمة نطاق نشاطها كثيراً. كما ونشرت بلاغاً مع رابط إلى بطاقة صرافات آلية البيتكوين وبدأت تستلم التبرعات بالعملات المشفرة المحمية أكثر من البيتكوين.