في الآونة الأخيرة تعاني الأسواق المالية من الحمى بسبب المخاوف بشأن الحرب التجارية المحتملة بين الصين والولايات المتحدة. معظم الأصول الكلاسيكية ترد على ذلك كالعادة: الأسهم ترخص والذهب يغلى، لكن تسعيرات البيتكوين – الذي كان يمثل عادة أصلاً وقائياً – ما زال ينهار. لنحاول أن نفهم ما هو السبب.
الأزمات السابقة
في الوقت الحالي يختلف تصرف البيتكوين وهو (Bitcoin: BITCOIN) عن النموذجي، إذ في العادة كانت العملات المشفرة تغلى رداً على عدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي الكلي.
فمثلاً في بداية عام 2013 ارتفع سعر البيتكوين بأكثر من 80% أثناء الأزمة المتعلقة بالتوازن المالي في قبرص. بعد مضي سنوات ارتفع سعر هذه العملة المشفرة من جديد بسبب المخاوف بخصوص احتمال خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي.
المسألة بمليون
إذا كانت العملات المشفرة في السابق تربح من الأزمات فلماذا تنخفض هذه المرة رغم خطر حدوث الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين؟
أسهل جواب على هذا السؤال ظاهر: في السابق كان البيتكوين يلعب دور الأصل الوقائي ولكنه اليوم فقد هذه المكانة.
برأي ماتي غرينسبن كبير المحللين في السوق من المنصة الاجتماعية التجارية eToro يجوز تفسير هذا بسيولة البيتكوين غير الكافية بالمقارنة مع الذهب وهو الأصل الوقائي الآخر، وقد قال:
"الأصول التقليدية كالذهب لها إمكانيات أكثر بكثير لتحقيق السيولة. إنها تساهم في تدفق الموارد من الأسهم والسندات وصناديق الصرف المتداولة في البورصة. أما البيتكوين فليس له بنى تحتية مماثلة ما يعقّد كثيراً عملية إخراج الموارد لنَقُل من الأسهم ومن ثم استثمارها في العملات المشفرة".
تقلب البيتكوين العالي
البيتكوين معروف بتقلبه وهذا يضر بمكانته كأصل وقائي، هذا ما أشاد إليه إداري صندوق العملات المشفرة جاكوب إيليوسوف، حين قال:
"يحافظ البيتكوين على عدم استقراره الشديد سواء كانت هزاته اليومية (أو حتى الساعية) في السوق أو في مآسيه وأزماته الداخلية الخاصة. لذا حتى الآن لا يمكن أن نسميه ملاذاً آمناً من الصدمات العالمية.
يشير إيليوسوف إلى الارتفاع الحاد للأسعار في عام 2017 ويشيد أن الديناميكية من هذا النوع جعلت التعديل العميق "لا مفر منه".
بسبب التقلب العالي يبقى البيتكوين أصلاً خطراً، هذا ما يعتبره تشارلز هايتر المؤسس المشارك والمدير العام لمنصة العملات المشفرة CryptoCompare. حسبما قال في بعض اللحظات تمثل العملات المشفرة أصلاً وقائياً فعلاً ومع ذلك تبقى محفوفة بمخاطر كثيرة.
قاعدة المستثمرين الجديدة
من بين أسباب فقدانه لمكانة الأصل الآمن سبب قد يتعلق بالتغيرات الملحوظة في تركيب المستثمرين. ففي السابق كان المشترون الأساسيون للعملات المشفرة يمثلون فئة معينة من الناس وهم المهوسون بالتقنية والمدافعون عن الحريات. قبل كل شيء تستميلهم الميزة اللامركزية.
بيد أنه أدت موجة الاهتمام بالعملات المشفرة خلال السنوات الأخيرة إلى زيادة رسملتها السوقية الإجمالية. قال تشارلز تورنغرن المدير العام لـ Noble Alternative Investments ما يلي:
"لقد تغيرت قاعدة المستثمرين في البيتكوين، فقد تطورت وتضمنت طبقات اجتماعية جديدة. أولئك الذين أودعوا المال في الأسهم فقط يبحثون الآن عن الإمكانيات في أصول أخرى على خلفية تزايد عدم الاستقرار في الأسواق الكلاسيكية".
يعتبر تورنغرن هذه التغيرات إيجابية ويشيد أن المستثمرين الجدد يساعدون على تحقيق استقرار سوق البيتكوينات ويرفعون من شرعية العملات المشفرة عموماً.