التقلب ليس المصيبة الوحيدة التي داهمت سوق العملات المشفرة في هذا العام. لقد انكشفت عدة مشكلات كبيرة زرعت الشكوك في السوق وكذلك أثرت سلبياً على سعر بعض الأصول. نقدم ثلاث مشكلات متعلقة بالعملات المشفرة التي لا يجوز تجاهلها أبداً.
1. مشكلة الإثبات على حيوية المفهوم
البلوكشين هو سجل رقمي موزع مسؤول عن التسجيل الشفاف للمعاملات التي تتم دون مشاركة الوسطاء مثل المصارف. ببساطة إنها طريقة تحويل المال والبيانات دون استخدام الشبكات المصرفية التقليدية.
كل تطور البلوكشين معتمد على التصور بأن المنظومة المصرفية الموجودة – التي تستغرق معاملاتها فترة تصل إلى خمسة أيام عمل كما تقبض المصارف عمولات كبيرة لقاء الوساطة – لا تلبي حاجات المستهلك.
أما البلوكشين يزيل هذه العيوب إذ إجراء المدفوعات أسرع بكثير (وفي الحالة المثلى في نظام الوقت الحقيقي) ويستثني المصارف من المعادلة، وبفضل هذا كمية العمولة تنخفض إلى حد كبير.
يبدو هذا كفكرة شيئاً ممتازاً، وقد وجدت شركات كثيرة مستعدة على اختبار البلوكشين في عروض تجريبية ومشاريع صغيرة. تنتمي إلى Enterprise Ethereum Alliance أكثر من 250 مؤسسة من كل أرجاء العالم تختبر نسخة البلوكشين Ethereum ذات المصدر المفتوح في مختلف المجالات والشروط.
بيد أنه تبقى قضية واحدة دون حل: التدرجية للمسائل التي هي من المستوى الواقعي من الصعوبة. إذ ولو أننا رأينا أن البلوكشين ناجح في عروض تجريبية ومختلف المشاريع، ولكن لا أحد حتى الآن لم يختبر البلوكشين لحل مسائل واسعة النطاق من المستوى الواقعي من الصعوبة. والأهم من ذلك ولا أية شركة كبيرة لم تجرؤ حتى الآن على الانتقال الكامل إلى البلوكشين مع الامتناع عن الشبكات الموجودة.
المشكلة: لا تريد الشركات الانتقال إلى البلوكشين ريثما يبرهن على أنه يتمتع بالتدرجية لحل المسائل في العالم الواقعي، ولكن ليس ثمة أية إمكانية للتثبيت على أن البلوكشين لديه هذه التدرجية قبل أن تنتقل إليه أية شركة كبيرة. وقبل أن يتم حل هذه المشكلة سيبقى الرهان على البلوكشين استثماراً محفوفاً بالمخاطر.
2. مشكلة التنظيم
وها هي المشكلة الأخرى التي بسببها يعض المستثمرون في العملات المشفرة على أصابعهم ألا وهي قضية التنظيم.
منذ شهر يناير تحاول العملات المشفرة مثل البيتكوين أن تتظاهر بالرضى وذلك لأنه ثمة دول بدأت التنظيم في مجال العملات المشفرة. مثلاً في شهر يناير أعلنت كوريا الجنوبية أن المصارف عليها التأكيد على شخصية كل العملاء إذا كانت حساباتهم متعلقة ببورصات العملات المشفرة. بكلمة أخرى سكان كوريا الجنوبية الذين يريدون شراء المزيد من العملة المشفرة لم يعد ممكناً لديهم الاعتماد على عدم الكشف عن الهوية.
وفي الولايات المتحدة أيضاً اشتدت المطالب تجاه شفافية الصفقات كهذه. ففي شهر نوفمبر فازت دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية الدعوى ضد بورصة العملات المشفرة واسعة الشعبية Coinbase بإجبارها تحويل كل البيانات حول المستخدمين الذين عقدوا في الفترة الممتدة ما بين 2013 و2015 الصفقات بالبيتكوينات بمبلغ يزيد عن 20 ألف دولار. بما أنه خلال هذه الفترة كان يقدم سنوياً فقط 800-900 إقرار ضريبي التي أعلن فيها عن قبض ربح، يظهر أن دائرة الإيرادات الداخلية قد قررت بجد أن تدبر أمر تجار العملات المشفرة المتهربين من دفع الضرائب.
بعد إقرار القانون حول الإصلاح الضريبي والذي أغلقت بموجبه كل البورصات من هذا النوع، أصبح مفهوماً أن الولايات المتحدة تريد أن تجعل الوضع مع العملات الافتراضية أكثر شفافية.
حين أصبحت العملات المشفرة لأول مرة موضوع الاهتمام من لدن المستثمرين كانت تعتبر أهم أفضليتها هو عدم الكشف عن الهوية. كانوا يعتبرونها العملة التحررية المثالية. بيد أنه حين تدخلت الهيئات الإشرافية في الأمر كثير من هذه العملات فقدت جاذبيتها.
المشكلة: لكي تؤخذ العملات المشفرة محمل الجد وكي يكون لديها مستقبل لا بد من تنظيم ما. بيد أن التنظيم يقوض هذا المبدأ الأساسي الذي تستند عليه العملات الافتراضية والذي شد انتباه المستثمرين قبل غيره. سيكون اختيار خير الأمور التي هي أوسطها بين ضرورة التنظيم والرغبة في الاستقلال صعباً جداً.
3. مشكلة التعدين
وأخيراً تنحصر مشكلة جادة أخرى في أن منتجي بطاقات الفيديو NVIDIA و Advanced Micro Devices يجب في يوم من الأيام أن يقدموا تنازلات للمستهلكين.
تعدين العملة المشفرة هو من أهم العمليات التي توفر تحقق المعاملات في البلوشكين. يشارك فيه الناس أو الخدمات ذات أجهزة الكمبيوتر عالية القدرة التي تتنافس فيما بينها على حق بأن تكون أول من حل المعادلات الرياضية المعقدة والتي هي جزء من التشفير الذي يحمي المعاملات من القراصنة. أول من يحل هذه المعادلات ويؤكد على مجموعة المعاملات المسماة بالوحدة يقبض "مكافأة على الوحدة"، وتدفع هذه المكافأة بتوكنات العملة المشفرة المستخرجة، وهكذا بالذات يكسبون المعدنون لقمة عيشهم.
ليست كل العملات المشفرة مركبة بهذا الشكل، ولكن الأربع أكبرها وهي البيتكوين وهو (Bitcoin: BITCOIN) والاثريوم وهو (BITFINEX: ETH/USD.BITFINEX) و Bitcoin Cash وهو (EXANTE: BCH.EXANTE) واللايتكوين وهو (BITFINEX: LTC/USD.BITFINEX) تستخرج من قبل المعدنين. التعدين هي عملية متوترة جداً وتنفق عليها كمية هائلة من الكهرباء، لذا فهي تحتاج إلى معدات جادة. فالبيتكوين مثلاً يحتاج إلى معدنات ASIC الخاصة (وهي مخططات تكاملية لغرض خاص)، أما تعدين سائر العملات المشفرة فيحتاج إلى وحدات معالجة الرسومات.
المشكلة: بسبب التعدين ارتفعت أسعار بطاقات الفيديو كثيراً ما جاء بربح لـ NVIDIA و AMD ولكن أثار غضب المشترين الأساسيين وهم اللاعبون ورجال الأعمال. يجب أن تحدد NVIDIA و AMD مشاريعها المقبلة: إما أن لا تفعل شيئاً وتدع العرض والطلب يحددان سياسة التسعير بأنفسهما، ما قد يؤدي إلى فقدان جزء من العملاء الأساسيين، إما تصدر بطاقات الفيديو الخاصة لتعدين العملات المشفرة فتحرم من قسطها من الربح العالي المقبوض إثر جنون التعدين. لكلتا الشركتين هذه الحالة هي عدم الفوز.