شارك أتوليا سارين أستاذ المالية من جامعة سانتا كلارا رأيه لماذا تمثل شعبية البيتكوين خطراً عليه.
سيصبح البلوكشين حتماً التكنولوجيا السائدة في مجال الاقتصاد والمالية. تكاد تنعدم الشكوك في ذلك مثلها مثل في أن العملات المشفرة ستغدو مع الزمن وسيلة الدفع اليومية بالنسبة لنا. ولكن يوجد شيء لا يمكن التأكيد عليه ألا وهو أية عملة مشفرة بالذات ستسود في السوق: البيتكوين وهو (Bitcoin: BITCOIN) أم أحد منافسيه؟
يتمتع البيتكوين – بصفته العملة المشفرة الأولى – بأفضلية لا ريب فيها، لكن التاريخ يتذكر الكثير من الأحداث حين كان القرار الأصلي يفسح الطريق للتقليد.
من يتذكر اليوم Webvan؟ ومع ذلك هي الشركة الأولى التي حاولت فتح متجر المواد الغذائية في الإنترنت، زد إلى ذلك لقد بلغت قيمتها التقديرية في عام 2001 تقريباً 5 مليارات دولار.
والمثال الآخر Myspace شبكة التواصل الاجتماعي الأولى ولكنها لم تصمد أمام التنافس مع Facebook والمنصات الأخرى التي جاءت بعدها.
تصور قصة Webvan مصير البيتكوين المحتمل. أدى التقييم العالي إلى توقعات مبالغة من لدن المستثمرين والتوسع غير المضبط ومن ثم الفشل. البيتكوين أيضاً يعاني من التوقعات المبالغ فيها، فمنذ فترة وجيزة كان سعر العملة 20000 دولار وهذا كثير جداً بحد ذاته، أما المضاربون أمثال الأخوين وينكلفوس فيستمرون في إثارة الضجيج مؤكدين أن سعر العملة المشفرة سيتجاوز في المستقبل المنظور 300000 دولار.
ليس من باب العجب أن السعر المستقر (والذي ما زال عالياً إلى حد ما) بحدود 7000-8000 دولار قد خيب آمال المستثمرين. مع الأسف هذه الخيبة قد تعني أن البيتكوين قد أوشك على الانتهاء.
في كل الأسواق التنافسية يتشكل ثمن المنتج من تكاليف الإنتاج والقيمة المضافة. ويمكن للثمن أن يكون أعلى من ذلك فقط في حال عجز سائر المشاركين في السوق لسبب ما عن إنتاج منتج مماثل، لنقل إذا كانت لديك علامة تجارية فريدة أو امتياز فريد والإنتاج من دونهما مستحيل.
لا يمكننا أن نقول شيئاً من هذا القبيل عن البيتكوين وسائر العملات المشفرة المستخرجة بطريقة التعدين. من أجل إنتاج البيتكوينات يكفي الإلمام الفني الأساسي. وهذا يعني أن سعر العملة المشفرة يمكن أن يكون أعلى بقليل من تكاليف التعدين كي يستطيع المشاركون في السوق استرجاع استثماراتهم وجهودهم المبذولة. زد إلى ذلك أن حتى هذا يكون صحيحاً فقط في حال إذا اعتبرنا أن البيتكوين يتمتع بقيمة واقعية تزيد عن قيمة تعدينه.
جذب الصعود الهائل للبيتكوين الكثير من المستثمرين إلى هذه العملة المشفرة ولكن بمعنى ما كانوا محكومين بالخيبة، ففي تلك الآونة ارتفعت قيمته السوقية سعر التعدين بشكل ملحوظ. من البديهي تماماً أن المستثمرين الذين اشتروا البيتكوين وهو في ذروة سعره خسروا أموالهم.
ولكن على المدى الطويل يوجد واقع أهم من ذلك ألا وهو أن التغير الحاد للسعر قد أثر على فرقة المعدنين. لقد جذب السعر العالي ووجود سوق العقود الآجلة إلى البيتكوين اللاعبين المهتمين بالربح الفوري فقط ، وحينما بدأ السعر ينهار تركوا اللعب بالطبع.
من المهم الإدراك أن تكاليف الاستخراج هي ليست بمبلغ ثابت، إذ مع ارتفاع الأسعار يأتي معدنون جدد إلى السوق ، فتزداد النفقات نظراً لتوزيع المكافأة بين عدد أكبر من المشاركين. وعلى نحو مماثل حين ينخفض سعر البيتكوين تنخفض تكاليف التعدين. بيد أن عدد المعدنين يجب ألا ينخفض إلى ما دون المستوى المحدد وإلا لن تكفي قدرة الحوسبة ليؤدي البلوكشين وظائفه.
وهنا نواجه مشكلة واقعية: إذا استمرت الأسعار في الانهيار سيتعذر التعدين فتتوقف المعاملات ويصبح البيتكوين عديم الفائدة إطلاقاً.
يقول المتحمسون أنه سبق وأن عاش البيتكوين الانهيار الحاد لسعره وهذا لم يؤثر قط على جماعة المعدنين. ولكن وقتذاك كان كل شيء مختلفاً عما هو الآن، فمعظم اللاعبين كانوا من عداد المثاليين المهتمين بالثورة الرقمية أكثر من الربح الفوري.
جذب الارتفاع السريع لسعر البيتكوين المستثمرين التقليديين الذين لا يهمهم إلا الاستثمارات المربحة، وبالطبع ساعدتهم البورصات في ذلك فوفرت للبيتكوين السيولة الإضافية على حساب إنشاء المشتقات.
فلذا الانخفاض الأخير للسعر يختلف اختلافاً جذرياً عن الأحداث السابقة، ويمكن أن يكون الانهيار الجديد للبيتكوين انهياراً أخيراً. لماذا؟
- لم يحدث سابقاً أن البيتكوين قد رخص بهذه الشدة (في القيم المطلقة) مثل الانهيار الذي حدث منذ فترة.
- المستثمرون الذين استثمروا في البيتكوين أثناء ذروة قيمته بالكاد سيعودون إليه في المستقبل المنظور.
- ظهرت لدى البيتكوين سوق العقود الآجلة ما أجاز للمعدنين المحتملين تقدير الربح الممكن قبل الحصول على المعدات. إذا جاز شراء البيتكوين في سوق العقود الآجلة بمبلغ أقل من نفقات التعدين الجارية فلماذا أقوم بالتعدين بالأساس؟
كل هذا يدل على أنه إذا انخفض سعر البيتكوين دون سعر التعدين فإنه سينخفض إلى الصفر. لا شك أن هذا لن يكتب النهاية لكل التكنولوجيا لكن البيتكوين نفسه يمكن أن يصبح ضحية نجاحه.
رأي المؤلف قد لا يطابق موقف هيئة التحرير