ماذا يوضحه لنا الاستطراد المختصر إلى تاريخ العروض الأولية للتوكنات الرقمية.
سمح تطور منصة Ethereum وظهور معيار ERC-20 للكثير من مشاريع البلوكشين أن تشكل نظمها البيئية الخاصة بها. لقد حازت على إمكانية جمع المال خلف نطاق العالم المالي التقليدي بعرض التوكنات. بدأ مفهوم ICO يكتسب قوة في عام 2016، أما عام 2017 استحق تسمية عام العرض الأولي للقطع النقدية. من أجل الفهم ما الذي يحدث مع ICO اليوم لا بد من المقارنة بين نتائج هذا العام والعام الماضي. كيف تشعر سوق العرض الأولي بنفسها في ظروف انهيار أسعار العملات المشفرة؟ هل تتوسع قاعدة المستثمرين أم أنهم يهربون من السفينة المشرفة على الغرق؟
منذ بداية هذا العام وفي سير جولات ICO التمهيدية والأساسية تم استجلاب أكثر من 10 مليارات دولار. من أجل المقارنة خلال كل عام 2017 تم جمع 3 مليارات، وحسب التقديرات الأخرى بلغ المبلغ حوالي 6-7 مليار.
بكلمة أخرى مضت فقط ستة أشهر بيد أن حجم التمويل ازداد على نتائج العام الماضي بثلاثة أضعاف. وهذا يدل على طبيعة سوق الانخفاض الحالية ويظهر أن أسعار البيتكوين ليس من الضرورة تعكس الثقة بالبلوكشين ومشاريع العملات المشفرة.
منذ بداية العام تم إجراء 469 ICO، وفي شهر مايو وحده تم 126 عرض. من الغريب أن الجزء الأساسي من المال قد تم جمعه في شهر مارس وهو أكثر من 3 مليارات دولار.
تتزعم حجم الأموال المستجلبة Telegram و Petro (التوكنات النفطية لحكومة فنزويلا). كما واشتهرت كذلك ICO شركات Bankera و Hubei token و Envion ويمكن الاستنتاج بفضل التحليل ما هي أنواع العروض التي ستشتهر في المستقبل. تبدأ الصناعات المالية والاتصالات تنفتح أمام الموجة التكنولوجية الجديدة. من الجائز أن إفلاح Telegram في إصدار توكناتها الخاصة سيجعل سائر شركات الاتصالات تجري مجراها.
يشير الرجوع الموجز إلى التاريخ أن مستوى التفاؤل في السوق لا ينخفض (وذلك إذا قدرناه بكميات الأموال المستجلبة). في عام 2016 تم 43 عرض، وقد أودع المستثمرون إجمالا إلى مختلف المشاريع 93 مليون دولار. بات نوفمبر أكثر ربحية إذ تم استجلاب 20 مليون، وتزعم ديسمبر من حيث كمية ICO.
في عام 2017 بلغ العدد العام لـ ICO حوالي 210، وفي شهر ديسمبر وحده تم إجراء 45 عرض بمبلغ عام زاد عن مليار دولار. آخذين بالحسبان الغلاء السريع للعملات المشفرة في العام الماضي هذه الأرقام لا تثير الدهشة. يشير نمو حجم الأموال المستجلبة عام 2018 إلى أن هذه التكنولوجيا قد تولت مكانة مستقلة في السوق وتتطور باطراد. قد نصبح مؤخراً شهوداً على ظهور عدد كبير من التوكنات الاستثمارية التي ستبدل الأسهم وتمثل الأقساط في الشركات. يلحظ في سوق ICO الاتجاه صوب الانتقال التدريجي من العملات المشفرة إلى الأصول المشفرة، ولهذا السبب بالذات تركز على سوق العروض الأولية الانتباه الشديد من لدن المنظمين.
وفي الختام ينبغي الإشارة إلى أن كميات لا بأس بها من المال ما زالت تودع في مشاريع العملات المشفرة. يغادر الكثير من المختصين الصناعة المالية التقليدية وينتقلون إلى صناعة العملات المشفرة. مضى نصف عام فقط بيد أن المبلغ المجمع ازداد بثلاثة أضعاف على كمية المال المودع من قبل المستثمرين في العام الماضي. كما يبدو أن انخفاض الأسعار لا يؤثر على السوق سلبياً. يتراجع المضاربون بالتدريج إلى جنب ويخلون الطريق إلى المستثمرين الحقيقيين. نأمل أن هذه العملية ستغدو أساسية لارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة.